الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
سعدي يوسف رحل قبل موته
سعدي يوسف رحل قبل موته
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد السيد محسن
النـص :

يوم انتهينا الى السجن الذي ما انتهى ..منيت نفسي وقلت المشتهى ما انتهى .. يا واصل الاهل خبرهم وقل ما انتهى ..الليلة بتنا هنا والصبح في بغداد .

لا اعتقد ان شاباً عراقيا اعجب بشعر سعدي يوسف مثلي ، كانت قصائده تكبلني في الليل والنهار واعيش اجواءها ، حتى التقيت سعدي في دمشق عام ١٩٩٥ واهديته مجموعتي الشعرية "فيوضات لخلق جديد" التي صدرت وقتها عن دار المدى في دمشق وفي لقاء لاحق عبر عن اعجابه بطريقتي في كتابة الشعر وكانت تلك شهادة لها صداها وقتذاك.

حتى جاء الموقف البطولي الذي قام به سعدي حين ابلغ بوفاة نجله حيدر في وقت كنا نتهيأ لدفن جثمان الشاعر محمد مهدي الجواهري ، وابى سعدي الا ان يكمل مراسم الدفن والعزاء احتراما للجواهري الحي المغادر .

وفي عام 2008  التقيت سعدي في منزله في ريف لندن بعد ان استقر في عاصمة الضباب ، بيد ان هذا اللقاء ورغم اني جئت معجبا ، وغنيت له قصيدته "يا سالم المرزوق" التي لحنها طالب غالي ، ولم يلحق فؤاد سالم ان يغنيها ، تلك المقابلة جعلتني اخرج من دار سعدي وانا اردد مع نفسي :ان سعدي يوسف رحل قبل اوانه ، حيث حكمت على الرجل بأنه مات ، واحتفظت بكل رائع رسمته ذاكرتي له من روائع شعره .

توفي سعدي الشاعر وولد سعدي لا يهمني ، سعدي الجديد هو الباحث عن مكتسبات ما بعد ٢٠٠٣ وكان يزاحم الاخرين في محاولة الحصول على منصب في حكومة تتحرك باوامر المحتل الأمريكي ، اما سعدي الشاعر الذي أحببت ، فقد قفلت عليه في ذاكرتي كي لا افقده ، وكم كنت حزينا حين كنت ابرر أحيانا حبي لسعدي يوسف ، رغم انسحابه من عرشه الإبداعي الكبير ، ودخوله مهجع السياسة التي باتت تقرن بالفساد والكذب والنفاق والطائفية والغدر والقتل ، كان كبيراً علي ان اشاهد سعدي يوسف المبدع يذبل امامي ولا استطيع ان اسقي ابداعه الا في ذاكرتي .

قلت اكثر من مرة بيني وبين نفسي انه كان من ابرز ضحايا الانقلاب القيمي في العراق بعد احتلال البلاد عام ٢٠٠٣ ، حيث خسرت انا شخصياً أصدقاء كثيرين بسبب ما تسرب للشرف العراقي تحت مسمى المنصب.

كان سعدي يقول : سئمت من ارتداء ملامحي ... وذلك اجمل وفخر ما قاله في زمن كان فيه التسلق بدون فساد وبدون غدر و قتل ، وبدون مناصب ، ومع ذلك اعتبر سعدي ان ارتداء الملامح ليس من شيم المناضلين الذين كان ينتمي لهم بكل فخر ، سعدي يوسف.

ظاهرة موت الفرد قبل يوم رحيله قد تنطبق على مطرب معتزل احببناه لانه كان مبدعا. ، وحين لم يعد كذلك تحول الى ذاكرة ، فقد مات ابداعه بفعل الزمن او الابتعاد عن التواصل مع ابداعه ومجتمعه.

فهل نجاة الصغيرة متواصلة بابداعها ، بالطبع كلا ، لانها ابتعدت بسبب عوامل كثيرة قد يكون من أهمها العمر.

وفي مجال الشعر، فهل ان مظفر النواب متواصل مع شعره ، بالطبع لا ، بسبب المرض الذي يلم به ، ويبعده عن التواصل مع الاخرين من اقربائه ومحبيه على حد سواء . بيد ان أسباب الاعتكاف التي أبعدت مظفر عن ابداعه اختلفت كثيرا عن الأسباب التي جعلت من سعدي يعدل عن طريقه

المشـاهدات 500   تاريخ الإضافـة 14/06/2021   رقم المحتوى 11436
أضف تقييـم