الأربعاء 2024/4/24 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 34.95 مئويـة
تضحيات المتطوعين من أبناء الشعب بين فتوى المرجعية واستغلال الأحزاب
تضحيات المتطوعين من أبناء الشعب بين فتوى المرجعية واستغلال الأحزاب
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبد الأمير كاظم الجوراني
النـص :

كان منظراً يثلج الصدور بحق, حينما لبّى هؤلاء المتطوعون صغاراً وكباراً نداء المرجعية ونداء الوطن.. لقد أثبتوا إنهم وطنيون بحقّ, فكان نداءهم واحداً وموحداً: لبيك يا عراق.. وهذه هي شيمة أبناء العراق الأصلاء منذ الأزل, فهم في الشدّة كالصقور الكاسرة, وفي الرخاء كحمائم السلام.. لقد كان صوتاً مدوّياً من حناجر وطنية صادقة بولائِها للوطن, لا لغيْرِه أبدا.. ولو أتيح المجال لهذه الحناجر والسواعد أن تنقضّ على المحتل إبّان الاحتلال عام 2003, وكانت تنتظر الإشارة فقط من المرجعية كي تنقض كالصقور على قوات الاحتلال.. ولكن المرجعية الرشيدة كانت صبورة وحريصة على حفظ الدم العراقي, وكان لديها تلك النظرة الثاقبة والبعيدة لما يجري وسيجري في العراق.. فالأوضاع مرتبكة والصورة مشوّشة خاصة بعد انهيار مؤسسات الدولة بأكملها.. وكان الشعب يعيش فترة نقاهة بعدما أنهكته سياسات وحروب النظام السابق.. ناهيك عن تربّص بعض دول الجوار بالبلد في محاولة لفرض أجندتها على البلد وزعزعة استقراره.. أضف إلى ذلك أن القوات المحتلة قد أعطت وعداً للعراقيين بأنها سوف تنسحب من البلد حال إعادة بناء مؤسسات الدولة وتشكيل حكومة وطنية قادرة على أن تقف على قدميها.. فكان الأجدر والأعقل والأسلم اتخاذ سبيل التريّث لحين وضوح صورة الأوضاع.هذا الموقف الرشيد من قبل المرجعية, سُجّلَ لها مرة أخرى عندما بدأت عمليات التفخيخ والتفجير والقتل والذبح على الهوية, الممنهجة والمرتّبة على وفق أجندات خارجية أرادت أن تحرق البلد بأكمله.. فكانت هذه العمليات الإرهابية موجهة ومركزة بشكل خاص على أتباع هذه المرجعية من أبناء الطائفة الشيعية, والتي ابتدأت منذ عام 2004 وحتى يومنا هذا.. ومرّة أخرى كانت المرجعية الرشيدة متأنية وصبورة, فهي تدرك ومن خلال حنكتها وفراستها, بأن أيادٍ خبيثة من خارج الحدود تحاول العبث بأمن وسلامة واستقرار هذا البلد.. على الرغم من إلحاح بعض من الأصوات الجاهلة أو العميلة على المرجعية من أجل اتخاذ قرار أو موقف متشنج تجاه مسلسل القتل اليومي الذي يمارس ضد أبناء الطائفة الشيعية, إلّا أنها كانت تستقرئ الأوضاع وتعلم خبايا النفوس والأجندات الخارجية, فآلت أن تضحي بدماء الشيعة قرباناً لوحدة العراق بلداً وشعباً..ولكن المؤامرة لم تتوقف عند هذا الحد.. بل عمدت الأجندات الخارجية إلى حلقة جديدة من مسلسل محاولة إحراق وإغراق العراق.. فأطلقت غربان الشر السوداء, أو ما سُمّي بتنظيم داعش الإرهابي, المدرب من قبل الخارج لغرض تنفيذ المؤامرة الكبيرة على هذا البلد المستهدف, فكانت الضحية الأولى مدينة الموصل الحدباء.. وبسبب انسحاب قوات الجيش العراقي (المخطط له من قبل العملاء) تمكنت هذه الشرذمة المتعطشة لدماء العراقيين من احتلال هذه المدينة العزيزة ومن ثَمَّ الزحف نحو مدينة تكريت لإثارة الفوضى والرعب في باقي محافظاتنا الحبيبة.. وهنا وقفت المرجعية الرشيدة وقفتها المشهودة التي كان لا بد منها بعد وصول الأوضاع إلى مرحلة (على شفا حفرة), فكان لا بدّ من وقفةِ شعبية واحدة تشمل كل أبناء العراق, للتصدي لهذه الزمر الإرهابية المدعومة من دول إقليمية وإخراجها من أرض العراق.. فأطلقت المرجعية فتواها المباركة (فتوى الجهاد الكفائي) من أجل الحفاظ على الكيان العراقي من الزوال (لا سَمِح الله) لو قُدِّر لهذا التنظيم الإرهابي أن يبسط سيطرته على كل أجزاء البلد.. فتحقق النصر المؤزر بفضل سواعد العراقيين الأبطال, وتك تطهير كامل التراب العراقي من رجس تنظيم داعش.ولكن المؤلم في الأمر اليوم, وبعد كل هذه التضحيات الغالية والدماء الذكية.. نجد أنَّ أحزاب الفساد والخراب قد شمّرتْ عن ساعديْها لاستغلال هذه الدماء الزاكية, لتنفيذ الأجندات الخارجية الخبيثة الرامية إلى تفتيت وحدة هذا الشعب وزعزعة أمنه واستقراره.. فهذه الأحزاب ما فتئت منذ إعلان النصر الناجز على التنظيم الإرهابي عام 2017, على التستر خلف عنوان الحشد الشعبي ودماء أبنائه وتضحياته, وتوظيفها سياسياً؛ لغايات وأجندات خارجية وحزبية وشخصية, فقد عمل تجار الحروب ومن يساندهم من القوى السياسية الفاسدة الخاوية جماهيرياً, التعكز والتذرع بإسم الحشد وتضحياته من أجل تنفيذ السياسيات والأجندات الخارجية التي لا تخدم سوى دول الخارج, وتعود بالوبال ومزيد الدماء والمآسي والمصائب على هذا الشعب المسكين الذي (ومنذ عقود خلت) ينشد ولو يوماً واحداً يعيش فيه بأمان وسلام وطمأنينة, كحال بقية شعوب العالم.. ولكن أحزاب العمالة والدجل لا يهمّها كل هذا وذاك, بل إنَّ همّها وشغلها الشاغل هو خدمة الأسياد في الخارج وتحقيق مآربها ومطامعهم في السيطرة على البلد وخيراته, وتحويله إلى ولاية تابعة, والعودة إلى الحلم القديم الذي وُئِدَ سابقاً على أيدي القوى العراقية الوطنية.. وأملنا اليوم هو أن تنبثق قوى وطنية جديدة من رحم هذا الشعب الأصيل؛ لتوئِد أحلام الطامعين مرّة أخرى.. ويعود العراق واحداً موحداً, وعزيزاً ومستقلاً ومستقراً.. وشخصياً أرى اليوم في شباب ثورة تشرين المباركة أنهم أهلاً لحمل هذه المسؤولية المقدسة.

المشـاهدات 557   تاريخ الإضافـة 23/06/2021   رقم المحتوى 11517
أضف تقييـم