الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 33.95 مئويـة
الرؤى والأطروحات عند نقاد السرد المعاصرين . كتاب ( مقاربات نقدية في إشكاليات القصة القصيرة جدا ) للناقد عباس عجاج   أنموذجاً دراسة وفق ( نقد النقد) .
الرؤى والأطروحات عند نقاد السرد المعاصرين . كتاب ( مقاربات نقدية في إشكاليات القصة القصيرة جدا ) للناقد عباس عجاج   أنموذجاً دراسة وفق ( نقد النقد) .
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

القسم الثاني

محمد كتوب

   وتستمر أطروحات الناقد في الكتاب, ومن ثم يتناول جزئية لافتة  في مجال نقد (ق ق ج), ألا وهي مسالة التجنيس التي أمست جدلية واضحة للعيان, ومنها جدلية هل هي نوعا أم جنسا, وبوساطة استقراء رأيه في هذا المجال نرى انه يجد هذه الإشكالية لا تغني ولا تسمن, وعليه يذهب إلى أن التجنيس في حد ذاته آلية لإثارة إشكاليات تبدأ ولا تنتهي.

   ولم يترك الناقد التناول اللفظي لمصطلح القصة قصيرة جدا؛ فاتخذ منهجا تفكيكيا للوقوف على لفظة ( جدا)؛ بوصفها دلالة سيميائية ( إشارية) لمفهوم ( ق ق ج), وعليه عدّ  هذه الثيمة علامة بارزة في التمايز؛ فوجدها جزئية متعالقة مع شخصية هذا النوع من القص المتباينة مع كل أنواع البناء القصصي شكلا ومضمونا؛ وتأسيسا على ذلك أثار الأديب عباس عجاج قضية الحكم على النصوص التي تملك صغر الحجم المشبعة بالإسهاب والشرح والتحليل والتي يعدها البعض قص قصير جدا, فقدم إشكاله على هذه البنائية التي لا تنتمي لهذا النوع القصصي؛ ولكي يكتمل الطرح والرؤية عنده عرج على القضية الأهم في (ق ق ج), ألا وهي حجمها وطولها بوصفه عنصر انتماء النص أو عدم انتمائه له؛ لذلك عمد إلى ذكر أغلب الآراء المطروحة عند النقاد وهي مايلي :

1 – تراوح كلماتها من 6 – 36 كلمة .

2 – تجاوز عدد الكلمات الى 50 كلمة

3 – منهم من ذهب الى 100 كلمة أو يزيد .

4 – منهم من ذهب إلى الحيز الكمي ؛ فقال حجمها نصف ورقة .

5 – ما لا يستدعيك الى قلب ورقة .

   وفي خضم هذه التداعيات المتعلقة بحجم ( ق ق ج), أشار الناقد عباس عجاج إلى رؤيته النقدية حول اشتراط مسابقته العربية الخاص بهذا النوع, والتي اشترطت بطولها 50 كلمة, ما هذا الشرط إلا خصوصية للمسابقة (مسابقة وكالة خبر الإعلامية), ولا يعد هذا الشرط متبنى نقدي عنده, ومن ثم أن قناعته النقدية تفضي إلى حجم القصة قصير جدا لا تحددها عدد الكلمات, إنما مهارة القاص على تطويع خاصية الاختزال والتكثيف, ومن ثم وصول بناء النص إلى حجم القصير جدا, وأنه يجد وصول حجمها إلى نصف صفحة يصعب تحقيق هذه الخاصية.

   ومن الآراء النقدية التي أشكل عليها المؤلف, ما يقع به الكثير ممن يكتبون هذا النوع؛ إذ أنهم يقحمون ظاهرة التعقيد في بنية ( ق ق ج ), ومن ثم إرباك القارئ في الوقوف على دلالة النص وفكرته, أو قد يدخل القاص ألفاظ غريبة تحتاج إلى مراجعة المعاجم, وعليه عدّ الناقد عباس عجاج هذا التشكل عيبا في النسيج السردي للقصة القصيرة جدا, يقول: "ومما يعاب على هذا الشكل ان عددا من الكتاب يتكأ على رمزية النص لدرجة إدغام طلاسم أو مفردات ترهق عقل القارئ..." (9) .

   ومن اللافت في منهج الناقد في كتابه (مقاربات نقدية) تحليه بنفس الجد والمتابعة العميقة, لاسيما ما يصدر من منجزات نقدية وقصصية في إطار ( ق ق ج), ومن هنا شخص عدد من المغالطات, ولعل أهمها ما يُنشر من طباعة للمجموعات القصصية, فقد رصد عددا من الأخطاء, أبرزها ما يُكتب على غلاف المجموعات بأنها ( قصص قصير جدا), في حين أنها تنتمي لنوع قصصي آخر, فقد أوعز السبب في  ذلك إلى إدارة دور الطباعة والنشر, والتي غالبا ما تكثر بها مثل هذه الأخطاء  وعدم توخيها الدقة.

   ولم يغفل الناقد التداخل النصي وإشكالية الفهم الخطأ, ولعل من الإشكاليات التي تناولها ما ذهب إليه المترجم (فتحي العشري) عن ترجمة فصول رواية (انفعالات) للروائية الفرنسية (ناتالي ساروت) وعدها ق ق ج, فقد تقاطع الناقد عباس عجاج مع هذا الرأي, ولكي يكون الطرح والرؤية النقدية ذات طابع علمي لا يقبل الشك؛ عزز متبناه بدليلين, الأول: لم تصرح الكاتبة وحتى أنها لم تلمح على ان ما كتبته قصص قصيرة جدا. ثانيا: لم يُذكر ان أحدا من النقاد الغرب صرحوا بذلك.

   أما ما يخص مسألة الريادة, فقد أشكل الكاتب على ما ذهب له الناقد ( باسم عبد الحميد) حول ريادة (نوئيل رسام) 1930, تحديدا مجموعته (موت فقير)؛ فورد إشكاله على عدم طرح الدليل القاطع لتلك الريادة, وما هو السبب في تعزيز هذه القناعة؛ من هنا عمد صاحب الكتاب إلى الإشارة  بعدمية وجود سيرة للأديب (نوئيل رسام) أو منجز أدبي يمكن من خلالهما الوقوف على صحة ادعاء الناقد (باسم عبد الحميد), وعده رأي ضعيف لافتقاره الحجة والبرهان النقدي الدامغ.

   لم يغفل صاحب المقاربات النقدية الناقد عباس عجاج موضوع الريادة النسوية للقصة القصيرة جدا, فقد فند المزاعم التي ترى ان الريادة النسوية من نصيب القاصة العراقية ابنة محافظة ذي قار الأديبة ( بثينة الناصري ) تحديدا في مجموعتها (حذوة حصان) 1974, مستندا في طرحه على أهم دليل, وهو اللقاء الشخصي مع القاصة, فقد ذكر من خلال لقائه بها أنها ذكرت له عدم كتابتها للقصة القصيرة جدا, لكن الكاتب لم يغفل أن يطرح رؤيته النقدية في الريادة النسوية, فذهب بالقول إلى أن  ( ضياء قصبجي ) 1939 صاحبة أول مجموعة ق ق ج تحت عنوان (إيحاءات ) .

  من خلال هذا التتبع يمكننا أن نجزم بأن صاحب الكتاب بذل جهدا استثنائيا  في الوقوف على أغلب إرهاصات هذا النوع من السرد الذي كثر عنه الحديث واختلفت فيه الأطروحات, الذائقة النقدية المعمقة وطرح الأدلة بشكل موضوعي يعد السمات الأبرز في هذا المنجز الأدبي النقدي, وأخيرا لابد من الاعتراف بأن المكتبة السردية , لاسيما في مجال القصة القصير جدا بحاجة ماسة لهذا الكتاب.

المصادر

1-      مقاربات نقدية في إشكالات القصة القصيرة جدا , عباس عجاج , دار أمارجي للطباعة والنشر – بغداد , ط1 2021 : كلمة المؤلف .

2-      الشعر العراقي الحديث من 1945-1980 , في معايير النقد الأكاديمي العربي , د عباس ثابت حمود , دار الشؤون الثقافية , ط1- بغداد , 2010 : 57 . 

3-      مقاربات نقدية في إشكالات القصة القصيرة جدا , ( مصدر سابق ) : مقدمة الكتاب.

4-      المصدر نفسه : 15 .

5-      المصدر نفسه : 18 .

6-      ينظر : المصدر نفسه : 26 .

7-      ينظر : القصة القصيرة في العراق , هيثم بهنام برى ,ط2 : 37-38 , وينظر : مقاربات نقدية . مصدر سابق :29 .

8-      مقاربات نقدية , مصدر سابق : 29 .

9-      المصدر نفسه : 70 .

المشـاهدات 1040   تاريخ الإضافـة 03/04/2021   رقم المحتوى 10386
أضف تقييـم