أفق ثقافي صلاح ستيتيّة ومستويات اللغة |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب ريسان الخزعلي |
النـص : صلاح ستيتيّة ، شاعر عربي لبناني كبير يكتب باللغة الفرنسية ، حقق حضوراً متميزاً في مشهد الشعر الفرنسي المعاصر . رحل الشاعر بعد أن تجاوز التسعين . كان الإبداع هاجسه المستمر وعلى مستويات عدّة : الشعر ، الرواية ، الدراسة ، النقد ، الفكر ،الفلسفة ، الترجمة ، التنظير الفني حول اللغة والشعر والدين والإسطورة والسياسة . وحينما نقول أنَّ الشاعر يكتب بالفرنسية ، فهذا لا يعني انقطاعه كليّاً عن اللغة العربية ، فقهاً وأدباً ونحواً وصرفاً ، بل على العكس من ذلك نجدَه ُ يصف اللغة العربية بأنها اللغة الأصلية ، اللغة الأُم ، وله من الحنين إليها ما يجعله ُ يتحسر كثيراً واصفاً موقفه بالقطيعه وعقدة الذنب مع الأصول التي جعلته ُ يكتب بالفرنسية بسبب المنفى . في هذه الوقفة أردت ُ الإشارة إلى فهم الشاعر لمستويات اللغة ، وبخاصة عندما كتب عن اللغة العامية أو اللغة الدارجة في كتابه المترجَم ( ابن الكلمة ) ص 28 حيث يقول : إنها واحدة من مستويات اللغة . ومثل هذا القول يُدلل على فهمه العميق لهذه اللغة وأهميتها في الوقت الذي يتردد البعض ( هنا ) وبترفّع مجاف ٍ للحقيقة ، من قبولها لتكون لغة ً أدبية تصلح في الشعر وحوارات الرواية والمسرح والأغاني والتداول اليومي ، رغم أن َّ كل هذا حاصل فعلاً . يقول ستيتيّة : ولكون اللغة العربية ذات مستويات ثلاثة ، فإنها تطرح قضية خاصة بها ، فهناك ( العربية الدارجة ) ..أي اللغة التي تحكيها مختلف الشعوب العربية المنتمية إلى ما يُسمّى خطأً ( العالم العربي ) ..، وتختلف هذه العربية أحياناً عميقاً بين بلد وآخر . ثم هناك ( العربية التقليدية ) الموروثة من الماضي مع قواعد شديدة التعقيد سواءً في القول أو في الكتابة ، ومع أنها لغة غاية في الجمال فلقد أصبحت لغة جامدة لا تُستخدم إلا في المناسبات الكبرى . ومنذ حوالي ستين سنة ، ينصب جهد الكثير من الكتّاب والمثقفين العرب على تسليس تلك اللغة وعصرنتها ، لجعلها تواكب عالم اليوم بضروراته ومتطلباته . من هنا نشأَ ما يُشكّل مظهراً ثالثاً للعربية ، أي ( العربية الوسيطة ) التي تتداولها وسائل الإعلام ويتزايد استخدامها من قبل الكتّاب الذين يمارسون نوعاً من التأرجح بين العربية التقليدية والوسيطة . بالنسبة لي ، لا تطرح العربية الدارجة أو الوسيطة أي صعوبة ، بينما تطرح العربية التقليدية صعوبة حقيقية أشترِك فيها مع العديد من كتّاب العربية أنفسهم . صلاح ستيتيّة ، في فهمه هذا ، يكون قد نفض الغبار عن جوهرة اللغة العامية ( الدارجة ) لتكون واحدة ً من مستويات اللغة في ثقافتنا اللغوية الأساس أو الشعبية على السواء ... |
المشـاهدات 429 تاريخ الإضافـة 04/04/2021 رقم المحتوى 10403 |