تشتغل لجنة ابو رغيف باجواء سياسية مشحونة وقلقة وحذرة ، وتتعرض لهجومات غير مسوغة وغير مسبوقة على الرغم من انها تقوم بواجب كبير ييحسب لها ، لم تستطع كل (الهمبلات) السياسية السابقة المدعية بمحاربة الفساد ان تصل الى هذا العمق الذي طالته ذراع لجنة الامر الديواني التي اقضت مضاجع كبار الفاسدين.

ولان رغبة العراقيين في القضاء على منظومة الفساد وتفكيكها مع علمهم القاطع ان للفساد حيتان كبيرة تحمي الاسماك الصغيرة وتسهل حركتها ، لذلك نرى امالهم واسعة ولهم نزعة تهدف لاستعجال النتائج ، فالامر لايقتصر على مدير عام او وزير سابق او رئيس كتلة زكمت رائحة سرقاته انوف الجميع ، بل يتعدى ذلك لاسماء يتستر قسم منها بالعبائة الدينية واخر بالزعامات المصطنعة التي يراد منها اكتساب القدسية او من يختبئ خلف مافيات مأجورة وقاتلة مهمتها اسكات كل صوت يشير اليها او تهديد من يتجرأ لاتهامها ، لكن عدم كشف فساد من تدل الاثباتات وتدينه من هؤلاء يطرح اسئلة جريئة لم تعهدها من قبل ، ومنها هل تقوى لجنة مكافحة الفساد على اتخاذ اجراءاتها القضائية بحق ايي من الزعامات السياسية والدينية الكبيرة اذا توفرت لديها ادلة ادانة باتة ، سواء كانت تتعلق بالاداء الوظيفي وتجاوز الصلاحييات والهدر بالمال العام او ينطبق عليها القرار 160 لسنة 1983 والخاص برشوة موظف خدمة عامة للحصول على منافع من الوظيفة؟ وماذا لو صدر امر القاء قبض بحق واحد من هؤلاء؟ فهل سيشهد محيط المنطقة الخضراء احتجاجات مسلحة تندد باستهداف الزعيم وتدعو لابي رغيف ورئيس الوزراء بالويل والثبور ؟ لانهم تجرأوا على الزعيم اوالقائد ووضعوا (الكلبجات) بيديه وسحلوه لينال جزاءه على ما اقترفه من جرائم بحق المال العام ، أم ان الزعامة ستمنحه الحصانة عن المساءلة والحساب وعلينا ان نغض النظر عن تلاعبه بمال العراقيين لسواد عيون الزعيم.

قد تنظر الحكومة لقضايا الفساد للحيتان الكبيرة بعين اخرى وتضع امامها التوافقات السياسية والتداعيات المفترضة ، لكن الحادثتين الاخيرتين التي اقدمت عليها تدل ان هناك اصرار على انفاذ القانون ، لكننا نأمل الا يقف القانون مكسوراً ذليلاً عند عتبة كسب رضا الزعماء لضمان الدعم السياسي او بدعوى حماية العملية السياسية.