-1-

أورد القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) في الجزء الثامن ص 153 أبياتا انشدها الاصمعي منسوبة للامام الصادق (ع) :

أثامِنُ بالنَفْس النفيسة ربها

وليس لها في الخَلْقِ كُلِّهُمُ ثَمَنْ

بها تُشترى الجنّات إنْ أنا بعتُها

بشيءٍ سواها انّ ذلِكُمُ غَبَنْ

لئن ذهبت نفسي بدنياً أصبتها

لقد ذهبتْ نفسي وقد ذهبَ الثَمَنْ

-2-

نعم ليس لأنفسنا ثَمَنٌ الاّ الجنة – كما قال الامام الصادق عليه السلام- ومغبونٌ مَنْ باع نَفْسَهُ بغيرها ، وقد فتح الله أبواب جنته للصالحين والصالحات من عباده فهل نحن منهم ؟

-3 –

بمقدورك أنْ تجيب على السؤال ، وتحكم على نفسك مِنْ خلال معيار قرآني أصيل ، نص عليه الكتاب العزيز قال تعالى :

( انّ الأبرار لَفِي نَعِيم وانَّ الفجّار لَفِي جحيم ) الانفطار /13-14 الأبرار هم الفائزون بالنعيم، والفجّار هم المصطلون بنيران الجحيم ومن الواضح :انّ الغارقين الى أذقانهم في بحار الشهوات ، واصطياد اللذاذات المحرّمة، واللاهثين وراء المطامع  والمصالح بعيداً عن الالتزام بأهداب الفضيلة والاستقامة، ليسوا ممن ينطبق عليهم وصف الابرار يقينا .وهنا تكمن الفرصة الذهبية لمراجعة الذات وتصحيح المسار .

-4-

انَّ الكثيرين مِمَنْ زلّت بهم الأقدام، وتمرغوا بأوحال التمرد والعصيان، وُفِقُوا للأوبة، وكفّروا عن سيئاتهم بالعودة الى رحاب الطاعة، وحثوا الخطى في طريق الصلاح والإصلاح، واستطاعوا في نهاية المطاف أنْ يكونوا من أعظم رجال التاريخ شأنا ومكانة وكان لهم الذكر الجميل عند الناس جيلا بعد جيل .

-5-

وبالعكس فانّ هناك رجالاً كان لهم تاريخهم المجيد الاّ انهم انقلبوا على أعقابهم وأصبحوا من الملعونين على كل لسان بعد أنْ شهدوا ألوانا من التذبذب والانحدار الى الهاوية المُهلكة .

-6-

لا تَنْسَ أنّ ( الحر بن يزيد الرياحي (رض) ) جَعْجَعَ بالأمام الحسين (عليه السلام) ثم كان أول المستشهدين بين يديه فكان الحرّ بكل معنى الكلمة . وأنّ " شبث بن ربعي " قَاتَلَ تحت راية أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب في صفين، ثم جاء يحارب ريحانة رسول الله (ص) وسيد شباب الجنة الامام الحسين عليه السلام يوم كربلاء، فباء بالاثم العظيم الذي قاده الى الجحيم .

-7-

انّ صيانة النفس من التلوث بالمنكرات تعتبر الخطوة الأولى في الرحلة الى الجنان .وهنيئا لكل السائرين في هذا الدرب، وسلام عليهم في الواعين المخلصين.

وكما قال الشاعر المعاصر :

لا لنْ أطبَع هَوى النفس فليتُ فتىً 

يعصي الالهَ ومقت الشر مِنْ شِيَمي

ولا أبيحُ لنفسي أيَّ معصيةٍ

إذْ كلُّ معصيةٍ تُفضْي الى النَدَمِ