الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 35.95 مئويـة
مسرحية تشجع الأطفال على دخول عالم السياسة
مسرحية تشجع الأطفال على دخول عالم السياسة
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

بدأ مسرح الطفل كأداة للتسلية والترفية، وتطور الآن ليصبح وسيلة لطرح القضايا التوعوية التربوية وغرس القيم والمبادئ في نفوس الطفل وتنشيط خياله وحيويته الذهنية. على ضوء هذه القيم جاءت مسرحية “حكايات الصياد وأمير البحار” المشحونة بأفكار لافتة حول الوطن وحب الخير ومقاومة الشر.تعرض مسرحية الأطفال “حكايات الصياد وأمير البحار” حاليا على مسرح بيرم التونسي بالإسكندرية، حيث كان هذا المسرح من حيث موقعه في كورنيش الإسكندرية على البحر المتوسط مناسبا للعرض، وبدا مشهد أمواج البحر الهادرة القريبة مناسبا لأجواء ممالك البحار الموجودة في المسرحية.يتم تقديم العرض الجذاب والحافل بالإسقاطات السياسية من خلال مبادرة “المؤلف مصري” التي أطلقها البيت الفني للمسرح، وتقدمها فرقة مسرح الإسكندرية، وتطرح ثلاث قضايا هي: غرس الانتماء وحب الوطن في نفوس الصغار، وأهمية العلم والأبحاث العلمية، وضرورة تسليح الجيش باستمرار للدفاع عن الوطن ضد الأعداء كدعاة سلام وليس حربا.

انهيار مملكة

تبدأ المسرحية عندما يظهر الراوي أو الصياد الفنان (إبراهيم الملاح) الذي يحكي قصة العرض، ويظهر بين الفواصل معلقا على الأحداث بالغناء تارة، والكلمات تارة أخرى، ويسرد قصة أمير البحار في مملكة العلم في قاع البحر، حيث يهتمون بالعلم والأبحاث العلمية من جيل إلى جيل، فأصبحت أعظم مملكة في أعالي البحار، حتى رزق الملك شومان بابنه الأمير “مرجان” الذي لم يقدّر قيمة العلم ولا العلماء وأهملهم واهتم بإنشاء مدينة للألعاب.في العرض تقفز فكرة تجاهل العلم كأهم عوامل انهيار الشعوب والأمم متمثلة في مملكة البحار، فالمدينة التي كانت تستخدم التكنولوجيا فجأة تتجاهل العلم والعمل به، وتدق أول مسمار في نعش زوالها عن الوجود ولو كانت تحت الماء.مرض الملك “شومان” وإصابته بالغيبوبة كانا النقطة الجوهرية في العرض، فعندما تولى ابنه “مرجان” من بعده مقاليد حكم المملكة لم يتحمل المسؤولية، فبدا مستهترا ويهتم بالألعاب على حساب العلم، ما أصاب المملكة بالوهن والضعف، وأغرى الأعداء بالتفكير في مهاجمتها واحتلالها ومهاجمة سكانها من الأسماك.انهيار جيش أي دولة وغياب رئيسها أو ملكها يعني انهيارها. فكرة رئيسية دعمها العرض، فعندما تعطل جهاز الدفاع المغناطيسي الذي يرمز لجيش مملكة البحار، ومرض ملكها وراح في غيبوبة، أغرى ذلك الأعداء وأهل الشر بمهاجمة المملكة ومحاولة الاستيلاء عليها.

 

أهل الخير والشر

 

على مسافة قريبة من المملكة هناك عصابة القروش الأشرار يتربصون بها، ويدبرون الحيل والألاعيب لاحتلال الدول والفوز بثرواتها، والتهام أسماكها في أعماق البحار، فما أن علموا بتوقف جهاز الدفاع المغناطيسي لمملكة أعالي البحار ومرض ملكها ورعونة ابنه حتى سال لعابهم لمهاجمة المملكة.تطل فكرة خيانة الوطن برأسها عندما تفكر مملكة القروش في الاستعانة بـ“سمعان البهلوان”، وهو أحد أبناء مملكة أعالي البحار ومحاولة استقطابه بالمال ليعمل جاسوسا لصالحهم ليخون وطنه وينقل أسراره، فيسهل من مهمتهم لغزو ومهاجمة مملكة أعالي البحار.كما فعل الفنان المصري عادل إمام في دور جمعة الشوان في مسلسل “دموع في عيون وقحة”، يرفض خيانة الوطن موهما الآخرين بأنه وافق على نقل أسرار بلده، لكنه في أعماق نفسه يرفض خيانة الوطن، ويسرع لإخبار الأمير والأجهزة الأمنية في المملكة بمخطط مملكة القروش ونيتهم في مهاجمة مملكة أعالي البحار.يظهر دور أجهزة المخابرات المختلفة متجسدا في صورة نجمة البحر التي تقوم بجولات استطلاعية لحفظ الأمن القومي، فتكتشف مؤامرة مملكة القروش ورغبتهم في مهاجمة مملكتها فتسارع لإخبار الأمير وحكماء المملكة بمخططهم الدنيء ليستعدوا للدفاع عن أرض الوطن.نتفق أو نختلف على نظام الحكم في الدولة، لكن لا نتخلّف أبدا على حب الوطن والوقوف صفا لحمايته من الأعداء، فكرة أساسية ظهرت بقوة من خلال العرض عندما علمت قوى المعارضة في مملكة أعالي البحار بنية الأعداء لمهاجمة المملكة كي يتحدوا لوضع خطة للتصدي للهجوم المتوقع.عندما يشعر الإنسان بالخطر المحدق بوطنه يتغير ويبدل من طباعه السيئة ويهب للدفاع عنه. هذه الفكرة تناولتها المسرحية تجسيدا في الأمير مرجان الذي يرى الأعداء على الأبواب فيدعو الحكماء والعلماء للتفكير في إنقاذ البلدة، ومساعدته في تطوير جهاز الدفاع المغناطيسي لحماية الدولة عند ساعة الصفر.يدعم العرض فكرة الخداع الإستراتيجي والحرب النفسية كمحدد هام جدا في الصراعات والحروب الراهنة بين الدول عندما تطلق مملكة أعالي البحار دعاية كاذبة تؤكد تعطل جهاز الدفاع المغناطيسي، بينما يعمل بكفاءة وتم تطويره.وفي نهاية المسرحية تطل فكرة الدعوة للدفاع عن الوطن عندما يطلب جيش المملكة من الملك الذي يستيقظ من غيبوبته بالهجوم على مملكة القروش وتدميرهم عن آخرهم، فيرفض الملك، ويؤكد أنهم دعاة سلام وليس حربا، واكتفى باستعراض إمكانياته وتسليح جيشه لإرهاب الأعداء وليس لفنائهم من على وجه الأرض.عندما يعود الإنسان إلى رشده يتم تقديره من الجميع. هي فكرة أخرى تظهر من خلال الأمير مرجان الذي أقلع عن الاهتمام باللعب فقط، واهتم بأمور مملكته، فقدره الجميع وتعاونوا معه للدفاع عن المملكة.الزوجة المتسلطة سليطة اللسان ظهرت من خلال شخصية الفنانة ميشيل المصري التي تدفع بزوجها إلى الهلاك بالإلحاح عليه لمهاجمة مملكة أعالي البحار، فينساق لها وكاد يفقد حياته بسببها.يقول مؤلف ومخرج العرض إيهاب مبروك لـ”العرب” إنه ضم نخبة من الفنانين الموهوبين من خرجي معهد الفنون المسرحية وأعضاء البيت الفني للمسرح وخريجي كلية الآداب قسم المسرح، على رأسهم النجم الكوميدي علاء زينهم الذي يقدم دور الملك شومان.ويؤكد أن المسرحية ابتعدت عن حشو الأفكار الزائدة، واكتفت بعرض ثلاث أفكار رئيسية تتفرع منها أفكار عدة، كتحمل المسؤولية والتطوير واتباع الوسائل التكونولجية للدفاع عن الوطن حتى لا يتشتت الطفل ويخرج من العرض بلا فائدة.جاءت أغاني المسرحية مناسبة للعرض، لكن يعاب عليها أن إبراهيم الملاح نجح في الأداء وأخفق في الطرب، حيث بدا صوته غليظا في بعض الأحيان، والأَولى الاستعانة بمطرب رخيم الصوت ليكون تأثيره كبيرا على مشاهدي العرض.ويمكن القول إن غياب الاستعراضات كان من أهم سلبيات العرض بسبب ضعف الميزانية المخصصة لمباردة “المؤلف مصري”، والتي وزعت على أكثر من عشر مسرحيات قدمت أثناء جائحة كورونا عبر قناة وزارة الثقافة ثم عرضت للجمهور.وعبرت الإضاءة في المسرحية بصدق عن جو عالم البحار، ونجح الديكور في رسم أجواء البحار المتقلبة، وبما تحمله من أسماك وشعاب مرجانية مستخدما تنقيات متقدمة، وبدت ملابس المسرحية موفقة عدا ملابس شخصية سمعان البهلوان، حيث كانت مبهجة أكثر من اللازم، ربما لتتناسب مع شخصيته البهلوانية المثيرة للضحك.وأضفت الموسيقى التصويرية طابعا جماليا للعرض، ويعيبها الابتعاد عن الموسيقى الحماسية التي تناسب هذا النوع من العروض، حيث يتحدث عن الوطن والانتماء، وكان الأولى استخدام موسيقى “المارش” التي تتميز بصوت يجمع بين أصوات الطبول الكبيرة والأجراس والمؤثرات الصوتية القوية وإلهاب حماس الجمهور.لم يكن اختبار النصيحة المباشرة في آخر المسرحية بأهمية الدفاع عن الوطن موفقا، فالطفل وهو المستهدف الأول من العرض بطبعه لا يرحب بهذه الطريقة، وكان يكفي ما قدم في العرض من مشاهد تؤكد على هذا المعنى.

المشـاهدات 926   تاريخ الإضافـة 30/03/2021   رقم المحتوى 10283
أضف تقييـم