السبت 2024/4/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
التقاعد الوظيفي وعلاقته بموت الابداع المهني عند الاستاذ الجامعي
التقاعد الوظيفي وعلاقته بموت الابداع المهني عند الاستاذ الجامعي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د.جمعة رشيد الربيعي
النـص :

يمثل التراكم الكمي والنوعي مرتكزا اساسيا تقوم عليه التجربة الانسانية ,وتتجمع بوساطته الخبرة المعرفية,وتتفجر الطاقة الابداعية ,في مختلف المجالات وعلى شتى الصعد, ويعد التدرج الزمني والتتابع المهني, قوامه الطبيعي , والدلالة عليه صعودُ الخط البياني له مبتدئا"بدائرة تتسع بالاضافة والزيادة والتكرار والتجديد, مستوعبة لمظاهر التفرد السابق ومتكيفة لطفرات الانجاز التي تأتي بها الموهبة, والابتكار الشخصي بسبب الرعاية ,والحفاوة ,وتوافر البيئة الدافعة نحو التميز في مجالات البحث والاستقلالية في التفكير والنوعية في النتائج . والباحث في الحياة البشرية واية زاوية فيها, يدرك ان الفعل البشري  ينمو بالتدرج ويتطور بالتتابع وينضج في الفكر والاجتماع والمعرفة والسلوك , فلا يختلف في هذا المجال مختلفان في ان التكوين البشري نشأ بهذه الشاكلة ,اذ ان الله سبحانه وتعالى جعل الخليقة اول مرة ترابا فتحولت بإرادته روحا ثم صارت كيانا يسعى عبر مراحله الزمنية طفلا وراشدا وكهلا , اذ ينفذ الانسان منها وبها , يتمثل خصائصها ويتبنى اهدافها , ويحول غاياتها الى افعال واضحةٍ,هي افعاله ُ وخلاصة حركته ومجمل نشاطه الذي يتبلور في زمر متخصصه  ,تعبر عن نظم, وقيم ,وتنظير وفكر ,ومعتقدات, وارث علمي وانساني, ومواقف من الاحداث والحكم عليها بالتقييم والتقويم , فتصبح هذه الهيئات والمحيطات رافدا قويا ,تتكون بفعله الخبرات, وتتشكل الهويات , وتتميز السلوكيات, وتختلف بإختلاف الباعث عليها , فإذا كان الباعث صحيحا صحتْ , وأن كان الباعث عليلا اعتلت ْ, وان كان صائبا اصابتْ ,وان كان منحرفا انحرفتْ...  اذ ان ما يميز الانسان مواهبه  المطوية بحيوية الخلق لديه وتمكنه من تنظيم المجال الذي يكون فيه, فضلاعن تعدد مهارات البراعة عنده وجرأته في توليد وإنشاء وابتكار المستحدث والجديد في المجالين المادي والتقاني وفي العلوم , والسياسة , والاقتصاد, والاجتماع , والتربية , والتعليم وسواها,   ورغم السيادة التقانية والسهولة المعرفية والسعة المعلوماتية , يبقى الانسان مرجعية كل فعالية وحيوية , حركته دائبة متصاعدة ليست بغاية التطور والتطوير وانما بدوام المراجعة لمقتضيات التطوير ولادواته , اذ يصير الانسان اكثر استقرارا واوسعه في تخصص بعينه فيرتقي هيئة ويعلو مرتبة ويتبؤ مؤهلا يُسًهل  تعريفَه بصفات كالعلمية , والفلسفية , والتخصصية , فيصبح من حقه ويصدق عليه الوصف والقول عالما او فيلسوفا اوحكيما او منظرا في حقل من المعرفة الانسانية ........ وحتى هذا الحد اذ لايصلح المكان ولا المقال ولا يتسعان استيفاء الامثلة التي توضح المراد منه ,فالامثلة المناسبة مهيئة في التخصصات المختلفة ونماذجها التطبيقية متفرعة في اية وظيفة او حرفة ,تعتمد على الموهبة ,ورقيها يستند الى التعلم الدائم ,والبحث الدائب, ومتابعة مستجدات العلم , وعوامل اخرى تدعم ذلك ,مرتبطة برغبة العمل, والتواصل مع البحث العلمي ,وتقدير الانجاز وتقدير الذات المتفانية في ذلك الانجاز . والتوضيح هنا مرهون بمثال واقعي تميزُ انموذجَه الخبرةُ ودقةُ الاداء, والتجربةُ التخصصية ,والقدرةُ على تحويل المعرفة النظرية الى نجاحاتٍ عمليةٍ وكفاياتٍ مهارية ٍ, والمثالُ المناسب , ولربما الانسب ,الحاضر في هذه المناسبة ,هو الاستاذ الجامعي ,لاقتران صفته بالخبرة المباشرة , واعتماد وظيفته على التجربة , والبحث العلمي , وغير ذلك ,كالتدريس ,والتدريب ,والاستشارة ,والتربية والتعليم, فضلا عن حاجة  المؤسسات الاخرى اليه بانتدابه ,والاستعانة بخدماته في التخطيط والمساعدة في تذليل مشكلة حياتية او تطوير مشروع انتاجي , وعلى شاكلة ذلك الكثير . فالاستاذ الجامعي المثالي ,مثلا, وضمن حسبة المراحل الزمنية المعروف بها, الممتدة عبر سنوات عمره ,والمنتهبة  بتوقف الانتاج والانجاز لديه, تكون الحسبة النهائية, بحث دائم, وجهد مستمر ,وتعلم غير ذي حد , فلا تحده درجة قياس معلوم في كسب الجديد من المعارف , هو مضطرد الحركة , ازلي المسعى بهدف الاستزادة من العلوم , لا يحول بينه وبين هذه الزيادة ,حائلٌ قد يكون وقتا” او صحة" او جوعا" ,لا تزعجه اتربة ُرفٍ في مكتبة ,لا يمنعه بردُ ولا حرٌ او يأسٌ , لا يوقفه ليلٌ ولانهارٌ من ان يلج أي فرعٍ فقهٍ او خبرةٍ او تجربةٍ او يزور منتديا "بحثيا" او مركزا" علميا" او دارا" ثقافيا" . يأمل ان تمتلأ جعبة العلم لديه ولا تفرغٌ , تفيضُ ولا تنزرُ , يتمنى ان لا يجمدُ فكره او تتصلبٌ اناملُ البحث عنده او يضعفُ بصره فيحولُ بينه وبين القراءة ,اذ زاده ومصدر طاقته ومسند قامته التي يتمنى الا تنثني اوتهن او يصيبها السكون, اذ يشعر اذ ذلك انه قد بلغ النهاية واقتربت الخاتمة واسرع اليه الموت.....حال كهذا متى تكتمل لديه العلوم ,وتتخصص المعارفُ ,وتنضج القدرات , وتتميز الابداعات ,متى يصل مرحلة التنظير, ويبلغ التصميم ,متى يفترض ويقترح ؟...واجابة  هذه الاسئلة حتما ,لاهي البداية,  وان كانت  مهمة , وهي الانطلاقة الاولى,  وتتضمن الصواب وضده ,وتتضمن التقدم والتراجع, وتتضمن النجاح والفشل, وتتضمن اليأس والامل ,وكل ذلك مقبول في مرحلة الاجازة, وهي خطوة التعلم والتدريب ,ولربما الاتقان والتمكن , اما الاضافة, تأتي بالتاليات من المراحل, المستوعبات لما فات,  المدعمات لما سبق , فيكون المفيد افيد , والدقيق ادق والقوي اقوى ,وكل ينتهي عند تأهيل المتأهل وبلوغه مرحلة توظيف ما تجمع لديه , وما حصل عليه, وتزود به بسهولة التطبيق وبراعة التنفيذ وجودة الاداء , اذ يصبح ضليعا" متفوقا" ,راسخَ المعرفةِ متمرسا" بها ماهرا" في توصيلها الى المستفيد منها .لا يظهر عجزا" في موقف تحتاجه اجابةٌٌ او تحليلٌ قضية ,اوبلوغ نتائج من فرضية ,اوتنفيذ برامج عملية ,او تقديم مشورة او فائدة تخصصية  لتجاوز معظلة اومشكلة ,او صعوبة حياتية.....ومقابل هذا الوصف في الصورة البهية , واحلام العقول الوردية ,الواقع غير,والحال مختلف, اذ يتناوب  على الاستاذ ويتبادل الدورَعليه , القلقُ والتفاؤلُ وبينهما امنيته ,ان يكون القادم من العمر يسيرا غير عسير ,علامته الوفاء والعرفان وحقيقته الرعاية والتقدير...ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. فالواضح البائن من الواقع انه مرٌ’, والحقيقة امرُ, فلا سارتْ الامور كما يتوقع ,ولاعادتْ الاشياء كما يظن, اذ تمردتْ على قدرات الصبر لديه كل المفاجات, وضعفت عنده كل امكانات التحمل والردع والضبط, صدمه الوضع الذي آل اليه , والمكان الذي انزوى فيه, فإذا جليسه النسيان ’وقرينه الاهمال ,ومصيره الانكار ... والباحث في النظم الجامعية ,واعرافها الافتراضية  , وقوانينها يعلم جيدا ويفترض ,اعتزازها بهم ,وان من اهم استراتيجياتها الاستفادة من خبراتهم المتراكمة  , وتعاملها مع حقوقهم باكثر من اتجاه, اوله ,  الجانب الانساني, ومن متمات العمل به قواعد اجتماعية ,ودينبة تتضمن مقابلة الاحسان بالاحسان, ,والاضعف في ذلك ضمان حقٍ طالما سمعوا عن سيادته في الجامعات العالمية والعربية  - وغاب في الجامعات المحلية - اذ كثيرا ما يُسمَع ان تلك الجامعات متمسكة بمنتسبيها , متتبعة احوالهم , معينة لهم , مبتهجة بوجودهم (الا هنا) طاردة لهم ,مستغنية عنهم, متعجلة برحيلهم , متحمسة لحرمانهم حتى مقاعدهم وغرفهم التي ظللت رؤوسهم اعواما واعوام , فلا غرابة من ان يكون الاغرب من معاملة البعض (البعض ) وتقصده تقييد حركتهم ومنع انتاجهم وتحولهم بحسب فلسفة ذلك البعض الى عناصر غير مفيدة ووجود غير فاعل ,اذ انتظمتْ اسماؤهم بقائمة ٍاعدتْ قبل عام من تقاعدهم ,سماها ذلك البعض قائمة المتقاعدين, حرمهم بموجبها حق الاشراف على الدراسات العليا , ومن متمات تلك القائمة ,تسمية  القاطن الجديد لغرفهم وتحديد مواعيد تسليم مفاتيحها غرفهم , تشرفوا بها وتشرفت بهم , واصبحوا عناوين لها وهي عناوين لهم, تشهد على ابداعاتهم , ويشهدون على سموها ونزاهتها ورقيها ....والاغرب الاغرب في هذا المشهد الافربون المتسارعون للظفر بالسكن الجديد والمقعد الحديد اذ يعصفك مرثوناتهم وسباقاتهم واتفاقياتهم التي من صوربعضها طلبات معلنة ,او اتفاقات في الغرف المظلمة , او قرارات مؤجلة , وجميعها , تلتقي عند المفازة بذلك الكرسي , وما زال في الزمن متسع , وللوقت بقية , وما زال صاحبه يملأه بتفوق وروية, ويتربع عليه بامتياز وضوية,  ويتمسك به بجدارة وجدير,مؤتمنا عليه بصفته واقفا منتجا ومبدعا ومتحكما بمقاليد الامور الخاصة به...والاعتى من ذلك والاقهر تقصد ذلك (البعض) افتعال الخصومة لاسماء القائمة ولاقرانهم في المكان والحرفة, يتوعدهم ويفخر بل يتباهى في اعلان حرمانهم من فرص كفلتها القوانين الجامعية تؤمن لهم بقاءهم مدة اطول على سبيل تمديد خدمتهم او حتى فرص اضعف منها كالتعاقد معهم او منحهم صفة اساتذة مشاركين او ممارسين او محاضرين او اية صفة تعمل بها الاعراف الجامعية , بل صار الامر ابعد والحيف اعظم من ذلك بتجاوز الجمبل منهم والقبيح  ذلك الحد فلا يتردد في اظهار امتعاضه وعدم اكتراثه بوجودهم في  ضيعته امتلكها هنا لسبب او لاخر .وعلى شاكلة هذا السلوك حدث ولا حرج ..نأمل ان الا تصبح السلوكيات الغريبة تقليدا وارثا لاسمح الله متداولا في الجامعة , ولا تنجح افعال المتطفلين عليها في اصابتها بما ليس منها ولا مما يميز افعالها ومنهجها الاخلاقي والتربوي ولا يتسبب بهبوط  سمعتها اوخدش تأريخها المجيد,اويجعلها مما ينطبق عليه الوصف بالدخيل على الجامعة ولا يليق بها و بنهجها , ولا بالمكان ومن دخله, والزمان الذي ارخ له , فالجامعة هي الاصالة , والاصالة لا تنبت الا في النفوس الخيرة ولا تنبثق الا من الارواح الفاضلة.

المشـاهدات 804   تاريخ الإضافـة 21/03/2021   رقم المحتوى 10139
أضف تقييـم