الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 21.95 مئويـة
( أرضي ، بلدي ، وطني ...)
( أرضي ، بلدي ، وطني ...)
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

قراءة في نصوص الشاعرة - منوّر ملا حسون

ومجموعتها - مرافئ ضبابية

حمزة فيصل المردان

الجزء الاول

يتوقّف  القاريء عند نصوص ما حين يحسّها قريبة منه ، بل يعتبرها تمثل عالما إفتقده ، ليس لجمالية النص فحسب ، بل لشحنة المشاعر التي تنبعث من بين السطور ولا يستطيع أن يخفي مشاعره فيتعلّق بالنص الى درجة الثمالة رغم إنّه قد لا تربطه علاقة بالشاعر وربما وقع النص بيده صدفة ضمن منشورات مجلة أو جريدة أو كتاب ، وربّما في تصفّحه اليومي في الفيس في منافذ تهتم بالشعر والنثر والقصة والسرد والنقد والموضوع الصحفي ، يكون هذا النص أو غيره متنفسا له من خلاله يطلق زفير الكبت ويسحب شهيقا بنفس العمق لإطالة ديمومة المقاومة والتحدّي ... كي يتحمّل أعباء يومه ويجد من يشاركه عبر الوعي المفرد .

نحن بصدد قراءة مقاطع من نصوص هذه المجموعة التي شدّتْ قارئها ..

تقول في النص الاول من المجموعة

( قنديل يقبل القسمة على مرارة البهجة)

مقطع - ٢

معادلة تشكيلية تفوح رعبا .. !

عندما يلتقي سرّ الوجود

بديمومة الصبر المرير ..

وصخب اللحاق

بسراب العمر ،

* -  أسلوبٌ تصويري رامز يصوغ معادلة تشكيلية تترجم الشاعرة من خلالها صمتها الداخلي .. إذ عندما تلتقي أسرار الوجود وتكوّن أقطابا لهذه المعادلة المريرة وأحد وجوهها صخب اللحاق بالوقت فسراب العمر يأخذ منا الوميض ويترك لنا ظمأ يعطّل الحواس .

و في المقطع /

 ٣ - من نفس النص ، تقول :

، (عندما تدمع عيون الورد

ترتجف الأهداب

مستجدية قاطف الورد ...

أن تكون تعويذة الشاعر ،

هي الرجفة الأنيسة

في نزف جراحها . )

* - وأنت تغوص في هذا النص الإيحائي المؤثر ، تدرك بأن الشاعرة استخدمت قوالب سريالية توقظ  الجيشان الداخلي في ذهن القارئ ، وهي توظف مفردة الورد في ثنايا النص .. فتنطلق من بودقة تساؤلاته .. تساؤلاتٌ ، يرسمها ذهن القارئ لتتجلى انفعالاته الوجدانية مع النص ..

 هل للورد عيون لتدمع وكذلك أهدابها ترتجف لماذا هذا الدمع وهذا الارتجاف ؟ هل من خطب قادم تنبهنا عليه ؟!! وان تتحوّل هذه الوردة او مجموعة ورود تعويذة للشاعر وهل الشاعر بحاجة ماسة إلى تعويذة وممن هذه التعويذة من أيّ شخصٍ وكيف تصنع … خاصة وإنّه يقرأ بل يستقرأ الجمال هل من خطر محدق عليه لأنّه يحاكي الجمال تارة وتارة ينشغل بما يَرِدُ إليه من خيال خصب أو تأثر بحالة حدثتْ أمامه أو إسترجعها من ذاكرة نشطة .

وفي نص ( عزفٌ على وترِ مجهول .. ) )

تقول :

   1/  ولكي / لا تصلّي صلاة الوداع

في محرابنا المجهول

* - فالشاعرة هنا ، تبدو وكأنها تختزن معاناتها في قلبها لذا التجأت الى أسلوب سريالي للتعبير عن الواقع بفعل تخيلي  ..

 إذن .. ماذا نصلّي والوداع ملازمنا في كلّ خطوة نخطوها ، يكون نصب أعيننا ، لكنّنا نمشي ويكون مشينا بجانب المستحيل بل نسبقه لنحقّق غاية ما وهذا المشي إنطلاقها الكامل في محراب المجهول هل الحياة محراب كبير سقفه المجهول ولمَ هذا السقف يرعبنا هل يسقط على المصلين لذلك طلبت الشاعرة من الموما إليه بأن لا يصلي صلاة الوداع وأسبقته بكلمة ( ولكي) وهذه الكلمة تدلّ على حصولِ حدثٍ سابقٍ جعلها تكتب هذه السطور وكان العنوان شاخصاً عزفٌ على وتر مجهول ، مرّة المجهول آلة موسيقية ربّما هي كصفارة الإنذار - ومرّة محراب نتعبّد به .

وفي المقطع 2-

من النص نفسه تقول :

لان يدي

ممدودتان في فراغ مظلم

أعود لأشرب

جمرة الثلج الساكنة

في إرتياب أحداقك

* -  ففي المقطع السابق من نفس النص سيطرت كلمة مجهول على رزم صور الأحداث وطلب عدم الصلاة رغم إنّها مستحبّة لأنّها صلاة وداع ولآن يديها ممدودتان في فراغ مظلم ، كيف جمعا في نص واحد كلمة مجهول + فراغ = مظلم ، إذن هذا ضياع حتمي لواقع ٍ موسيقاه من المجهول ، وكلّ ما نقوم به يسير في فراغ والفراغ مظلم ، وهذه اليد التي إمتدّتْ في الفراغ المظلم هل هي يد العقل ام يد الخيال ام يد الذاكرة وبما إنّهما يدان إذن هما لبشر وماذا يريد ان ينتشل بهذين اليدين ويقطع الاخبار ، وندخل في موضوع آخر فتعود الشاعرة لتشرب جمرة الثلج هل الشراب الذي في الثلج محرق .. ؟ وهي مرارة الحياة وشظفها وهذا الشراب محاط بإرتياب الأحداق . أيّ وضع عشناه ونستمر بالعيش فيه مكوّن من مجهول وفراغ فالواقع الإنساني إلى أين ..؟ لان الشاعر عين الوضع وصوته الناطق ...

وفي المقطع رقم / ١

من نص ( مرافيء ضبابية )

تقول :

إذْ تضيق بي الدنيا

أعود إلى ذاتي إحتضنها .. !

لكن !! ماذا… لو ؟

ماذا لو واجهني

اللبلاب فيها

وهو يموت حسرة

من دون شرفة يتسلقها ؟!

 * - إن مدّ عواطف الشاعرة لا يعرف الجزر .. لذا فهي تعود إلى ذاتها لكون الذات هي منطلق لكلّ فعل ..

وبعد أن تتأكد بأنّ هذه الذات لم تنكسر لأيّ سبب وظلّت مقاومة ، وقد إتخذتْ صورة اللبلاب الذي يتسلّق الشرفات واخضراره اللافتْ وكيف وإنّه يخفي هوية الشيء الذي يتسلّقه ، واذا لم يجد شرفة يموت حسرة ، وهنا الشرفة هي السند الداعم الذي تريد ان تخبرنا عنه الشاعرة فقلبها أخضر كشجرة اللبلاب لكن بلا رفيق يؤنسها ويجعل من أغصان الروح مشرئبة يتطلّع لها القاصي والداني وترّق له ولنظارته ، أيّ قيمة وأيّ دافع حمله هذا الرفيق الذي لم ولن يسدّ مكانه الخالي ، والذكريات شواهد ...

وفي نص ( إنشطار ) )

تقول :

( عندما تسكن الزوابع

بحار الصمت الغائرة ،

تئن النخيل وتشهق ..

وعيون  النوارس

يغزوها السُكر .. !! )

* -  إذن فالشاعرة تصف لنا حالة من حالاتها بأسلوب إيمائي ملغز ، إذ لو كان الصمت هو غطاء الملامح فالقلب هو البحر وهذا البحر على حافتيه نخيل تئن للماضي الجميل وتحنّ والنوارس التي تزيّن الحافات بطيرانها هبوطها وارتفاعها يغزوه سُكرٌ بذكريات أحاط بها ظمأ لكلّ ما هو ممتع وجميل وهذه النوارس هي الأيّام التي إنقضتْ .

وتكمل بنفس المقطع

( عندها ..تعصف ريح البحث

عن الروح المنشطرة .. !!

يسبقني ظلّي ،

فيمتطي رؤئ ً

تطلّ على الشمس  (...

* -  عندما تعصف ريح البحث عن مكمّل الروح الذي شطره الظرف القاهر وغيّبَ بأمر إلهي ، ويكون الظلّ سابقا لخطوتها في خاطر جميل / فتمتطي الأحلام لعلّها تصل قبل أن تشرق شمس تؤكد بأنّ ما يدور هو حلم فالحلم هنا يتقسم كحلم نوم ويقظة فالأحلام لا تنفّك تلازمنا ..

بهذا رسمت الشاعرة عوالم أحلامها برؤى ميتافيزيقية تنساب الى عمق القارئ ..

المشـاهدات 737   تاريخ الإضافـة 20/02/2021   رقم المحتوى 9873
أضف تقييـم