السبت 2024/4/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 21.95 مئويـة
هل يُفتي السيد السيستاني بعدم انتخاب الفاسدين ؟
هل يُفتي السيد السيستاني بعدم انتخاب الفاسدين ؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

للسيد السيستاني والمرجعية الدينية العليا مكانة سامية لدى عموم أبناء الشعب العراقي , وحين صدرت فتواه بعد زحف جرذان داعش على مدن البلاد مبتدئين بالموصل العزيزة , هبَّ الناسُ تلبيةً لها , من أجل الحفاظ على البلاد وصدّ الهجمة الوحشية الشرسة ضده , وفعلا نجح العراقيون الذين تطوّعوا للدفاع عن أرضهم وعرضهم , فردّوا العدو إلى نحره ثم تحررت الموصل .

وكان المنتظر بعد شن الحرب على الارهاب , أن تُشن حرب لا تقل خطورة وأهمية عن حرب داعش , وهي الحرب ضد الفساد  , وتصاعدت فعلا الحملات والهمم والحماس من أجل إنقاذ العراق من هذه الآفة المقيتة , وللأمانة التاريخية أقول ’ إن المرجعية العليا طالبت بأن يجابه الفساد بقوة وأن يشخّص الفاسدون وأن يعرضوا على العدالة كي ينالوا جزاءهم العادل وتسترد أموال البلاد وثرواته المنهوبة من قبلهم , ولكن هناك تراخٍ وعدم جدية من قبل الجهات الحكومية , إضافة إلى المصدات والموانع الكثيرة التي تتمثل بحيتان الفساد المهيمنة على كل مقدرات البلاد , وهي التي تحمي الفاسدين وتدافع عنهم , بل هي التي تغذى منهم بالمال الحرام من أجل دوام نفوذهم وسلطتهم .

وإذا كان المطلوب الآن وقبل الشروع بالانتخابات المقبلة إصدار  فتوى جديدة بمنع  انتخاب هؤلاء الفاسدين  ، فقد أفتت المرجعية مرارا بضرورة عدم انتخابهم  , فهم  لم يجلبوا الخير لهذا البلد ، بل سببوا الخراب والدمار وضياع أبسط حقوق المواطن بسببهم , كما أكّدت المرجعية العليا كثيراً وقبل كل انتخابات تشريعية  على أن المجرّب لا يجرب  وكان ذلك عبر مكبرات الصوت في خطب الجمعة ، لكن الناس ذهبوا لانتخاب المجرب- ومن كل الكتل - وبأصوات لم يتوقّع الحصول عليها الفاسدون أنفسهم  اما اذا  كان المطلوب هو فتوى بالحرب على الفاسدين ، فهنا يأتي السؤال الاخر ,من هو الفاسد الذي تقصده ؟

 نحن نعلم جميعاً ان الفتوى حكم شرعي ... ينفذ على موضوع   خارجي وهو الفاسد ، فإذا كنا مختلفين في تشخيص الفاسد .. فالفتوى حينئذ غير واجبة , لأننا سنجدها  تستهدف الفاسد الذي يواليه البعض ، الذين يبعدون القصد عنه ,  وكذلك البعض الآخر يفسّر الفتوى على أنها تستهدف من تواليه أنت , وليس من يواليه هو ,   وهكذا .. وبالطبع ستخرج أنت ومن معك لتُدافعوا عن اصحابكم  وتخرج مجموعة اخرى للدفاع عن اصحابهم  وهنا ربما تحصل فتنة  واصطدام بين الناس..

إن قياس الفتوى ضد  الفاسدين مع  الفتوى ضدّ داعش قياس بعيد جدا وبفارق واضح , فالعدو الذي تربّص بالبلاد يمثل جبهة وخندقا واحدا , وزحفه قد هدد الجميع , ولا يقبل تشخيصه اللبس أو الغموض , لذلك استجاب الجميع , ومعهم الفاسدون , الذين تهددت مصالحهم أيضا , لذلك حين حسم الأمر عادت الممارسات التي استغلت حتى روح الفتوى وعملت على استغلالها بأسلوب لم يرض المرجعية العليا التي وضحت ذلك أكثر من مرة .

وعليه فإن السيد السيستاني وممثليه وأتباعه طالما تحدثوا عن محاربة الفساد وضرورة أن يقدّم أبناء الشعب المصلحة العامة على الولاءات الضيقة التي تسببت بكل ما حصل في البلاد من سوء إدارة للموارد والثروات وعدم توفير أبسط الخدمات للمواطن الفقير .

إن الله عز وجل من خلال آياته ورسله حدد لنا الخطأ والصحيح , وحذرنا من ارتكاب المعاصي والخطايا منذ أبينا آدم وحتى آخر آية نزلت على رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم , وأكّد وشرح وفصّل لنا أئمتنا طرق الحق والفضيلة , وضحّى إمامنا الحسين عليه السلام بنفسه وأهله من أجل تقويم المسار وإحقاق الحق والقضاء على الفساد , أما مرجعيتنا الرشيدة فخطابها واضح جليّ , وهي لم تؤيد أي سياسي ساهم في خراب البلاد , وقالت للجميع انتخبوا من يصلح ويحارب الفساد , فهل هناك فتوى أكثر وضوحا وبيانا من هذا الخطاب ؟

إن بلادنا بحاجة غلى جدية من الجميع , والانتخابات – إذا كانت نزيهة سليمة – فعلينا أن نبعد الفاسدين عن الفوز فيها , وبذلك نحقق مرضاة الله تعالى ومصلحة وطننا وشعبنا المنكوب بتعاقب الحكومات الفاسدة .

المشـاهدات 949   تاريخ الإضافـة 10/07/2021   رقم المحتوى 11670
أضف تقييـم