الجمعة 2024/3/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
ابيض اسود الدولة الحضارية الحديثة وطبائع الاستبداد!!
ابيض اسود الدولة الحضارية الحديثة وطبائع الاستبداد!!
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب مازن صاحب
النـص :

في استزادة ثرية من التحليل المنهجي لما مضى من افكار عن طبائع  الاستبداد ، ركز استاذنا محمد عبد الجبار الشبوط مقالاته الاخيرة على فكرة الاستبداد ما بين سلطة وعقيدة ورجالاتهم، في مقاربة موضوعية مع هذه الطروحات المقارنة ما بين افكار الاخوان المسلمين وحزب الدعوة من خلال سرديات لما سبق وان كتب ابرز مفكريهم  في  القرن الماضي ، تبدو الصورة امام المتلقي ان هذا الاستبداد انما ينطلق من حيثيات تكوينية في الذات الإنسانية ما بين الايمان  بالقدر الرباني  وبين ما يمكن ان يفعله الانسان في الوجود مستذكرا قول ابا  تراب الامام علي بن ابي طالب " سلام الله عليه " في تلك المقولة المأثورة "عش لدنياك كأنك تعيش أبداً وعش لآخرتك كأنك تموت غداً"  .

مثل هذه المقالات المهمة، تثير الكثير من التساؤلات الكبرى عن حقيقة  التفسير التكويني للتاريخ العربي الاسلامي ، فالكل يفسر للكل ما يجده صحيحا ، لكن تبقى التساؤلات عند المتلقي المثقف ما بين حتمية  الايمان بالعقائد وتفسيراتها او اعتباره  خارجها ، ولعل ابرز ما يثير الدهشة ان تكون المقاربات الفكرية خارج سياق النظرة الوضعية للدولة الحديثة وسيادتها  فحتى" ثورة المشروطية" الايرانية التي كان السيد النائيني احد ابرز منظريها مطلع القرن الماضي قد تعامل مع الحل الوضعي  وليس الاشتراط الفقهي في مبدأ التقليد، واعتقد هناك اطروحة جامعية  تقارن بين تلك المرحلة وانمذجة الاسلام السياسي للأحزاب الخارجة من معطف السيد محمد باقر الصدر وما طبقته في عراق ما بعد 2003 ،  وحين احاول المقاربة بين " ثورة المشروطية" التي تركت الانسان حرا في اختيار عقديته في الحكم وبين ولاية الفقيه اجد ثمة تنقاض في الاجتماع السياسي من دون الخوض في الجوانب الفقهية للشريعة  الامامية  وما فيها من وجهات نظر عن تحرير الانسان من الاستبداد ومن ثم اليات  الحكم التي  تنطلق من مبدأ الخلافة  المتفق عليه مع مبدأ المبايعة ايضا ، ولكن بأساليب وتصورات اخرى، فكلا الحالين يضع عقل الانسان امام استبداد الخلافة الحاكمة تحت أي مسمى او عنوان بل يعتبر حتى عمله غير مجز امام الله سبحانه وتعالى، فهل يمكن ان نطلق على التقليد والمبايعة  نموذجا يتجدد من الاستبداد مقابل مفاهيم  وضعية متجددة عن النزاهة المجتمعية  والمؤسساتية  ومسؤولة  الانسان  عن المشاركة في الحكم من خلال صناديق الاقتراع  ؟؟ 

ما يمكن ان نضعه على حروف هذه المقاربة بين تجدد الدعوة للدولة الحضارية الحديثة وتفاصيل الفكرة القائمة على التحرر من الاستبداد وإطلاق حرية العقل حتى من اجل الايمان بوحدانية الله.. الفارق بين الامس واليوم في امرين.. الاول حدود السيادة للدولة.. وحدود السيادة الفكرية.. فالتقليد الشيعي او المبايعة السني ..يثلم السيادة للدولة وفق قانونها الوضعي ..وهذا احد المعالم الأساسية لفهم الاستبداد من زاوية سيادة الدولة.. لذلك لم تبن "دولة عراقية حديثة" ما بعد الحرب العالمية الاولى حتى اليوم.. لان تنازع الاستبداد مرة للعلاقات المتضاربة بين التقليد والمبايعة.. ومرة لان سيادة الدولة تجعل مثل ذلك في مصاف الخيانة العظمى.. حتى باتت كلا الفكرتين نموذجا للاستبداد في بذرة حرب طائفية لم ينجح اي مفكر حتى الان من إيجاد تلك الحدود ما بين التوصيف الشرعي واعتباره ملزما ومجزيا عند الله ...فيما فشل التطبيق بشكل واضح في تجربة الاسلام السياسي ما بعد ٢٠٠٣.. مطلوب في التجربة العراقية توصيفا فاصلا بين حرية الاعتقاد بلا استبداد مذهبي بضمانات دستورية لإدارة التنوع والعدالة الاجتماعية.. وهذا ما لم يستطيع اي مفكر عراقي التوصل اليه حتى اليوم.

 وعليه اكرر السؤال ، هل الذي طرحته في  مقالات سابقة عن امكانيات متاحة لتجديد الخطاب العقائدي بما يخرج الانسان في حاضره اليوم نحو المستقبل متحررا من اثقال الاختلاف المذهبي  واعلان "مصالحة كبرى" تجمع كل المسلمين على دين رجل واحد يمثله نبي الامة الامي الامين محمد بن عبد الله  افضل الصلاة والسلام عليه واله وصحبه اجمعين ، هل يمكن ايجاد نموذج يعتمد العقد  الاجتماعي الوضعي  في الدساتير  القائمة  من  دون ان تتقاطع ولاية الطاعة الدستورية لنفاذ  سيادة قوانين الدولة  مع ولاية الطاعة العقائدية  ؟؟ تساؤلات ما زالت تبحث عن اجابات مقنعة في المركب الحضاري الذي يحاول استاذنا الشبوط الابحار به في القرن الحادي والعشرين ويبقى من القول لله في خلقه شؤون !!

mazinsahib@gmail.com

المشـاهدات 873   تاريخ الإضافـة 16/01/2021   رقم المحتوى 9555
أضف تقييـم