السبت 2024/4/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 27.95 مئويـة
نقد الكتب المنهجية ((عود على بدء))
نقد الكتب المنهجية ((عود على بدء))
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.د. جمعة رشيد الربيعي
النـص :

حين يكتشف المتخصص دقة امر وصوابه ,قد يجد في الموقف ذاته امرا" ينقضه في كل ذلك فيكون النقيض دافعه في التنبيه عليه والاشارة اليه والى ضرورة اخضاعه للمناقشة العلمية والجدل المفيد لغاية محددة قوامها التقويم والتعديل ,لطالما الجميع في التخصص حريصون على ان تكون ثمرة جهدهم صالحة طيبة....ولهذا الحد فالغاية من المقدمة التذكير بمقال نشر في تأريخ سابق بعنوان النقد المنهجي لكتب المرحلة الابتدائية استهدف في حينها كشف الخلل ونقاط الضعف في تأليف كتاب تدريبات لغوية المقرر للصف الرابع الابتدائي ,تضمن المقال تنبيها يخص نقصا" واضحا" في عملية تأليف الكتاب ,ابعده عن اصل الاهداف التعليمية للكتاب, والاساس النظري الذي سارت عليه منهجية التأليف ,وضمن عملية تحليلية علمية لمقدمة الكتاب ,وعرض موضوعاته ,والنواتج التعليمية النهائية له ,وما يشتق من اهداف سلوكية مؤسسة عليها وعلى الاهداف التربوية لمنهج المرحلة الابتدائية وللصف الرابع الابتدائي بخاصة , وتحليل لطريقة التعليم التي نصت عليها مقدمة الكتاب التي بها تقدم التدريبات اللغوية بحسب تسلسلها في الكتاب, فضلا عن تحليل لهوامشه التي قدمت ايجازا" يمثل دليلا ارشاديا يرشد المعلم ويوضح له كيفية معالجة كل موضوع بحسب نوعه والمرامي التي ينبغي ان تتحقق على مرحلتين واحدة قريبة والاخرى بعيدة وهي جزء من الاغراض العامة لتعليم اللغة العربية ضمن المرحلة الابتدائية والمراحل المكملة لها عبر مراحل التعليم العام .وركز الكتاب على اكساب تلاميذ الصف الرابع الابتدائي بعض السلوكيات اللغوية بحسب افتراض منهج التأليف القائم على التقليد والمحاكاة ,ومراعاة الالتزام بتجنب ذكر المصطلح النحوي وقاعدته النحوية لكل موضوع من موضوعاته املا" في ضمان نجاح التدريب النطقي ومحاكاة نطق الموضوعات اللغوية دون الخوض بتفاصيل معمقة يتسبب بها المصطلح النحوي وقاعدته العامة , اذ يمثل الصف الرابع الابتدائي والمرحلة العمرية المطابقة له ,بحسب قوانين التطور المعرفي , مرحلة تهيئة عامة, ومنها التهيئة اللغوية يتزود من خلالها الطفل بسلوكيات لسانية وحصيلة معرفية بالموضوعات المنتخبة المناسبة والمسهمة بضمان تحقق الانتقال الناجح الى المرحلة القادمة (الخامس الابتدائي) المقررة لتعليم التلاميذ قواعد اللغة العربية ,وهو ما لم يتحقق عمليا" في التدريس ,اذ ضُرِبَ هدف الكتاب الكبير وأُفرِغً كليا" من محتواه , وتسبب في حرمان التلاميذ ,اكتساب خبرة نحوية بطريقة عرضية , بالمحاكاة والاستماع الى النطق السليم للمصطلح النحوي دون ذكر اسمه وقاعدته, فتسبب تطبيق المعلم لطريقة التعليم بالقواعد النحوية ومغادرته التدريبات اللغوية , بضياع هدف الكتاب ,وفشله في منع حماية التلاميذ من مفاجأتهم بالمصطلح النحوي , وقاعدته العامة , وما يتطلب عرضها , وتعامل التلميذ بها من تطور ونضج في قدرات الفهم ,والاستقراء, والاستنتاج, والتطبيق ,والتعليل , مما لم يكتمل نضجها ,ونموها و تتقاطع مع ما بلغه التلميذ في مرحلته العمرية والدراسية الحالية , وبدلا من تحصين التلاميذ وحمايتهم من وقع اثر المصطلح النحوي وجفافه وتعقيده وصعوبة تمثلهم لقاعدته فضل المعلم اختيار طريقة القاعدة النحوية على التدريب اللغوي في تطبيقاته العملية ,امتثالا , لتعوده على طريقة واحدة (المباشرة بلا شك )واقتصاره عليها دون غيرها ,ولربما ان ابداعه بها واكتساب مهاراتها افقده الحماسة من ان يذهب ابعد منها ,فصارت هويته التي عرف بها وعرفت به فأصبحت ظله الذي اضله اهداف كتاب التدريبات اللغوية ,واضاع امل المؤلفَينِ في ان يكون المعلم عونا" ومثالا" في التطبيق الجيد, يحاكيه التلاميذ في النطق الصحيح , والتعبير الدقيق ,اذ استسهل المعلم الركون الى المألوف الذي تعوده ودرس به ,فضله لسهولته عليه , رغم صعوبته على المتعلم ومخالفته لقوانين العلم ونظريات التعلم .. ولا شك , ان المقال , قد شغل حيزا من اهتمام وزارة التربية ,انذاك ,واثر في اروقتها ,فقررت العلاج والمعالجة ,وأخِذَ الامرُ, في ظاهره بجدية الاهتمام ,ودراسة المقال, واظهرت النية في تغيير الحال, على وفق انظمة العلم والتعلم ,وقوانين التطور المعرفي والنمو اللغوي واستراتيجيات التدريس وطرائقه وأساليبه .فعولج الامرُ فعلا" لكن بمنهج المخاتلة ,اذ دار الموضوع بين ندوة ومشورة وحوار لأصحاب الشأن ومن يخصهم الامر ,والتقى المعلمون والمشرفون ومسؤولو المناهج التخصصية ومناهج اللغة العربية تمخض اللقاء وتحول الى وعود وامال ,تبخرت بعد حين وضاعت هي وصمد الكتاب واستقرت المشكلة واصبح الحال من المحال,حتى جاءت لحظة الطوفان الاكبر فنسف الكتاب بصدمة التغيير الاوحد التي اصابته كما اصابت الحياة كلها, وكل شئ فيها, فتحول الكتاب في ليلة وضحاها واستبدل من تدريبات لغوية الى كتاب قواعد اللغة العربية من غير حساب لأمر او بأمر او التفاتة تخبر ان التطوير في المناهج العلمية محكوم بدراسة جدية تؤشر ان السابق جارٍ على اسسٍ غير مجدية في اهدافه ومنهجه واساليب تقديمه وغير موافق لقوانين التطور وارقام تحصي الكلمات وتحدد الكم اللغوي للمتعلم ,وتبين ما يحتاجه التلميذ ومالا يحتاجه ,اذ ان الكتاب الجديد وضع على عجالة غابت عن قرار وضعه الدراسة العلمية الداعية للتجديد, فأستبدال كتاب التدريبات بآخر هو القائم المقرر بقواعد اللغة العربية من دون النظر الى طبيعة التلميذ ونموه وتطور مفرداته وتراكيبه اللغوية و دون الانتباه الى ما يميز مرحلته العمرية , وهي مرحلة العمليات العيانية المحسوسة, ويتميز تفكيره فيها بالعمليات المادية ,لاعتماده المحسوسات في تعامله مع الاشياء, ويظهر تقدما" بطيئا" ومتدرجا" في تكوين المفاهيم ولاسيما اللغوية ,ويظهر عجزا" في التفكير خارج حدود الملموس والمرئي والمحدد, ويواجه صعوبات كثيرة اهمها ضعف الاستدلال اللفظي ومعالجة الفرضيات . مما يلاحظ على وضع الكتاب انه جمع في ثناياه اهداف الكتاب السابق المعتمدة على التدريب والتطبيق وتجاوز الكتاب الجديد بأهدافه قدرات التلميذ وطبيعته وبنيته المعرفية اذ تعدى بها مفاهيم المادة وحقائقها المهمة المتضمنة في القاعدة النحوية , وهي عبارة عن مادة شاملة في غاية التجريد تتطلب , نضجا" في ادراك العلاقات والروابط بين المفاهيم المعرفية المميز للموضوع الدراسي لتلك المادة او الخبرة التعليمية فضلا" عن حاجته الى معرفة سابقة لم يلم تلميذ الصف الرابع الابتدائي بها ولا مهيئة لها مرحلته العمرية, مما يلاحظ على الكتاب تباين التأليف بين مقدمته ومضمونه ,اذ يتضح اغراق الكتاب بمعرفة مفرطة مبالغ فيها وفائضة عن حاجة تلميذ الصف الرابع الابتدائي من الخبرة اللغوية ,فهناك اسراف وغلو ومغالاة ترفضه طبيعة الطفل وقدراته اللغوية وقوانين النماء التي تتحكم بها ,وينفرها الاعتدال والتخفيف وما ينبغي ان يراعى عند تعليم الاطفال بهذا العمر وهذه المرحلة التعليمية , ووسط هذا صارت دعوة الكتاب ومقدمته الى تجنب الخوض بالتفصيلات وتجنب حفظ الصيغ والتعريفات المعهودة ,تنطوي على تناقضات كثيرة اهمها ,ا ان الكتاب وضع التعريفات اسواء للمصطلحات النحوية او لقواعدها العامة ,والمعلم مجبر ان يدرجها بالخطوات التطبيقية لطرائقه واساليبه التعليمية , والتلميذ مقيد بحفظها واجادة ادائها في الاختبارات التقليدية , وهي ادوات القياس المعروفة المعتمدة في انتقال التلاميذ وترحيلهم الى مرحلة تعليمية اعلى ,ومن الحقائق التي تجاهلها تأليف الكتاب كونه يعد دليلا للآباء والامهات ومن ينوب عنهم ممن يتصدى لتعليم ابنائه بنفسه ,وهم مقيدون بتعليم محتوى الكتاب واتباع طريقته في عرض الموضوعات , وضالتهم الكبرى هنا هو الحفظ والارتقاء بدرجاته العالية عند ابنائهم اذ يترجم الى تفوق مضمون ينعكس على نجاحاتهم في اختباراتهم اليومية والنهائية. ومما يلاحظ على كتاب قواعد اللغة العربية للصف الرابع الابتدائي وضمن حسبة استقصائية بسيطة لبعض مفرداته تكشف ارباكا" واضحا" في عرضه يتحدى التلميذ ويتحدى قدرات النطق الصحيح لديه فعلى سبيل المثال ان تعليم مفردة (الشدة) اداة تضعيف الحرف بتكراره كتابة" ونطقا "مرتين في كلمة دَرًسَ التي اصلها دَرْرَسَ, وكلمة بَقًال التي اصلها بَقْقَال ,يعد تحديا" كبيرا" للتلميذ في محاولة التدريب على نطقه مشددا" وغير مشدد, إذ يعجز عن الجمع بين التوقف في الحرف الساكن وتكراره في التلفظ عند نطقه متحركا". ومما يلاحظ على الكتاب ازدحام موضوعاته بالخبرات النحوية في نوعها وكمها ومتطلبات تعلمها ,اذ ينبغي للتلميذ ان يبلغ في مثل هذه الاحوال تعلما " متقدما" يضرب بحدوده بحسب نظريات التدريس مرحلة تعلم القواعد والقوانين وهي مرحلة متأخرة في تسلسل دورها وتدرج عملياتها المبتدئة بتعلم المعلومات ثم الحقائق ثم المفاهيم ثم المبادئ ثم القوانين ثم حل المشكلات ,فعلى سبيل المثال قدم موضوع اقسام الكلام وعلى دفعة واحدة معرفة كاملة في تعلم الاسم وصفاته ومسمياته ومصطلحاته المجردة ( فالذات والمسمى) نماذج للألفاظ التي يندر وجودها في الحافظة اللفظية للتلميذ ومما لا تتعرض له ذاكرته السمعية , لصغره وحداثة سنه وقلة خبرته وفقر مناخه اللغوي الى استعمال مثل هذه الالفاظ وقلة فرص توافرها اوتكرار ترديدها على مسامعه في هذا العمر. اما الفعل فأن الكتاب اختزل تعريفه وتعداد انواعه بين ماضٍ ومضارعٍ وامرٍ في سطرين فقط ,اذ يمكن نثرهما بكلام يستوعب صفحات بعينها على سبيل العرض والتوضيح والتطبيق والتعميم ,فالإيجاز يضعف تدرج المادة , وضغطها يخل بأقسامها وتقسيمها على مفردات ثانوية ,اذ ينبغي ان تأخذ كل مفردة فرعية زمنها وفرصتها المنصوص عليها في كراسة التخطيط ,فالوقت شرط مهم لضمان تعلم متوازن تستكمل في ظله كل مفردة بأجزائها ودقائقها .وهذا يتطلب تنسيقا دقيقا بين الخبرة اللغوية وطريقة تقديمها ومقدارها وعمر التلميذ ومرحلته الدراسية, ومثل تلك الامثلة وتلك الملاحظات الكثير مما لا يتسع المقال لتناولها, وتصلح ان تكون موضوعا غنيا حاضرا بين موضوعات الدراسات العليا أو مشاريع لأبحاث نوعية تجريها مراكز البحوث في وزارة التربية او وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

المشـاهدات 1048   تاريخ الإضافـة 09/05/2021   رقم المحتوى 11200
أضف تقييـم