الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 28.95 مئويـة
مصباح علاء الدين..ينير درب حرب الرقائق البرامجية الرقمية بين الديمقراطيات التكنولوجية و(أنظمة الاستبداد التكنولوجي)!!
مصباح علاء الدين..ينير درب حرب الرقائق البرامجية الرقمية بين الديمقراطيات التكنولوجية و(أنظمة الاستبداد التكنولوجي)!!
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.م.د. أكرم سالم
النـص :

اقتصاد القرن الحادي والعشرين الحالي انتقل بلا عودة الى اقتصاد معرفي تقني رقمي ،وقد اصبح رأس المال التقليدي رأس مال فكري معرفي Intellectual capital I/C وصار بلا منازع بيضة القبان الحاسمة التي ترجّح كفة الغالب من المغلوب في هذه اللعبة الاستراتيجية الوحشية بكافة صنوفها التجارية الاقتصادية والعسكرية والتي تقطر دما بل تسكب انهارا من دم الجنود المراق من مختلف البلدان وعلى مختلف الجبهات والاصقاع الممتدة من بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان. لقد كانت القرون السالفة تتعاطى مع رأس المال المادي من اموال مسيلة او آلات صغيرة او كبيرة غير ان رأس المال الفكري اضحى القلب والعقل ومحرك الاقتصاد واستثماراته وتجارته وتقنياته ولاسيما الدقيقة والرقمية Digital المتمثلة في الذكاء الصناعي Artificial Intelligence والروبوتات والهايبركونكشن الشبكية الفائقة ،وكلها تستخدم رقائق السيليكون البرامجية او الدوائر المتكاملة المدمّجة رقميا . وحتى نزيل الغموض قليلا يمكنني تشبيه الرقاقة السليكونية البرامجية بأنها تصغير ودمج تكاملي متناهي الدقة لمئات او آلاف الدوائر الالكترونية واشباه الموصلات ونحتها ليزريا وبالاشعة فوق البنفسجية وسبكها برقاقة سيليكونية لتكون فيلما رقيقا-نانو لا تتعدى مساحته سنتمترا مربعا تقريبا غير أن اداءها يكافيء بل يتفوّق على نظيرتها التقليدية من المحطات العملاقة التي تزن آلاف الاطنان وتشغل مساحات شاسعة يشغلها مئات المهندسين والقادة الاداريين!! كل ذلك تم دمجه وتركيبه في تلك الرقاقة الرقمية الخارقة ليتكامل عملها مع رقاقات مماثلة تؤدي نتائج محددة سلفا من قبل المصمم الريادي . ولأن هذه الرقاقات الصغيرة تتداخل عمليا مع جميع المنتجات والصناعات الحالية وبكل اصنافها وصورها المدنية والعسكرية في جميع ارجاء العالم تصميما وانتاجا ومخرجات فقد احتلت بجدارة استراتيجية مميزة موقع الصدارة في الاقتصاد المعاصر والتقنية المعاصرة والنزاعات المعاصرة التي تحسم (لعبة) صراع التجارة والحرب المحتملة او القائمة هنا او هناك .لم تعد حروب وجيوش القرن الحادي والعشرين خزينا وحصيلة جبرية في ميزان القوى للمدفعية والبنادق والصواريخ التقليدية والدبابات لكنها ترتيب وتنسيق استراتيجي لصراع الارادات فائقة الذكاء الصناعي ،هي نزاع الروبوتات الخارقة والصواريخ البالستية الماحقة والطائرات فرط الصوتية العصيّة على التشويش والدرونات المسيرة التي تتوجه من على بعد الاف الكيلومترات .وهو ما دفع الرئيس الاميركي السابق ترامب الى وضع شركة هواوي الصينية في القائمة السوداء تجاريا في محاولة لعزلها عن تلك الرقائق البرامجية الامريكية الذكية وهو قرار يحمل في طياته ابعادا اوسع من تلك الصفقة اذ انه يتضمن سعيا امريكيا محموما لعزل الصين عن لهاثها في اللحاق بركب تطوير تلك الرقائق السيليكونية المتقدمة . فالصين حاليا تصدر بما قيمته 100 مئة مليار دولار من رقائقها المتداولة المصنوعة بمعظمها من قبل شركة سيميكوندكتور شنغهاي لكنها كانت تستورد بما قيمته 300 ثلاثمائة مليار دولار من الرقائق الفائقة التطور حسبما افادت شركة HSBS الغربية، اذ ان هذه الرقائق الخارقة تصنّع حاليا في ثلاث شركات امريكية هي انتل الامريكية بوادي السيليكون الامريكي و المتخصصة في الاجيال الرائدة من هذه الرقاقات السيميكوندكتور–المعالجات الفائقة ، والاخرى تقع في  كوريا الجنوبية– سامسونغ وفي جزيرة تايوان–TSMC هذه الجزيرة التي تدّعي الصين بعائديتها لها وتعدّ العدة لاسترجاعها سلما او حربا فهي قضية مصيرية استراتيجية لبقاء الصين وريادية دورها المستقبلي . طبعا الولايات المتحدة تعي ذلك وأبعاده المستقبلية تماما ولذلك فهي من جانبها تعد العدة لتطويق الصين وعزلها علميا وتقنيا من خلال الدفاع المستميت عن تايوان وحلقاتها التقنية المتقدمة العائدة لامريكا حصرا. وقد وصفت مجلة فورن افيرز الامريكية المتخصصة في الشؤون الاستراتيجية دوليا مجريات هذا الصراع المصيري بالديمقراطيات التكنولوجية في مواجهة (انظمة الاستبداد التكنولوجية) وتقصد بها انظمة الصين وروسيا وحلفائهما!! يقول مدير شركة انتل السابق جاي هوانغ جي ان صناعة هذه الرقاقات– ديجيتال جيبس هي صناعة وتقنية بالغة الصعوبة والوحشية وتعتمد اعتمادا كبيرا على التراكم الصناعي طويل الأمد!! ردا على سعي الصين للحاق بالغرب وتأكيد الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن على الصين الاعتماد على الذات بمواجهة حصار الرقائق البرامجية المفروض على هواوي والمنتجات والتقنيات الصينية ولغرض تجسير ثغرة تقنية تمتد لعقد من السنين على اقل تقدير تفصل الصين عن الولايات المتحدة الاميريكية..المشكلة تكمن ان الصين تطارد هدفا متحركا كالسراب كلما يبدو لها اللحاق ومقاربة ردم الهوّة بين الطرفين لكنها تجد ذلك الهدف قد تحرك مبتعدا بمسافة فارقة وبأجيال جديدة من صنوف تلك الرقائق الذكية الخارقة..وهكذا دواليك!!..لكن نحن في الشرق العربي متى نصنع رقائقنا السيليكونية الذكية؟؟ ونحن في العراق مثلا لدينا وادي سيليكون الرمادي ،هنا نتساءل..هل السيليكون وحده يكفي؟؟ ام يستلزم ذلك مصباح علاء الدين السحري لندعكه فيخرج لنا  المارد بطرفة عين يحقق لنا كل ما نبتغي لاجيالنا ومستقبلنا !!

المشـاهدات 804   تاريخ الإضافـة 17/04/2021   رقم المحتوى 10783
أضف تقييـم