الفوضى هنا لا تعني فوضى الواقع السياسي الذي نعيشه ،وهو الاضطراب الذي نشهده في كل مرافق الحياة ، نتيجة ما خلفه الاحتلال لبلدنا ومشروعه الشهير الفوضى الخلاقة التي أستهدفت تكسير أطر الدولة التي ورثت من ايام النظام السابق وما تأسس وفك اقفلها الحديدية في السيطرة على السياسة والاقتصاد والموارد ونوع الحاكمين والوزراء والمؤسسات وتفكيكها واجتثاثها شلع قلع كما هو متداول ، ومنح السلطة  لأخرين مطواعّين مع منطق الاحتلال واردته ، طيلة أدارته التي أستمرت لغاية 2011 والترتيبات التي خلفها لاحقا بصيغة الانتداب والرعاية غير المعلنة

التي ونجني ثمارها المرة اليوم من خسائر مادية مليارية الى هدر دماء الشباب المحتجين حتى الاغتيالات والتصفيات التي نشهدها بدوافع الصراع بين الدولة واللادولة وسواها من الاطراف التي تتحكم في المشهد العراقي من هنا وهناك !؟

وهو المضطرب دوما ،

• هنا ساغادر هذه الفوضى التي ملّلنا الحديث عنها ، لفوضى أخرى ل ( جايمس غليك) مؤلف كتاب ( نظرية الفوضى- علم اللاّمُتوقّع ) أو( الكايوس) وليس الكابوس ، بعد عشر ثلاثة عقود  من الجهود المضنية التي بذلها علماء الغرب من شتى الدول لصوغ المؤسسة العلمية-العالمية من جديد ،وصار لها منتديات ومجلات تمتد من أمريكا الى اوربا ، وخصص لها مصادر تمويل في الجيوش والجامعات ومراكز البحث وجيوش من العاملين والمنخرطين في عالم ال ( كايوس ) المفتوح لتقصي الظواهر غير المُنطمة ) كي يُنسق العمل على مجاميع تشتغل على الكايوس ومجاميع البحوث الاخرى المتنوعة التي انتجت تقنيات خاصة ومتطورة في علوم الكومبيوتر التي تمكنت من أن تحصي التراكيب الحساسة التي تنشأها الظواهر المعقد،

    حيث تبتدأ نظرية الفوضى ( كايوس ) من العوالم والاطر التي تتوقف عندها حدود العلوم التقليدية التي تدرس حاليا في جامعات العالم ، التقليدية ، التي تعجز عن تقديم تفاسير عن ألغاز الكون سيما ظواهر الاضطرابات ، والتقلبات المناخية وحركة أمواج البحر والتقلبات في الانواع الحية والتذبذبات في عمل الدماغ البشري  ، اي في الجانب غير المُنظّم من الطبيعة وغير المنسجم والمتناسق والمفاجئ والانقلابي الذي أعجز العلم عن تفسيره وتوقعه دوما بمنطق المدخلات والمخرجات مثلا ً ..

• لقد انتج هذا العلم وبحوثه رؤى جديدة في التحليل دلّت على إمكانية ادراك لماذا تغير الغيوم اشكالها وبروقها الى معرفة تجمعات النجوم في المجرات ، وسواها الكثير وغير المحدود ..

حتى " بدت نظرية الفوضى وكأنها تصوغ قوانين مشتركة تربط أنواع الظواهر المضطربة ببعض " الكتاب ص 18 ،

• انتج الكايوس علم جديد اسمه ( اللاّمتوقّع ) تعبرُ  فيه هذه النظرية الحدود الفاصلة بين الاختصاصات العلمية ، بوصفها نظرية كلية عن النُّظُم ، التي فرضت تحدياً على التفكير التقليدي المستقر في العلم ، بحيث إنها سارت بالطريق المعاكس في تفسير الظواهر المعقدة

 التي تعزى الى سلوك ونمط من التصرف المشترك بينها ، في دراسة النمط الذي يعاود الظهور خلال فترات زمنية متكررة ودراسة الاختلافات التي تحدث والتنبه للعشوائية والمعقد الذي تسجله الكومبيوترات الذكية لتعطي صورة شاملة  تقودهم للتوقع ،

مهمة العلم ان تكون هناك عين ثاقبة تلتقط نمط التغييرات التي تحدث وتوقع السلوك المستقبلي للظواهر في ميادين شتى ، وتمكنَ هذا العلم من دراسة نمط سلوك الشعوب وثوراتها وتحولاتها ،  من ثورة في علم الفيزياء الى دراسات عن الخبرات الحياتية ،حتى ولدت هذه النظرية مصطلحات لها ومجالات وعوالم ودارسين ومختصين ، ابرزها نظرية :

( أثر جناح الفراشة ) الذي راجَ  أولا في اوساط خبراء الطقس من خلال جملة شهيرة مفادها :

(  إن رفّة جناح الفراشة فوق بكين تستطيع ان تُغّير نظام العواصف فوق نيويورك ).

لا شك أن الموضوع طويل وشخوصه كثر ممن بذلوا جهدا ً علميا ً هائلاً كي ينتجوا معطيات هائلة لدراسة الظواهر وتفسيرها وإدراك اللامتوقع في الظواهر الطبيعية والسلوك البشري من دراسة تكرارات سلوكه وتوقع ردود افعاله ، يقتضي وضع (الكايوس ) في حسابات جامعاتنا وكلياتنا العلمية للخروج من الاطر التقليدية التي مازالت تدرس العلوم بمنطق الخمسينات والستينات ، ولم تتمكن من عبور هذه الحقبة التي وصل لها العلم الى دراسة  نظرية ( أثر جناح الفراشة ) الذي ما فتئ يرف فوق بكين لينبأ عما سيحدث من تغيرات نظام العواصف فوق نيويورك ) ليخبرنا عما  سيحدث !؟