العلاقة بين المسؤول والصحفي في العراق ما زالت شائكة تفتقر الى معايير تحددها القناعات التي تكرس النهج الديمقراطي المبني على اساس الاحترام المتبادل لدور كل منهما باعتباره من عناصر المجتمع الفاعل في تقديم الخدمة.

المسؤول في حالات عديدة يرى في صلاحياته يداً مطلقة لقمع الاعلام وملاحقته لظنه انه ذات مقدسة لايمكن انتقادها او الحديث عن فسادها وكشف سوء ادارته او استغلاله لمنصبه او الاستحواذ على المال العام تحت ذرائع وحجج واهية ، متجاوزاً بذلك الاعراف والتقاليد الديمقراطية وحرية التعبير المكفولة دستورياً ، فيستخدم ما هو متاح تحت يده من سلطة للتغول على اصحاب الكلمة الحرة ممن نذروا انفسهم لمحاربة الفساد وكشف خفايا الصفقات المشبوهة والفشل الذريع لبعض المسؤولين.

اعتقال الزميلة قدس السامرائي بالامس لدعوى نشر اقامها احد القادة العسكريين تحت بند التشهير والقذف الذي بات سوطاً يستخدمه الطغاة لتكميم الافواه ومنع اصحاب الرأي والاقلام الشريفة والمدونين والناشطين من ممارسة دورهم في تعضيد الجهود الساعية للقضاء على آفة الخراب والفساد ، وهي استعانة ظالمة لاصحاب السلطة بالجهاز القضائي لارهاب وترويع الاعلاميين ، وهو اسلوب ساذج للتنكيل بمن يرفع صوته بوجه الفاسدين لكي تنزوي الاصوات الوطنية الشريفة وتفسح المجال لادعياء النزاهة يكملوا سرقاتهم للمال العام اينما وجدوا الى ذلك سبيلاً.

الزميلة السامرائي التي تواجه الان احتجاز اشبه بالخطف لانها تجرأت لاتهام احدهم بالفساد وكشف خفايا عن سرقاته يفترض انها تلاقي التكريم الذي تستحق وليس الاعتقال والاهانة ، بل يفترض ان نصفق لشجاعتها ليقيننا انها ما صرحت بما لديها من حقائق لو لم تكن على ثقة بذلك ، وان وقفت الاجراءات القضائية بالضد من التثبت ، لاسيما وان جميعنا يعلم ان حيتان الفساد ودهاقنته لايتركون في الغالب اثراً لجرائمهم.

اطلاق سراح قدس هو اقل رد اعتبار لها ، وهو الواجب الذي يفترض ان تقوم به الجهات ذات العلاقة امام شجاعتها وجرأتها على على مواجهتها لواحد ممن لايمكن تزكيته حتى من المقربين منه.