اصدرنا اليوم العدد (5000) من جريدة الدستور وبذلك نكون قد عشنا مع كل عدد صدر منها مخاضات وحالات وهواجس وفرحا وحزنا وخوفا وفخرا ورضا وزعلا ونحن نستنشق رائحة الحبر مع كل صباح بلون مختلف وطعم لا يستطيع تذوقه الا من سهر لياليه وهو يلاحق خبراً قد لا يأتي باكراً او يستدرك خطأ على احدى الصفحات قبل ان تلوكه مكائن الطباعة فتصبح معالجته في خبر كان.

الحلم الذي بدأناه قبل ثماني عشرة سنة لنواجه تجربة محفوفة بالتضحيات والتهديدات المادية والمهنية والامنية قد تعرض لازمات كبيرة كان بمقدور اصغرها ان تطيح به لو لم نتسلح بارادة عجيبة غريبة لم نعرف ما هو السر الذي كان يمدنا بكل تلك القوة والاصرار ، او من اين كان يسعفنا الالهام لايجاد الحلول واجتراح الافكار والقدرة على ترويض الازمة للوصول الى تسويات قد لا تخطر  على بال احد ، فكانت كل كبوة تمنحنا القوة على النهوض ومواصلة المسيرة ، وكل ازمة سبباً في نجاح جديد وكل وشاية او كلمة جارحة او اتهام باطل او تشهير مقصود او تشكيك بالانتماء يراد به التقليل من الانجاز او تلفيق يطال مهنيتنا ، هو سبب اضافي لابتكار سبل غير مطروقة لنجاح يفرح الاصدقاء والمحبين ويغيض الاعداء والحاسدين ويدفع بنا الى امام نسير بكبرياء الابطال المنتصرين لاننا وباستذكار ما مرت بنا من احداث وظروف ابسطها كان التهديد بالقتل واقساها كانت الغربة التي دفعنا لها ثمناً باهضاً من استقرارنا وعذاباتنا واوجعها هو غياب الزملاء الذين جادوا بارواحهم وهم يعيشون معنا رحلة العطاء فتركوا فينا جرحاً غائراً عزاؤنا فيهم انهم كانوا الدافع الاهم للنجاح والتقدم لكي لا نخيب املهم فنحقق حلمهم الذي تركوه معنا تذكرنا به حروف الدستور كل صباح.

الدستور بعد هذه السنوات غدت جزءاً لايقتصر على تواريخنا الشخصية بل شاخص من الشواخص الصحفية التي سيذكرها تاريخ صاحبة الجلالة بكثير من الاعتزاز والفخر وهو يستعرض تجربة لا يمكن ان يغادرها الباحثون او يتغافل عنها الدارسون المختصون ، وهو ما يجعل كل ما بذلناه او تعرضنا له هو بمثابة المهر الذي قدمناه لتتويج العروس الدستور بأكليل الغار الذي تستحقه.