النـص : الدين العام المحلي لاية دولة هو أسبقية في سلم اولوياتها عند اقرار الموازنات السنوية لتضعه في بنود التسديد لانه ينعكس على حركة المال وتوفر السيولة الداخلية التي تنعش الاعمال وترفد السوق المحلية بما يضمن دورتها المتكاملة.
في العراق يختلف الامر كثيراً ، فيتم تجاهل الدائنين المحليين من مقاولين ومتعاقدين مما يتسبب بمشكلات وازمات عديدة لم تؤثر فقط على الالتزامات المترتبة بذمتهم بل تجاوزتها لتشمل حياتهم اليومية وعلاقاتهم بعوائلهم ومن حولهم ، حتى غدا بعضهم مفلساً بعد اضطراره لبيع كل ما يملك لتسديد ما بذمته من ديون تراكمت نتيجة تأخر سداد الدولة لاستحقاقاته المالية ، فتعرض بعضهم لازمات صحية واضطر بعضهم الاخر للهروب خارج البلاد على أمل ان تفي الحكومة معه ، واقدم اخرون على الانتحار للخلاص من الضغوطات النفسية كل ذلك وحكومتنا تتعامل مع هذه المشكلة بأذن من طين واخرى من عجين لاتستمع لمناشداتهم ولا شكاواهم ولا صراخهم الممزوج بحرقة ضياع مدخراتهم ومستقبلهم ، لتتركهم يلوكون الحسرة على ثقتهم بها ، هذه الثقة التي لم تحترمها الجهات الحكومية المتعاقدة مع هؤلاء والتي يفترض انها تمثل الرعاية الابوية للمواطن وهي من تدافع عنه.
مئات الدائنين المتعاقدين مع وزارات وجهات غير مرتبطة بوزارة تعرضوا للمساومة والابتزاز للتنازل عن استحقاقاتهم تارة بالضغط واخرى بالترغيب والترهيب ورضخ بعضهم على امل تسديدهم السريع او تحت قسوة الحاجة لانقاذ ما تبقى لهم ، لكنهم رغم ذلك لم يحصلوا على شيء ، فيما اتجه قسم منهم لاقامة الدعاوى لدى المحاكم التي حكمت لهم واكتسبت قرارات الحكم الدرجة القطعية ، لكنها بقيت حبراً على ورق حيث التحدي السافر لارادة القضاء ، علماً ان ما نتحدث عنه يمتد الى اكثر من عشر سنوات دون ايجاد حل لمعاناة هؤلاء.
الحكومة مطالبة بوضع حد للاستخفاف بمصير الناس واحترام تعاقداتها وتعهداتها مثلما احترام قرارات القضاء ، لكي تستعيد ثقة المقاول المحلي الذي يعزف عن المشاركة بالمناقصات والمشاريع الاستثمارية لانه يخشى ان يمر بما يعيشه زملاؤه من المقاولين الذين ضاعت عليهم حقوقهم ، خاصة وان تغيير سعر صرف الدولار سيشكل تهديداً جديداً لهم.
|