ليس فقط النظام الكليبتوقراطي هو الوحيد الذي يسهم بحماية الفساد ومنع محاربته والقضاء عليه ، على اعتبار ان طبيعة هذا النظام تحويل القوى السياسية المشاركة فيه الى اقطاعيات سياسية تحتمي خلف السلطة والنفوذ لتحمي من ينتمي اليها من الفاسدين كلما لاحت بوادر للاقتصاص منهم ، لانها بالنتيجة تحمي نفسها.

فبالاضافة الى هذا النظام الذي يتجسد لدينا بأسوأ صوره ليقضم المال العام ويستحوذ عليه بدون مسائلة او قصاص ، هناك ظاهرة غريبة يسهم فيها المجتمع بجميع افراده ليكونوا جزءاً من هذا النظام عن قصد او بدون قصد ، ظاهرة تتجلى بطريقة الاذعان لمنظومة الفساد والتماهي معها والتعاطي معها على انها واقع حال وأمر محتوم لايمكن تغييره او رفضه او تجنبه ، بل في مرات عديدة ربما ينبري من يدافع عنه تحت ذريعة عدم وجود البديل او استحالة الحل ، ليغدو بعدها سلوك طبيعي ، فالرشوة التي يتشارك فيها اثنان بذات درجة الجرم سواء من يعطي او يأخذ ، هي وسيلة شائعة ومقبولة ومتعارف عليها وان رفضت او استنكرت قولاً لكنها فعل يقدم عليه المجتمع بغض النظر عن وقوفه مع اي الجانبين ، حيث سيجد كل منهما الذرائع لتسويغه والدفاع عنه مثلما هو الاستغلال للموقع الوظيفي للحصول على مكاسب والاستئثار بما متاح من فرص للمسؤول للانتفاع واستنزاف الصلاحيات الممنوحة له لجانب شخصي بما يتعارض مع القانون وغيرها من حالات السلبية والتخلي عن مسؤولية التصدي للفساد نزولاً عند علاقات المحسوبية والمنسوبية والمجاملة والمحاباة الى الدرجة التي يتهم بها من يرفض السلوكيات الفاسدة ويحاول تصحيحها او مواجهتها انه نوع من البطر ، فالامر لايقتصر بحسب منتقديه على هذه ، لانها (خربانه) ولم يعد هناك امل لاصلاحها وهو اقرار ساذج يتبعه القطيع الذي لاحول ولاقوة له لكن الاسوأ فيه هو الانتقال الى النخب بكل تصنيفاتها.

المواطن السلبي والذاعن والشريك المستسلم لممارسات الفساد هو الاخطر في حلقة الحرب عليه ، لانه يسهم بشكل مباشر وغير مباشر بالتستر عليه وتشجيعه وحمايته ، حتى يكتشف متأخراً انه اصبح جزءاً لايتجزأ من منظومته.

باسم الشيخ