الخميس 2024/4/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 34.95 مئويـة
التعليم العالي .. ماذا بعد سحب العراق من المؤشر العالمي للمعرفة!
التعليم العالي .. ماذا بعد سحب العراق من المؤشر العالمي للمعرفة!
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د.جهاد العكيلي
النـص :

يعد ركن التعليم العالي والبحث العلمي في عراق ما قبل عام الاحتلال الامريكي 2003 ركنا مهما يعود بنائه حتى إلى مدة ما قبل قيام الدولة العراقية 1921، وكان الهدف طبعا المضي قُدما بدوره نحو التنمية والتطور، لتحقيق الفعالية الحقيقية في إستثمار الموارد البشرية التي تمثل الطاقة المستدامة ، وهي والتعليم ، تعدان بمثابة العامود الفقري للدولة الناجحة تنمويا وبشريا ..وهذا ما كنا قد نوهنا إليه قبل أشهر قلائل مرت في مقال كتبناه لهذا الغرض بعنوان ، مؤشرات التعليم العالي، وأشرنا فيه بوضوح وبحرص شديدين التفاصيل التي أثرت على واقع العلم والعملية العلمية في العراق، وهي سلسلة مترابطة مع بعضها، صدعت بالتعليم ، ولا أقول نخرته، وأرجعته وبخطوات كبيرة إلى الوراء من دون أن تلتفت الجهات المعنية إلى الأسس والمعايير العلمية السليمة التي من شأنها ان تحقق النهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي ، وتجعل منه تعليما رصينا ذا مكانة متميزة بين الأمم والشعوب وجامعاتها وكلياتها، كما كان قد حصل في المدة السابقة .. ومن المناسب حقا ان نعيد التذكير من جديد بهذا المقال على خلفية خروج الجامعات العراقية من التصنيف العالمي للرصانة العلمية التي أعلن عنها مؤخرا برنامج الامم المتحدة الإنمائي، وهو المؤشر العالمي للمعرفة، من دون ان تلتفت الجهات المختصة لمعالجة الواقع المزري للتعليم العالي والبحث العلمي الذي أكلته الاجراءات الروتينية في سنوات ما بعد عام الاحتلال الامريكي للعراق 2003، في ظل وجود هيكليات إدارية تقودها بعض الشخصيات الجامحة للسلطة لا للعلم والمعرفة، وفتح الأبواب على مصراعيها لكل من هبَّ ودَّب في الحصول على درجات علمية ركيكة الرصانة خلافا لمنهج البحث العلمي المعتمد عالميا، وإقصاء النخب الاكاديمية الضليعة بالبحث العلمي وبقرارات تعسفية خشية من منافسة تلك الشخصيات الجامحة على وفق مبدأ الاكفأ علميا والافضل في العمل، فضلا عن تراكم كم من البحوث والدراسات غير النوعية، مما أوجد واقعا مزريا هو الاسوأ من نوعه علميا في تاريخ العراق ، مصحوبا بأزمة فشل رافقها فشل سياسي وإقتصادي تنموي كان أحد أسبابه الرئيسية ، الطائفية والمحاصصة المقيتة،  حتى أضحت اليوم الشهادة الأولية والعليا ضعيفة القيمة، بل صارت لا قيمة لها ، مع تنامي ظاهرة الفساد المالي والاداري والتخطيط السيء المعد لقبول الطلبة وتخريجهم فيما يشبه التخريج التجاري الاهلي الذي إضطلعت به قيادات سياسية وجهات متنفذة لاهم لها إلا هم تحقيق الربح المادي على حساب الشهادة والكفاءة العلمية، مما تركت ثقلا كبيرا على واقع العراق الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لتدمر رصانة الشهادات العراقية وعدم قبولها لدى المؤسسات الدولية العلمية ومنها برنامج الامم المتحدة الإنمائي ، وهو المؤشر العالمي للمعرفة ، في وقت كانت فيه هذه المنظمات تضع العراق على قائمة التطور العلمي المعرفي، ويحتل موقع الصدارة مع إنبهار دول الغرب والشرق للعقل والفكر العراقي، ولا يمكن لأحد أن يُشكك في حينه على هذا الأداء العلمي للعراق الرصين بكل مؤسساته البحثية والعلمية .. وعلى العكس من ذلك، نلاحظ اليوم عزوف المحافل والمؤسسات العلمية الدولية، وهي تسحب يدها بالاعتراف بالمستوى التعليمي للعراق وأداء وزارة التعليم العالمي والبحث العلمي في هذا المجال، أمام تراجع العراق بشكل كبير عن المنصات العلمية العالمية، مع تغاضي الجامعات العراقية لكل المؤشرات المسجلة ضدها بسب عدم واقعية التقييم والطرح من المسؤولين في الجامعات والوزارة معتمدين على شكليات لا تنفع شيئا غير إستهلاك للزمن وإشغال للمناصب على حساب التطور العلمي الرصين ..والمتابع العلمي لمخرجات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق بعد عام الاحتلال هذا وتفصحه جيدا للقرارات والأنظمة والقوانين التي أتبعتها الوزارة ، سجد أمامه حقائق خطيرة قادت بالوزارة والجامعات والشهادات نحو منحدر الضعف والسلبية وتدني في المستويات وهبوط الوثائق العلمية ، ما يعكس التراجع الكبير للروح التنموية التي يمكن من خلالها ان تقود العراق للنهوض العلمي وتقدمه في المجالات كافة .. وطبعا كان من بين أسباب التراجع هذا عدم الاعتماد على مناهج متطورة مواكبة للجامعات العالمية الرصينة، وإهمال الدراسات والرسائل العلمية والمجهودات العلمية للطلبة مما أدى إلى فقد المجهودات قيمتها ..وما نخشاه من ان سحب الاعتراف بقدرات العراق العلمية والبحثية من قبل المؤشر المعرفي العالمي هو ان يمهد الطريق لإخراج العراق من كل التصنيفات العلمية إقليميا وعربيا، وهو ما لم يبقي لبلدنا أي مظلة علمية رصينة نهائيا أسوة بأبسط الدول التي كانت يوما ما تنهل منا علما ومعرفة ..وما نخشاه أيضا، في حال إستمرار عملية تهميش الكفاءات الاكاديمية العلمية والبحثية العراقية التي عادت إلى البلد ما بعد عام الاحتلال للمساهمة في نهضته العلمية ، ما قد يدفعها هذا التهميش إلى المستمر العودة من حيث أتوا للانضمام إلى كفاءات كثيرة في بلدان المهجر كانت قد رفضت العودة بعدما كان طلاب الشرق والغرب يتلقون علوم المعرفة العلمية على أيديهم في بلدنا وفي أرقى الجامعات العراقية الرصينة ، ومنها جامعاتي بغداد والمستنصرية والجامعة التكنولوجية ومعاهد ومراكز تقنية وبحوث علمية لا تعد ولا تحصى ..  أما غير ذلك سيبقى التعليم في حال تدهور مستمر يوما بعد يوم ، ولا يجد من ينقذه، فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج كارثية على شعبنا وعلى الدولة ككل ، ذلك ان لتعليم العالي والبحث العلمي كما قلنا هو العمود الفقري للبلد الذي يجب ان تستند عليه بشكل فعال، لتحقيق الفعالية الحقيقية في إستثمار الموارد البشرية التي تمثل الطاقة المستدامة، وهي والتعليم، تعدان بمثابة العامود الفقري للدولة الناجحة تنمويا وبشريا ..

المشـاهدات 763   تاريخ الإضافـة 23/01/2021   رقم المحتوى 9589
أضف تقييـم