الثلاثاء 2024/4/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
ايتها الموازنة ..‏ من سيدفع ثمن الاجحاف عن سنوات الموظف العجاف؟
ايتها الموازنة ..‏ من سيدفع ثمن الاجحاف عن سنوات الموظف العجاف؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حيدر عبدالامير الغريباوي
النـص :

هذا العنوان ضروري لنفهم ما يحدث للموظفين في العراق.. ليس من حقنا بالطبع أن نعمم أو ‏نطلق أحكاما جزافية، كما أننا لا نقصد أى سوء لجهة بعينها، لكننا نتحدث عن آلاف المظالم ‏الموثقة التى حاقت بالموظفين على مدى عقود. أولى وكبرى هذه المظالم نظام سلم الرواتب ‏، «الذى تعتبره الأغلبية من الموظفين نوعاً من العبودية»،.. فأنت تعمل بوظيفة مثلا لكن ‏شخصا آخر يحصل على جزء من راتبك أو يفوقه - دون أن يعمل - مكافأة له على أنه ‏فضائي أو صاحب حظوة عند مرؤسيه، بل إن هذا الكائن يمتلك حقوقا عليك ربما لا يمتلك ‏مثلها على زوجته وأولاده.. فأنت لا تستطيع أن تطالب بجزء من حقوقك دون موافقته، ‏وشكوى بسيطة منه قد تؤدى إلى طردك من عملك، وربما إلى إلقائك فى السجن.. ويكفى أن ‏تبحث فى تقارير هيئات النزاهة او اية جهة رقابية أو فى أضابير بعض المؤسسات الحكومية ‏تفزعك آلاف الحالات التى تم فيها نهب مستحقات الموظفين من علاوات مستحقة أو ترفيع ‏أو مكافأة مالية كانت او تقديرية ككتاب شكر مثلاً، هذا الظلم البين لكثير من الموظفين فى ‏العراق استمر لعقود للأسباب الآتية:‎أولاً: الفقر والبطالة فى العراق.. فالموظفين هم مستعدون غالبا لتحمل كل شىء حتى يوفروا ‏قوت أولادهم.. في حين الفضائي يشترى جهد الآخرين، ولأنه يملك المال فهو يستطيع أن ‏يغير بضاعته ببضاعة بأخرى كيفما يشاء . موظفون كثيرون يتعلقون بعملهم تعلق الغريق ‏بالقشة، ويتحملون ظروفاً ظالمة لأنهم ليس لديهم اختيار آخر.‏ثانياً: كان النظام السابق نفسه يجحف حقوق الموظفين ويعتدى على حقوقهم، مما يجعل ‏موقفهم غير منطقى ولا مقبول إذا تظاهروا بالحفاظ على حقوقهم الوظيفية فى دوائرهم .. ‏ولأن التغيير بعد 2003 كان المطلوب منه تغييراً في فى الفكر والفعل، فهل يحق للموازنة ‏الحالية أن تهين الموظف العراقي وهل يمكن للموازنة أن تصون كرامة الموظف .‏ثالثاً: القانون فى الموازنة غير مطابق لمعايير العدالة الوظيفية.. فالموظفين وبقية المواطنين ‏أمام قانون الموازنة ليسوا سواسية وإنما درجات، كلٌ وفقا لتصنيفه  ونفوذه وفي مدى قدرته ‏الاعتبارية وثقله في الدولة وجهة انتسابه سواء كانت لإقليم أو هيئة مستقلة في مؤسسات ‏الدولة المختلفة.. هذا المفهوم لقانون الموازنة الذى ينتمى إلى العصور الوسطى لا يجعل ‏الموظف يحصل على أبسط حقوقه القانونية .‏رابعاً: بعد تراجع ازمة جائحة كورونا مطلع عام 2021 وتزايد أسعار النفط كان من المفترض ‏ان يصنع من العراق قوة إقتصادية، ولكون الازدهار النفطى جاء بفضل الله ، لكن مال النفط ‏الوفير تدفق الى أشكال أخرى لسنا بصدد تناولها في مقالنا.‏أن لكل درجة وظيفية استحقاقها الخاص والمخصصات المرصودة لهذه الدرجة، باعتبار انه ‏استحقاق طبيعي وشعور الموظف بان الدولة لا تنكر جهد احد وأنها كفيله بإعطاء حقه ‏كاملا على أساس ما قضاه من فترة زمنية بموجبها استحق الترفيع والتعديل وتحسين درجته ‏الوظيفية واستحق تدرجاته حسب السياق المتبع.‏إن هناك العديد من الموظفين ممن مضى عليهم سنين طوال وهم مغبونون في ما يتقاضاه ‏من راتب شهري بل ويستحقون ترفيع درجات مرت عليهم أزمان طوال وهم ما يزالون في ‏استحقاق بعيد كل البعد عن الدرجة الصحيحة .‏المالية النيابية أوضحت أن موازنة 2021 تجحف حقوق الموظفين باستنزاف نصف رواتبهم، ‏حيث أصبح الموظف يواجه أربعة ضغوط في الوقت ذاته، وهي زيادة صرف الدولار، ارتفاع ‏أسعار البضائع، الاستقطاعات على الرواتب، وفرض الضرائب، فقد قامت الحكومة ولأول مرة ‏بتخفيض المخصصات الحكومية للموظفين والتي هي حق مكتسب للموظف والتي تمثل ‏العمود الفقري للراتب فالراتب الاسمي لايمثل شيء امام الغلاء المعيشي فقد قلصت ‏مخصصات الشهادة الى ٥٠% مثلا ومخصصات الخطورة والخدمة الجامعية وغيرها مما ‏سيولد ازمات يعجز الموظف مواجهتها و تفاقم أعباء الموظف تنعكس على مقدرته الشرائية ‏وعلى ركود الأسواق بشكل عام .‎ان تضرر الموظف من القرارات الحكومية الأخيرة وصلت إلى 50% من راتبه، فضلاً عن ‏فرض ضرائب دخل، وهو أمرا غير معمول به لان الموظفين هم من ينتجون الدخل في دولة ‏ريعية فكيف تفرض على من ينتج الدخل ضريبة عن إنتاجه للدخل ؟؟ فضلاً عن أوامر إيقاف ‏العلاوة السنوية رغم ضألتها، في العلاوة السنوية للموظف التي يحصل عليها سنوياً  تبلغ ‏‏3000 دينار شهريا للموظفين في الدرجات العاشرة والتاسعة والثامنة و6000 دينار شهريا ‏للموظفين في الدرجات السابعة والسادسة والخامسة و8000 دينار للموظف في الدرجة ‏الرابعة و10000 دينار للموظف في الدرجة الثالثة و 17000 دينار للموظف في الدرجة ‏الثانية و20000 دينار للموظف في الدرجة الأولى، فضلاً عن انه يتقاطع مع قانون سلم ‏رواتب الموظفين رقم 22 لسنة 2008 الذي حدد أسس استحقاق وصرف العلاوات ‏والترفيعات للموظفين وقانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل  الذي حدد ‏حقوق وواجبات الموظف ومنها حقه في العلاوة والترفيعات عند استيفائه لشروط منحها ‏واستحقاقها وصرفها، وهكذا يتضح لنا الأهمية والخطورة الكبيرتين لهذا الإجحاف لكونه يتعلق ‏بضياع حقوق مالية وادارية وغيرها، في الوقت الذي تجاهلت وزارة المالية عن إعطاء حقوق ‏الموظفين الذين حصلوا على الترفيع بأثر رجعي كحق مشروع وحالة طبيعية، وهذا سوف ‏يلقي بأثره المباشر على الوضع الاقتصادي بشكل عام.‏علما إن الجميع يعلم الغلاء المعيشي الذي يفرض نفسه على الواقع الاجتماعي وتقلبات ‏أسعار السوق المحلية على الرغم اننا نقدر ونتفهم الوضع العام للدولة والتزاماتها مديونياتها.‏بمعنى أن الدولة ستكون غير بعيدة عن الوضع العام الوظيفي والاقتصادي والمعيشي ‏للمواطن مما سيجعل الموظف يخلص ويحرص أكثر مما هو معتاد من اجل خدمة العراق‎ ‎يذكر أن موازنة 2019 والتي أقرت واعتمدت كواحدة من أكبر ميزانيات الإنفاق في العراق ‏على الإطلاق حيث بلغت 133 تريليون دينار عراقي، لكن العام 2021 تجاوزها، مع 150 ‏تريليون دينار عراقي في الإنفاق المتوقع.‎والتي بموجبها سيتم تقليص رواتب موظفي القطاع العام من الدرجات الأولى والثانية والثالثة ‏من خلال شمولهم بضريبة الدخل التصاعدية بنسبة 15 في المائة للموظفين من الدرجة ‏المتوسطة والعليا، بما يعادل 15% من مجموع مدخولاتهم، يعد إجحافا كبيرا، كان من ‏المفترض أن تكون تلك الإجراءات موجهة حصراً للدرجات الخاصة الذين يتقاضون رواتب ‏وامتيازات تفوق بشكل كبير ما تتقاضاه تلك الدرجات، ولماذا يتم استهداف هذه الشريحة ‏بشمولهم بضريبة الدخل رغم أنهم مشمولين بهذه الضريبة بالأساس  واعتبارا من 1/1 / ‏‏2014 بموجب كتاب الهيئة العامة للضرائب بالعدد 8 / 1158 في 14 / 4 / ‏‏2015  بشكل يجعل رواتبهم اقل من شاغلي الدرجة الرابعة ، وهم بالاصل اكتسبوا تلك ‏الدراجات من خلال التشريعات المعمول بها قانوناً والتي طبقت ولم يتوارثوها بدون استحقاق، ‏وكأنهم ارتكبوا جنحة مخلة بالشرف او بالوطن!! لكونهم تحصلوا درجاتهم وفق التدرج ‏الوظيفي والحصول على الشهادات العليا، علماً أن هناك أبواب الصرف التي يمكن تخفيضها ‏أو إلغائها بدلا من استهدافهم بهذه الطريقة المهينة التي لا تخلو من الاجحاف، وان تلك ‏النسب من الاستقطاعات لم تعلن عنها الدولة ضمن حزمة الاصلاحات وانما جاءت تستقطع ‏من دون الاعلان عنها، وقد يسبب ذلك حرجا ويؤثر على المستوى المعيشي للموظف خاصة ‏ان هناك ارتفاعاً مستمراً البضائع والمحروقات وبدل الايجار والخدمات التي تقدمها الدولة ‏وشركات الهاتف النقال التي رفعت من أسعار كارتات الشحن بحجة فرض ضرائب جديدة ‏عليها.‎فضلاً عن تخفيض قيمة العملة الرسمية من 1190 دينارا عراقيا في مقابل الدولار الأميركي ‏إلى 1450 دينار، وهي أول إجراء من هذا النوع منذ نصف عقد.‎مع تلميح مسؤولون حكوميون إلى احتمال حدوث تخفيض كبير آخر في قيمة العملة العام ‏المقبل ليصل سعر الصرف إلى 1600 دينار عراقي لكل دولار، بعد ضغوط من صندوق ‏النقد الدولي.‎من كل ما ذكر يكون لسان حال كافة الموظفين في القطاع العام الحكومي أن أعيدوا النظر ‏في في استقاطعتكم المزعومة وضرائبكم الموعودة تجاه الرواتب في مسودة موازنتها التي ‏سلقت سلقا لتخرج نظاما غير ناضج اضرب الموظف والمتقاعد ومتناقض حتى في مواده ‏التشريعية .‏بدليل أنها تتنافى مع أبسط قواعد القوانين التي تطرقنا اليها، فاذا كانت الحكومة جادة في ‏وضع ميزانيه منطقية وجيدة فعليها اولا تخفيض مخصصات الرئاسات الثلاث والمنافع ‏الاجتماعية وتقليص كافة الهياكل الزائدة في الدولة العراقية والتي تمثل ٢٥ % من قيمة ‏الموازنة العراقية .‎‏ وترتيباً على ما تقدم، كلنا نعلم ان المسؤولية الواقعة لأغلب الموظفين تشكل حمل ثقيل ‏لارتفاع مستوى العائلة لديهم لأسباب كثيرة منها ان تطلعات ومطالب عوائلهم تفوق اضعاف ‏الامكانات ونعلم ان المسؤولية العامة مجلبة للهم والتوتر العصبي والنقد سيما في زمن ‏الصعب وعدم استقرار القوانين والانظمة والتعليمات، فقد أصبحت الدعوة الى تعزيز دور ‏الرقابة البرلمانية على اداء الحكومة المالي احد الثوابت في خطاب البرلمان والبرلمانيين وحتى ‏والاعلام كون ان النار لاتكوي الا يد الموظفين الذين تأثروا بطرح الموازنة واحسوا بطعم الظلم ‏فانتفضوا مطالبين بالتريث بتطبيقه وإعادة النظر بالمواد الصادرة فيها، خصوصاً بعد صدور ‏رسمية تشير الى ارتفاع معدل الفقر إلى 40 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 40 ‏مليون نسمة، فضلاً عن ما  سينعكس عن سياسة التقشف في موازنة 2021 والتي ظهرت ‏بشكل واضح ومباشر على الإنماء والتنمية المتوازنة في مختلف مناطق البلاد وهذا هو أخطر ‏مؤشر في الموازنة ‏.‎وأخيراً إن من بين أهم واجبات الدولة الارتقاء بمستوى الرواتب والحوافز والمكافآت والعلاوات ‏السنوية للموظفين وفق أسس وضوابط محددة, بحيث يكون الراتب كافٍ للوفاء بالحاجات ‏الضرورية المعيشية والذي هو ليس ضرورة فقط, بل هو مطلب إنساني لتوفير الطمأنينة ‏والاستقرار للموظف بحيث يستطيع الموظف تحقيق العيش الكريم والمحافظة على هيبته ‏وهيبة الوظيفة التي يشغلها للقيام بواجباته الوظيفية بدقة وإتقان، فضلاً عن فاعليته وتأثيره ‏على الإصلاح الإداري والاجتماعي والاقتصادي، بالقضاء على اجحاف مستحقات الموظفين ‏وتطبيق قاعدة الثواب والعقاب . ‏

المشـاهدات 854   تاريخ الإضافـة 26/01/2021   رقم المحتوى 9622
أضف تقييـم