اعتدنا ظهور ابن الناصرية قرية الغازية ناحية النصر الدكتور محسن جاسم الموسوي لقاءاته المتلفزة العديدة في الحديث بشكل خاص عن شقيقه المفكر الراحل عزيز السيد جاسم ، غير ان الدكتور الموسوي يعدّ من ابرز النقاد والادباء العرب والعالم فهو العلامة الضليع بالادبين العربي والانكليزي خاصة بعد نشر كتبه ومقالاته عن الف ليلة وليلة التي حصل بها على الدكتوراه من جامعة دالهوزي الكندية عام 1978، وهو استاذ الادب العربي بجامعة كولومبيا، وله 24 كتابا ادبيا مهما عدا رواياته الاربعة وأهمها درب الزعفران ، واوتار القصب ،ودون سائر الناس. وفي عام 2010 فاز كتابه المكتوب بالانكليزيةIslam on the street: Religion in modern Arabic literature الاسلام في الشارع ،الصادر عن دار نشر رومان و لتيل فيل 2009 كأفضل كتاب اكاديمي منشور في الغرب يحلل المنظور الادبي الشعبي للدين وكيفية تناوله وفهمه من قبل العامة .ومن اجمل كتبه التي قرأتها بإمعان هو (عصر الرواية)الذي مازلت احتفظ بنسخة منه بمكتبتي منذ القرن الماضي . وقد منح جائزة سلطان العويس الثقافية عام 2002 وجاء في قرار لجنة التحكيم.."تقديراً لدراساته الأدبية والنقدية..إذ تؤكد وعيه وتوظيفه للموروث الثقافي فناً وفلسفة وتوفره على أدوات ثقافية عربية، واستكماله للرؤية النقدية نظراً وتطبيقاً، فقد تناول بذور القص العربي في مراحله الشعبية والفنية والروائية، فدرس سرديات العصور الإسلامية الأولى في جوانبها التاريخية والفنية والخيالية، وتتبع الأصداء القصصية والآثار لهذه السرديات في الأقاصيص والمسرحيات والنقد في إنجلترا بين عام 1704 – 1910، وما كان عن ذلك من تناص وأخذ، وتطور لعصر الرواية الإنجليزية.  ثم عرض بنقد واع صلة الاستشراق بالعرب وأثره في الثقافة والأدب، فكان بذلك توضيحاً لتبادل التأثر بين الشرق والغرب، يضاف إلى هذا أنه بحث تاريخ الرواية العربية الحديثة في النشأة والتحول" لكن في الواقع لم اكن منشدا للدكتور الموسوي لطروحاته الادبية وحسب وانما ايضا كنت قد قرأت له كتابا عن حركات التحرر في العالم مترجما عن المفكر الماركسي اللينيني فيكتور ديغانينكو، ولا ادري لماذا جرى التعتيم على هذا الكتاب الايديولوجي المهم ولاسيما بعد انهيار الكتلة الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفييتي. وبالرغم من ان انهيار هذه الكتلة لا يعني ابدا انهيار وفشل الفكر الاشتراكي العلمي والمباديء الاشتراكية وانحيازها للشعب بأوسع طبقاته المحرومة وهي طبقات الكادحين ، حيث كان انهيار الكتلة الشرقية راجعا لعدة عوامل من اهمها بنيوية تتعلق بهيكلية البناء السياسي البيروقراطي للاحزاب الشيوعية التي ابتعدت كثيرا عن انتمائها الطبقي العمالي وبخاصة بعد المرحلة الستالينية وتحديدا بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي 1956 الذي قاده خروتشيف بعد وفاة ستالين واقراره امكانية التعايش مع الرأسمالية!! من ثم سلمت مقاليد قيادتها الى البورجوازية الصغيرة مثل غورباشيف ويلتسين ويوكوفليف ومن لف لفهم من الذين سارعوا الى اسهل الحلول المتعجلة للخروج من الأزمة في الاستسلام للطاغوت الرأسمالي الاميركي الغربي الذي حذق بنصب الكمين المفعم بالاغراءات لاولئك القادة الكارتونيين الذين استحقوا مزبلة التاريخ بجدارة من خلال ترهات ما اطلق عليه بالبيروسترويكا والغلاسنوست!!..الذي دفعني لكتابة هذه المقالة هو الندوة الالكترونية التي عقدتها كلية الاداب بالجامعة المستنصرية وكان بطلها طبعا الدكتور محسن الموسوي على مدى ساعة ونيف من الحديث وما اعقبه من نقاشات غنية ،لكن مع الاسف لم تتح لنا ادارة الندوة فتح المايك او رفع اليد ومحاورة الموسوي مكتفين باسماء محددة ضمتها قائمتهم مع كل الاسف ، وكنت ساحرم من دخول الندوة لولا دعوة وتدخل زميلنا العزيز علي عزيز الموسوي. ما اريد القول ان تنظيم الندوة وتحضيرها واعدادها لم يكن بالمستوى المقبول ولا تتناسب مطلقا مع اهمية ومكانة اكاديمي واديب عربي وعالمي يشار له بالبنان كالدكتور محسن ، بالرغم من حضور بعض الشخصيات الرفيعة مثل الاديب الدكتور نوفل هلال ابو رغيف وكيل وزارة الثقافة الذي ثمن جهود الضيف واسهاماته الادبية والثقافية والعلمية ولاسيما دوره التاريخي في دائرة الشؤون الثقافية حينما كان رئيسا لها لسنوات خلت خلال القرن الماضي.سلط الموسوي الضوء وركز في ندوته على كتاب شقيقه الراحل عزيز الموسوم(ديالكتيك العلاقة المعقدة بين المثالية والمادية)تلك العلاقة التاريخية بين المدرستين المثالية الذاتية المنفصلة عن الواقع مثل مثالية كانط ،وهيغل – المطلقة، والاخرى المادية وتساؤلها الجوهري عن اولوية الواقع المادي الذي ينعكس على مجمل الافكار والتكونات التاريخية التي اطلق عليها المادية التاريخية التي فسرت تطور التاريخ وتحول تشكيلاته الاقتصادية الاجتماعية استنادا الى الصراع بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج والعمل. لا اريد الاسترسال بهذا المحور الابستومولوجي الشائك المراوغ ، غير ان المادية الديالكتيكية تعد ركيزة فلسفية رئيسية لتصورنا عن الكون والمجتمع وتطوره التاريخي وهو ما قصده ماركس وانجلز بمصطلح التفاؤلية التاريخية.وكانت تلك الافكار الثورية التي ثبتت برأس المال وبالبيان الشيوعي 1847 الذي يعد من اهم الكتب -المانيفستو الصادرة عن الرموز التارخية لمفكري اليسار العمالي التي كانت ترفض بشدة نخبوية القرارات والتراتبية الاستعلائية للزعامات البورجوازية الصغيرة – طبقة المثقفين الثوريين التي اساءت لثورة كومونة باريس وتسببت في افشالها الى ان جاء لينين وتروتسكي ومن ثم ستالين وقاموا ببلورة خط حزبي طليعي يستند الى الطبقة العاملة المتحالفة مع الشغيلة وبخاصة الفلاحين والكسبة والجنود .في ختام ندوته اكد الموسوي بأن المفكر الراحل عزيز السيد جاسم سعى بشكل حثيث لبلورة فكر قادر على التحرر من البيروقراطية والتعسف،وان من ابرز طروحاته وفي تلك السنوات العجاف وتحديدا عام 1977 ان الثقافة في العراق في حالة اضمحلال وانحدار،الامر الذي سحبه الى التحقيق الامني والاعتقال عدة مرات قبل ان يغيّب والى الأبد بدهاليز البوليس السري للنظام السابق في نيسان 1991 .