الجمعة 2024/4/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
أقلام المبدعين ..من يقدّر عطاءها ؟
أقلام المبدعين ..من يقدّر عطاءها ؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

قالت لي صديقة كاتبة تنتمي للأجيال التي سبقني , أنها كاتب تكتب عمودا أسبوعيا في إحدى المجلات , وكانت تتقاضى عليه مكافأة مالية تعادل راتب موظف , لذلك – والقول لها – كنت حريصة على أن يكون مقالي في غاية الدقة والجودة والإتقان , كما أنني كنتُ حريصة على تخصيص جزء مهم من المبلغ الذي أتسلّمه من المجلة لاقتناء الكتب والمطبوعات الجديدة من أجل تطوير قابليتي في الكتابة , وكذلك لمواكبة الأحداث الثقافية التي كنتُ أخوض في كتابتي في بعض منها , وقول صديقتي هذا ليس مفاجئا لي , وليس نادرا في الحياة الثقافية السليمة , فهناك كتّاب في العراق والوطن العربي والعالم , كانت مهمتهم  في المطبوع الذي يتعاملون معه , كتابة عمود أو موضوع متفق عليه مقابل مكافأة مالية مناسبة محترمة , ولذلك كانت للكاتب والصحفي والأديب مكانة مرموقة ومورد مالي جيد يجعله قادرا على التفرغ للكتابة والعيش الكريم منها ...

أتحدّث هنا عن هذا الموضوع لأنني ألاحظ  ممارسات غير مقبولة من قبل معظم المؤسسات الثقافية والصحفية والمطبوعات , سواء أكانت صحفا او مجلات , فهم يطلبون من الأديب والكاتب مقالا أو نصا , دون التفكير في أي حقوق تترتب على هذا التكليف , وأنا شخصيا أعرف معنى التكليف  بالكتابة الذي تقوم به أي جهة , ولا أدري كيف يقتنع القائمون على هذه المطبوعات بهذه الممارسة البعيدة عن المهنية وطبيعة احترام قلم المثقف والكاتب المبدع , أما التعذر بعدم وجود مورد مالي كافٍ , فهو أمر غير مقبول , لأن الذي يتصدى لعمل إعلامي له هدف معين , ويستعين بكادر كامل , عليه أن يكون بمستوى هذه المسؤولية , وأن يفكّر بجدية في كيفية التعامل مع الكتّاب , وأن يتم التعامل الحضاري حتى في المخاطبات الموجهة للمبدعين , شأنهم في ذلك شأن المطبوعات المحترمة , وأضرب هنا مثالا بسيطا حدث معي , ولم يروِه لي أحد , ففي إحدى المرات كتبتُ لمطبوع يصدر في الخليج عن نيتي في الكتابة إليهم , فجاءني الجواب برسالة في غاية التهذيب , وقالوا لي أهلا بك مبدعتنا  الفاضلة  , نحن بانتظار ما يردنا منك , فأرسلتُ إليهم نصا أدبيا , لأتلقى منهم بعد مدة جوابا فحواه إنهم تسلّموا النص وعرضوه على لجنة القراءة , وسيوافوني بالنتيجة سواء بقبول النص للنشر أو عدمه , وانتظرت مدة حتى جاء ردّهم بأن النص موافق عليه وسينشر في العدد المرقم كذا بتاريخ كذا , وفعلا صدر العدد , وفيه نصي الأدبي , حيث أرسلوا لي نسختين في البريد مع شيك يحمل مبلغ المكافأة وهي مكافأة ممتازة , مع تجديد دعوتهم لي لتواصل الكتابة إليهم .

لماذا نحن نفقد مثل هذه السياقات والأخلاقيات الثقافية المتقدمة والمتحضرة والتي تنمّ عن قيادة إدارية محكمة للمؤسسة الثقافية ؟

ما الذي ينقصنا , فالقدرات الطيبة موجودة , واسلوب التعامل الراقي مع الكتّاب والمبدعين لا يأخذ من المسؤولين عن المؤسسات وقتا ولا جهدا كبيرين , أما الاستهانة في حقوق المؤلف والكاتب , فهي من الأمور التي تشكّل مثلبا كبيرا في حياتنا الثقافية , فالذي لا يمتلك المال الكافي للنهوض بمطبوع متكامل , عليه أن يبحث عن عمل آخر , أما الطلب من الكاتب أن يبعث مقالا أو موضوعا , شرط أن يكون جديدا وغير منشور في مطبوع آخر , فهم أمر يحتّم الالتزام بهذا الشرط , وإلا ما هي السلطة التي يمتلكها صاحب المطبوع تجاه المبدع ؟

أنا شخصيا لست بحاجة للمال , فأنا أعيش والحمد لله بنعمة أنعم بها الله عليّ , ولكني ألاحظ أن بعض المبدعين والكتاب يكتبون في عدد ليس قليلا من المطبوعات , وموادهم قيّمة محترمة وهم ملتزمون بأخلاقيات المهنة , لكنهم لا يحصلون حتى على ما يسد رمقهم , وهذه الظاهرة أصبحت كأنها طبيعية في الصحافة العراقية , والأسباب جاهزة أن لا مورد مالي يكفي لدفع مستحقات الكاتب !

إذن ما السبب في إقامتكم مشروعاتكم الثقفية وإطلاق مطبوعاتكم , وأنتم غير قادرين على دفع مستحقات المساهمين ؟

أتمنى على إدارات المؤسسات الثقافية والمطبوعات أن لا يتهاونوا في هذا الأمر , كما أتمنى من الكتّاب أن يبتعدوا عن الكتابة المجانية وأن يحافظوا على أقلامهم ولا يفرطوا بجهودهم , مع أجمل أمنياتي للمبدعين العراقيين الصابرين المتحملين وزر هذا العالم المخرّب .

 

المشـاهدات 552   تاريخ الإضافـة 08/05/2021   رقم المحتوى 11196
أضف تقييـم