الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 36.95 مئويـة
الإيهام في مكافحة جرائم الابتزاز الالكتروني (مواقع وهمية تمارس الابتزاز الإلكتروني بحجة مكافحته)
الإيهام في مكافحة جرائم الابتزاز الالكتروني (مواقع وهمية تمارس الابتزاز الإلكتروني بحجة مكافحته)
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.م.د أسامة ناظم العبادي
النـص :

برَزت جرائم الابتّزاز الالكتروني في الآونةِ الأخيرة بشكل كبير، وعُّدَّت من أخطَّر الجرائم التي تواجهْ المُجتمع العراقي، لِما تُشكِّلهُ من تَّهديد حقيقي لأمن المُجتمع من جِّهة، ولآثارها النَّفسية والاجتماعية من جهةٍ أخرى.

وتَنبَع خطورة هذه الجرائم في العراق من العادات والتقاليد السائِدة، والتي تصِل إلى حد القتل في بعض الأحيان، إذ لا يخفى على الجميع إنَّنا نَعيش في مُجتمع تَحكِمهُ التقاليد القَبلية بشكل كبير جداً، وبالتالي تَكون عملية الابتزاز بِشكل أعقد مِن المُّجتَمعات التي ليس لديها مثل هذه التقاليد، وذلك لتباين الأثر الاجتماعي من مُجتمعٍ لآخر تبعاً لِطبيعة ذلك المُجتمع.

 وتُعرف جريمة الابتزاز الإلكتروني بأنها تهديد يَّطال شخصاً أو مجموعة أشخاص بهدف ابتزازه لحملهِ على الِقيام بفعلٍ أو الامتناع عنهُ؛ فالابتزاز الإلكتروني هو عملية تَهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو مواد فيلمية أو تَسريب معلومات سرية تخص الضحية، مُّقابل دفع مبالغ مالية أو استْغلال الضحية للقيام بأعمال غَير مَّشروعة لصالح المُّبتَزين.

وتعدّدتْ صور الابتزاز الإلكتروني، إلا أن الأشهّر من بينِها الجّرائم التي تُرتَّكب عبرَ وسائلْ التواصل الاجتماعي مثل الفيّس بوك والانستگرام والسناب چات وغيرها، إذ يقوم المُبتز باسْتدراج الضَحية بوسائل مُختلِفة للحصول على ‏صور أو وثائق ‏ومن ثم اسْتدراج الضحية من أجل الحصول على المّلذات الشَخصية أو الحصول على الأموال بعد القيام بتَهديد الضَّحية بنشر هٰذه الصور والوثائق التي حصلَ عليها عن طَريق المُراسلات التي تَكون بين الضَّحية (ذكراً كان أم اُنثى) من خلال الاستدراج ‏بِعلاقة عاطفية مع المُّبتز، ومن ثمْ استدراجه شيئاً فشيئا ًحتى يحصل على الصور اللازمة أو الوثائق أو المعلومات أو فقط المراسلات، ومن ثم يقوم بابتزاز الضَحية، وهذه الطريقة الاجرامية الأشهر والأكثر وقوعاً في مجتمعنا العراقي للأسف.

فضلاً عن ذلك يُمكن أن تَّكون عمليات الابتِزاز من خلال (البَيجات) والصّفحات الخاصة بالسحرِ والشعوذة والخيرة، أو من خلال الصفحات الخاصة بعمليات التَّجميل ومواده، والتي يطلب فيها المبتز صورة لوجه الضَّحية او صورة‏ جسّده او جسدِها، وتُخدع الضحية تحت ذَريعة مَعرِفة القِياس أو شَكل أو لون البشرة، وبَعدَ الحصول عليها تتم عمَلية الابتزاز للحصول على الأموال أو إجبار الضحية بفعل شيء مُّخالف.

هذا ويُمكن أن يَّكون الابتزاز من خلال اختِراق الِحسابات الإلكترونية مثل الإيميل؛ أو تهكير حسابات مواقع التواصل ويحصل بموجبهِ المجرم على ُمبتغاه؛ ويقوم بتهديد الضحية بنفس الطَّريقة التي تمَّ شرحها سابقاً.

‏إلا أن المثير للانتباه ظهور طريقة غريبة جداً تمارس من خلالها جريمة الابتزاز الالكتروني، وهي إنشاء العَديد من الصفحات الالكترونية التي تَدعي مُّحاربتها لجرائم الابتزاز الإلكتروني؛ وتَدعي حمايتها لضحايا الابتزاز الإلكتروني، ويدعو الضحايا للجوء إليه لغرض إنقاذهم من المشكلة التي وقعوا فيها، ومن ثم يقوم هذا البيج أو الصفحة باستدراج الضَحية للحصول على معلومات و أسرار ما تعرض له من عمليات الابتزاز، وتقع الضحية مرة أخرى بجريمة ثانية من خلال حاجتها للجوء لأي شخص او جهة لكي يخلصها من عملية الابتزاز الأولى الواقعة تحت ضغطها، ومن ثم تنصدم بأنها وقعت فريسة لعصابة أخرى نتيجة الجهل والتخبط الذي قامت به.

ويأتي سؤال مهم يدور في ذهن الجميع، وهو كيف للشخص أن يتصرف حال وقوعه ضحية للابتزاز الإلكتروني؟ وما هي الوسيلة الناجحة للتخلص من المشكلة الكبيرة التي وقع فيها الشخص المبتز؟

‏بالتأكيد الحلول كثيرة تكون أمام الشخص المبتز، وفي مقدمة هذه الحلول هو لجوء الشخص المبتز إلى أحد الأشخاص المقربين منه كأن يكون صديق مثلاً أو معلم أو مدرس أو أي شخص يكون محل ثقة، ويفضل أن يكون من العائلة على شرط أن يكون الشخص المبتز على علم ودراية ‏بطبيعة وتركيبة عائلته، فإذا كانت من العوائل المتشددة ممكن أن تثير له العديد من المشاكل وحتى تصل إلى القتل، وفي هذه الحالة يفضل أن لا يطلع أحد أفراد الأسرة على ما حصل، أما إذا كانت طبيعة العائلة تتفهم ما يحصل فمن الأفضل اللجوء إلى العائلة لأنها الأكثر حرصاً على سلامة ابنها أو بنتها.

مثال ذلك رجوع الفتاة الى أمها أو أحد إخوانها أو أخواتها لطلب المساعدة وشرح ما تعرضت له.

وبعكسه يفضل ان يلجأ المبتز إلى المعلم او المعلمة أو أحد الأصدقاء ‏باعتبار أن الشخص الذي يقع تحت الابتزاز الإلكتروني يكون مضطرباً من الناحية النفسية وبالتالي يفقد جادة الصواب ويبدأ يتصرف بشكل خاطئ ويكون بأمس الحاجة إلى شخص آخر لكي يرشده للطريق الصحيح للتخلص من هذا الضغط الذي يقع عليه.

كذلك ضرورة أن يقوم المبتز بإغلاق جميع حسابات التواصل الاجتماعي و البريد الإلكتروني وجميع وسائل الاتصال على الإنترنت، وعدم التواصل نهائياً مع الشخص المجرم، حتى لا يتعرض لمزيد من الابتزاز المالي والجنسي وغيرها.

وفي الخلاصة نؤكد بأن أسلم الطرق وانجحها هو إبلاغ الجهات المختصة من أجل القضاء والتخلص من حالة الابتزاز، فالعديد من القضايا انتهت من خلال اللجوء للجهات المختصة.

وعندنا في العراق قسم متخصّص في جهاز الأمن الوطني العراقي وكذلك وحدة خاصة لمكافحة الابتزاز الإلكتروني أنشأت من قبل وزارة الداخلية العراقية، ويتم اللجوء أما عن رقم مكافحة الابتزاز الإلكتروني في العراق أو من خلال الموقع الالكتروني المخصص من قبل وزارة الداخلية العراقية، إذ  يمكن التواصل مع وحدة مكافحة الابتزاز الإلكتروني بسهولة وسرية تامة عبر ملء بياناتك وترك الأدلة أو التواصل المباشر مع الضباط في الوحدة ذاتها لكي يتم التعامل مع الحالة بجدية تامة وتخليص الشخص المبتَز من الجريمة التي وقع فيها ومحاسبة المجرمين لينالوا جزاءهم العادل.

وفي الختام، نحرص أشد الحرص على تنبيه الجميع إلى ضرورة الوقاية والانتباه بشكل أكبر كي لا يقعوا فريسة لمجرمي الابتزاز الإلكتروني لما له من آثار اجتماعية ونفسية كبيرة.

المشـاهدات 1380   تاريخ الإضافـة 18/04/2021   رقم المحتوى 10852
أضف تقييـم