الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 35.95 مئويـة
قراءة في كتاب الحمامة ل ( باتريك زوسكيند )
قراءة في كتاب الحمامة ل ( باتريك زوسكيند )
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب  لينا كنجي
النـص :

  الرواية تتحدث عن جوناثان نويل الذي يعبد الروتين الممل والقاتل،  حتى أستيقظ في ذلك اليوم المشؤوم كما يصفه ورأى الحمامة التي قلبت حياته رأساً على عقب . هنا يكمن السؤال كيف لمخلوق لطيف وجميل كالحمامة الذي نعتبرها رمزاً للسلام أن يصفها نويل بأنها كارثة ومخلوق شنيع يرعبه .  بالرغم من أن حياته فيها أحداث مأساوية أكبر من حادثة الحمامة .  على سبيل المثال في طفولته عندما تركه والديه هو وأخته في منزل أحد الأقارب وبعدها عندما ذهب للعسكرية وعندما عاد لم يجد أخته الوحيدة وتركته خطيبته وهربت مع حبيبها ...  سيقول البعض أن نويل أحمق والبعض الآخر جبان أما أنا فأقول أن كل هذهِ الأحداث كان لها تأثير عميق في شخصيته أن هذهِ الأحداث بالذات سبباً في جعل نويل شخصاً منعزلاً وانطوائياً في شقته الصغيرة وأنها سبباً أيضاً في خوفه من الحمامة .  لقد هلع نويل عندما رأى الحمامة وقرر ترك شقته والذهاب إلى مكان آخر الى حين مغادرة الحمامة فجمع كل أغراضه وقرر الرحيل صادفته في الطريق جارته الفضولية التي هي أيضاً تعتبر عبيدة للفضول .  وعندما وصل إلى البنك الذي يعمل فيهِ حارساً وقف لساعات عديدة لا يفعل شيئاً سوى فتح وغلق الباب لتمر سيارة مديره ....  لقد شعر نويل أن اليوم مختلفاً حقاً فبعد أكثر من ٢٠ عاماً وهو يرى نفسه مؤهلاً لوظيفته ، وأنهُ عكس الشباب الذين لا يحتملون هذهِ الوظيفة لأكثر من أسبوعين وبعدها يهمون بترك وظيفتهم .  اليوم أنهُ مثلهم فهو لم يعد يشعر انهُ مؤهل لهذهِ الوظيفة انهُ أنسان مهمل تجاه وظيفته .  بعدها يلاحظ الأشياء الذي لم يلحظها أبداً طوال ال ٣٠ عاماً من حياته لقد سمع أكثر مما يسمع عادةً ورأى أكثر مما يرى يومياً، يذهب نويل إلى الشقة التي أستاجرها وهَمَّ بتناول الطعام وبعدها رحل الى النوم وهو مصمم على الأنتحار غداً  أنها النهاية حتماً .  أستقيظ على صوت مرعب ظن أنها ليست نهايته فقط بل نهاية العالم أيضاً ...  أخذ يخمن أين هو ؟ وما الذي يفعله هنا ؟  أهو في شقته ؟  أنه في السرداب في بيته القديم وأنهُ لازال طفلاً وما الرجل الكهل الذي رأه سوى حلم .  وبعدها عرف أنهُ في الشقة التي أستاجرها وتعرف عليها ...  أنه صوت الرعد ظن أنه أثناء خروجه لن يرى البيوت لا بد أنها تهدمت .  قام بأخذ أغراضه عند الفجر وهم بالرحيل والمشي في الشوارع بعد سقوط المطر قام بالقفز في البرك ولم يفعلها منذ وقت طويل منذ أن كان طفلاً ...  عاد الى شقته شعر بالخوف من رؤية الحمامة من جديد ولكن بعد استنشاقه رائحة قهوة جارته أحس بدافع للأستمرار وعند دخوله الممر الضيق المؤدي لشقته لم يرَ الحمامة فقد رحلت .  ........................................... أراد باتريك زوسكيند أيصال فكرة أن الأنسان يتحول الى ألة مع مرور الوقت ، عبيد للروتين فأخترع شخصية نويل ...!  نويل غيرته كل الظروف التي عاشها في مرحلة الطفولة والشباب وجعلت منهُ شخصاً منعزلا يكره العالم ، شخص يقدس العمل الممل الذي يجرده من شعوره بالحياة .  إلى يوم ظهور الحمامة بحياته،  الحمامة التي غيرت حياته ، وروتينه وجعلته ينظر للحياة بغير نظرة .  من الطبيعي أن يخاف نويل من الحمامة فهو في النهاية شخصية منعزلة لم يتحدث مع أحد منذ زمن ولم يلتقِ بأحد، كان مجرد آلة للعمل والأكل والنوم .  وصف باتريك زوسكيند نويل بعد حادثة الحمامة التي جعلته ينظر للأمور بغير نظرة !  أصبح يبدو له كما لو أن عينيه ما عادتا ملكه ، كما لو أنه يجلس ، هو بالذات ، خلف عينيه ينظر من خلالهما مثلما ينظر من خلال نافذة جامدة مدورة .  كره نويل حياته وانزعج منها ، حتى أكتشف نفسه ليس سوى جني صغير مسجون في دمية ضخمة تتحرك أوتماتيكياً .....  لم يعد يسيطر  حتى على تحركات جسده أنها تنصاع لفتح وغلق الباب لمديره .  أن الروتين يقضي علينا ويحولنا بمرور الوقت الى الأت تعمل أوتماتيكياً الوظائف التي يتوجب عليها فعلها .  أنهُ لأمر مرعب أن نكون سوى آلات .  في يوم من الأيام لربما نستيقظ نحنُ أيضاً لنعش ما عاشه نويل ، وننظر الى الحياة بنظرة تختلف عن نظرتنا السابقة .  ولكن من الممكن أن لاتكون حمامة من يدري لعلها تكون نملة أو حدث صغير وتافه يغير حياتنا ...

المشـاهدات 2348   تاريخ الإضافـة 20/04/2021   رقم المحتوى 10926
أضف تقييـم