السبت 2024/4/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
دراسة نقدية          واحة الحب الخضراء في ... إبنة الشمس
دراسة نقدية          واحة الحب الخضراء في ... إبنة الشمس
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

يوسف عبود جويعد

حفلت المجموعة الشعرية (إبنة الشمس) للشاعرة منال الحسن، بكم كبير من النصوص الشعرية، التي تنتمي الى عالم االحب والعاطفة، وتلك العلاقة الإنسانية التي تجمع بين المرأة والرجل، في أسمى وأعلى ما يمكن للقصيدة النثرية أن تقدمه من مفردات حسية شعرية متوهجة، تنقل الوجد والوله والشوق والهيام، وسرعان ما تنقلك تلك النصوص الشعرية التي ضمتها هذه المجموعة، الى واحة خضراء معشوشبة، وورود ملونة عطرة، ونهر منساب رقراق صاف جميل،واشجار خضراء ترفرف مع نسائم الصباح المنعشة، إنها تحرك فينا هذا الشجن والوجد والشوق الى لقاء الأحبة، ومن هنا نعرف الحقيقة التي لايمكن أن تتغير، أن الشعر وجد للحب، وبه تزهو القصيدة وتنطلق، وترسم لنا الشاعرة ملامح إمرأة تسكن كل قصيدة، وتنقل بنعومتها وشفافيتها، وصوتها الشجي، وما تكنه المرأة عن الحب وما يحدث فيه، وهو علاقة إنسانية نبيلة خالدة ابد الدهر، فلايمكن للمرأة أن تبتعد عن الرجل، وكذلك لايمكن للرجل أن يبتعد عن المرأة، كما إنها ومن خلال تلك النصوص الشعرية تقدم لنا حقيقة المرأة عندما تعشق وتحب، كيف ترى المعشوق؟، وكيف يكون اللقاء؟، وبأي المفردات الشعرية تتغنى به، وتنقل لنا خصاله، ومكانته في حياتها، أنها تراه الدنيا بطولها وعرضها، وتراه الفرح ، والسعادة، والعاطفة الملتهبة الجياشة، هكذا صنعت الشاعرة قصيدتها النثرية، بمفرداتها التي تناشد الافئدة، وبإنزياحها العالي نحو هذا الاحساس، وبدلالاتها ورموزها، وصورها المتخيلة، وإستعاراتها التي تسحب بساط حياة العاشقين الينا، فتهفو النفوس الى تلك الحياة، لقد استطاعت الشاعرة أن تفرش لنا تلك النصوص الشعرية بكل مايتعلق بالحب والعاطفة وحياة العاشقين، الا أن هذا الحب لا يتوقف عند العاشق الموعود وهو يأتي بجواده الابيض، ويرتدي البياض ليخطفها الى الجنة الموعودة، بل أن القاسم المشترك في هذه القصائد أيضاً حبها لوالدها الذي فقدته، وترك أثراً كبيراً، في حياتها، كما افردت له قصائد تخص فراق الاب، ومن الطبيعي أن الابنة  عندما تجد أن ابيها هو واحة حنان وحب تعشقه، وتتمنى أن يكون فارس أحلامها يحمل صفات ابيها، وهذه التركيبة المحببة إجتاحت بنية النصوص، فشكلت هالة مضافة تسحر القلوب بعمق المفردة الشعرية، وثيمتها، وموضوعها، وتشكيلها وتكوينها.

وهكذا ستكون رحلتنا ممتعة وشيقة، مع قصائد كتبت للحب، لتثبت أن الحب هو الطريق للحياة السعيدة، في قصيدة (انا....) تضع لنا الشاعرة رؤيتها الفنية وملامح بناء القصيدة حيث تقول:

انا شاعرة ياحبيبي

جُبلتُ على التحرر

لي أجنحة

هي أحلامي

ونوافذي التي أطلُّ منها

على حقولِ فسيحة

أرها تشيرُ لي

وهي تترنم بخضرتها

انا.. هكذا

لا أحب الأقفاص

حتى لو

من ذهب كانت

أو فضة

هي كبت لعوالمي

وفي نهاية القصيدة تتوضح لنا الرؤية الفنية، لعالم الحب الذي إجتاح مبنى القصائد

ونحن نغني

بعيداً

عن عيون المارة

بعيداً عن حسد الرجال

وغيرة النساء

بعيداً عن تراب الفتن

وطين الخوف

ومستنقع الأسى

تعال يا حبيبي.........

ثم نمضي قدماً ونحن نحث خطانا نحو واحة الحب المعشوشبة، في قصيدة (حب...) تقدم لنا الشاعرة الحب كما تحسه العاشقة، وكما تريده:

حين أحببتك

ورسا قاربي على جرفك

حين وضعت قدمي عارية

على أرض شاطئك

حين لامس رملك

وردة ساقي

تجاهلت كلا

قوانين الأرض

نقشت وشم حياة جديدة

على ملامحي

واحتميت بالسماء

بندائها المفتوح

على قلبي

ثم ننتقل الى قصيدة (همس الألوان) وهو همس لألوان القمصان التي يرتديها الحبيب ولكل لون وقع خاص على قلبها:

الأصفر يربكني

كثيراً

لأنه يأخذني لنجم بعيد

الأحمر إيقاع النار

يضع قلبي على كفي

فأرى ألسنة تتصاعد

الأسود ...

ما بخبئه الجمر

وما يغلق الصباح

ويجعله حاداً

والأزرق ...أمواجٌ

تزحف على شاطئ

لتطفئ ما تبقى

من حبات الكأس

الأبيض

طفولة مرحة....

ركض خلف طائر مشاكس

والأخضر !!!

الأخضر دائماً

حقول...

موسم مهاجرٌ للنشوة

وهكذا فإنني استقطعت جزء مختصر لتفاصيل كل لون، اسهبت الشاعرة بتقديمه بشكل ادق وافضل واكثر حرية ، وفي قصيدة (هاتف الموت ..) والتي تقدم لنا فيها مرثية مؤثرة لفقدان الاب، وما تركه من أثر على نفسها:

برقٌ..

رعدٌ

الدنيا مجنونةٌ

والسماء لم تمطر

كانت محتقنةً

تلهثُ فيها أشباح الرعب

وتملؤها الغيوم

ثقيلة

غاضبةً

وهي تمر علي ليلنا

البرقُ وقحٌ وهو يغزو هدوءنا

ونحن نترقب حديقتنا

وفي المقطع الأخير من هذه القصيدة، يزداد الشجن ويحتد، ممزوجاً بلوعة الفراق، وما تركه الاب من أثر:

إلى وحشة الفقدان

إلى الحياة التي لا نبض فيها

إلى حكمة انتظار موعد

لن يأتي

حينها...

صار بيتنا موحشاً

ينام في الظلام......

وصرنا أضغاث أحلام

تنامُ على قسوة الفقدان

وتصحو على نعيب غراب

آه...

يا هاتف الموت

ونعود ثانية الى البؤرة الرئيسة والمركزية، التي إجتاحت فضاء هذه المجموعة الشعرية، الا وهو الحب وما يحدث فيه، لنتابع قصيدة ( ماذا لو كنا معاً؟):

ماذا لو كنا معاً

في حلم واحد

أو غيمة واحدة

أو عر بة تتهادى

أو لمحة من غبار الزمن

أنا وانت

هل سنكلف خزينة الرب

كثيراً

هل سنؤثر على مملكته

وحورياته

هل نربك حركة النجوم

ومسار الأرض

وتاريخ الحضارات

وفي قصيدة (بكامل قلبي) التي تقدم لنا رؤيتها الفنية عن الحب والعلاقة العاطفية بكل انطلاقتها:

هل كنت مجنونة

ليلة البارحة

وأنا أكشف له

عن مرايا القلب

فلم أترك زاوية

إلا وشهقت بحبك

لم أترك قميصاً

إلا وعطرته بقصائدي

التي أكتبها لك

بيد أنني

لست العاشقة الأولى

ولن أكون الأخيرة حتماً

ولكنني العاشقة الوحيدة.

ضمت هذه المجموعة الشعرية ثلاثة وثلاثون قصيدة شعرية، كتبت للحب ومن الحب، لتنعش قلوب العشاق، وتزدهر الحياة وتخضر.

من اصدرات منشورات احمد المالكي _بغداد- شارع المتنبي لعام 2021

المشـاهدات 1075   تاريخ الإضافـة 17/04/2021   رقم المحتوى 10793
أضف تقييـم