الجمعة 2024/4/19 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 21.95 مئويـة
الخِطاب الشعبوي .. أداة سياسية لإغراء الجمهور
الخِطاب الشعبوي .. أداة سياسية لإغراء الجمهور
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب قحطان الزيادي
النـص :

للوهْلة الاولى يظّن القارئ ان الشعبوية هي خدمة الشعب او شيء يصب بمصلحته ولكن الحقيقة على العكس تماماً انما هي اداة يستخدمها الزعماء من اجل كسب العواطف و التأييد الشعبي لتحقيق مكاسب خاصة لا عامة ، و يمكن تعريف الشعبوية كإيديولوجية، أو فلسفة سياسية، أو نوع من الخطاب السياسي الذي يستخدم "الديماغوجية" ودغدغة عواطف الجماهير بالحجاج الجماهيري لتحييد القوى المعاكسة، حيث يعتمد بعض السياسيين على الشعبوية لكسب تأييد الجماهير لما ينفذونه أو يعلنونه من السياسات، وللحفاظ على نسبة جماهيرية معينة تعطيهم مصداقية وشرعية.ومن أكبر النتائج الكارثية للشعبوية هو قدرتها على اقناع عدد كبير من الشعب وغالبا ما يشكلون الأكثرية للقبول بالسلطة المطلقة للشخص . وتتصاعد قوة ونفوذ الحركات الشعبوية عادة خلال الأزمات السياسية أو المالية و الاقتصادية وفي الانتخابات تكون ذروة الخطاب الشعبوي حتى يصل اصحاب هذا الخطاب لمرحلة عالية من النعومة في الكلام . و معاني الشعبوية متضاربةٌ، تتراوح بين الرومانسية الثورية والدُّونِيّة السياسية، لكن ما يجمع معظم دُعاة الشعبوية مقاربتهم التبسيطية في استخدامهم لمفردة "الشعب"، وادعاؤهم أنهم صوت وصدى وضمير هذا "الشعب"، فضلاً عن احتكارهم لتمثيله وخدمته ، وتركيزهم على خطابٍ عاطفيٍّ يفتقر للرؤى الواضحة وفي العادة يكون الخطابٌ مُبْهَمٌ وعاطفي، لا يعتمد الأفكار والرؤى، بل يميل إلى إثارة الحماس وإلهاب المشاعر، ليتماشى تماماً أو يتطابق مع المزاج السائد . ويُكْثِرُ الخطاب الشعبوي من التركيز على وردية الحلم وتبسيط الأمور في شكلٍ واضح وقريب ، مع الإحالة إلى التاريخ الذي يتم استحضاره واستخدامه كوسيلةٍ إيديولوجيةٍ ذات عمق انفعالي و من الحيل السياسية الجديدة التي يستخدمها الزعماء السياسيون لأجل كسب الجمهور و في فترة الانتخابات بشكل خاص فيقومون بسرد الكلام المعسول و التقرب منه و اقناع الشعب بانهم الوحيدون القادرون على تمثيلهم في الحكم و من خلال الشعارات التي يطلقونها على حملاتهم الانتخابية كلها ذات خطاب شعبوي و تذكروها في الدورات السابقة و تعرفون ذلك ويمكننا مقارنتها و اختبار صدقها بعد فوزهم و تسلمهم زمام الحكم سنلاحظ الفرق الشاسع في صدق الشعارات او كذبها ، و الناس البسطاء الذين لا يملكون معرفة بالانظمة السياسية قد يصدقون الخطاب و يبنون عليه امالهم الكبيرة و في الاخير سيصدمون بالشعارات الرنانة و يتركز الخطاب الشعبوي في اماكن عديدة وفق متطلبات الحصول على الدعم والكسب الجماهيري  ويرى الباحث الفرنسي " بيير أندريه تاغييف " أن معظم جمهور الخطاب الشعبوي من الأميين والفقراء خصوصا في المناطق الحضرية، وهي الشريحة التي وصفها كارل ماركس بنبرته النخبوية المترفعة بـ البروليتاريا الرثة أو بقاع المجتمع. تعود بداية نشاءة الخطاب الشعبوي الى الفترة الواقعة بين ثلاثينات و سبعينيات القرن التاسع عشر حيث بداءة بوادرها في روسيا و امريكا و كانت في الاصل تطلق على حركة زراعية ذات ميول اشتراكية تسعى لتحرير الفلاحين و تزامنت مع ثورة الريف الامريكي ضد المصارف  وشركات سكك الحديد , منذ تلك الفترة و استغل الزعماء الفرص لعرض انفسهم مطالبين بحقوق المعدومين و الفقراء و التصدي لحل مشاكلهم .و قد مر ت التجربة العراقية بمراحل عديدة و مخاضات عسيرة انتجت حالة من اليأس لدى الشعب بسبب عدم صدق و جدية الخطاب السياسي لدى الطبقة الحاكمة مما ولد فجوة كبيرة بين الشعب و السلطة جعلهم لا يصدقون الخطابات الرنانه و البيانات الصارخة و جل ما يريدوه هو واقع بسيط من خدمات و أمن وغذاء لا اكثر بعيداً عن الخطاب الجميل الرنان الذي تعج به المحطات الفضائية و قاعات المؤتمرات .

المشـاهدات 804   تاريخ الإضافـة 26/04/2021   رقم المحتوى 11040
أضف تقييـم