يشهد العالم اليوم حالة من التواصل  والعطاء  والتبادل المعلوماتي والمد الاتصالي  والثقافي بفعل معطيات  العولمة والامكانات التي وفرتها  التقنيات الحديثة  التي جعلت العالم اكثر قربا  وتفاعلا بين جهاته الاربع وقادته نحو طفرات تصاعدية وتغيرات متسارعة انعكست على مجمل الحياة ومنها البنى الفكرية والابداعية ، وامام هذه الافاق المفتوحة  التي  سهلت  المهمة واختصرت المسافات  واختزلت الوقت وقللت التكاليف امام الجهات المعنية بنشر الثقافة العربية والتعريف بالمبدع العربي  والمساهمة في رفد الثقافة الانسانية بكل عطاء جديد ومميز

من اجل تغيير الصورة النمطية التي ترسخت منذ  عقود لدى  المواطن الغربي نتيجة الكثير من الاسباب ولعل في مقدمتها ضعف اداء  المؤسسات  والمراكز الثقافية والاعلامية العربية   الرسمية وتشرذمها الى جانب الصراعات الداخلية والاقليمية والحروب  والازمات والكوارث وصولا الى ما تركته جائحة كورونا من عزلة وتباعد وركود طال مختلف جوانب الحياة وتعطيل   نشاطها وامام كل هذه العراقيل نجد ان ثمة امل في تحريك المياه الراكدة واعادة نسغ الحياة الثقافي من خلال ما يقوم به  المنتدى العربي الاوربي للسينما والمسرح والذي يديره الفنان والمخرج السينمائي حميد عقبي  وقد اتخذ له مقرا بفرنسا حيث نشط هذا المنتدى منذ اكثر من عام بشكل ملفت للاهتمام حيث استطاع القائمون عليه ان ينجزوا اكثر من 150 نشاطا ثقافيا شمل مختلف مجالات الحياة الثقافية شعرا  وتشكيلا وقصة ورواية وسينما ومسرحا ونقدا  وموسيقى. ساهم فيها العشرات من المبدعين العرب المتواجدين في البلدان العربية والاوربية واستقطب هذا النشاط اهتمام الصحافة ووسائل الاعلام المختلفة الامر الذي جعل هذا المنتدى يتحول الى صرح ثقافي  يواصل نشر الابداعات العربية ويعرف الاخر بالمنجز الثقافي العربي الذي ظل حبيس الادراج والزوايا التي لم تطالها المؤسسات الرسمية التي  ظلت  في ابراجها متربعة على كراسي السلطة الزائلة  والمتشبثة بالبقاء والمصالح الذاتية والاستحواذ على حقوق المواطنين  ومنها الحق الثقافي والابداعي الذي تنجزه العقول والجهود الانسانية الخيرة التي تنشد التغيير والتجديد والعطاء الذي يجعل حياتنا افضل وصورة العربي اجمل في عيون الاخرين ، ان هذه المهمة  التاريخية والمسؤولية الثقافية التي  نحن بأمس الحاجة اليها اليوم ينهض بها  البعض من المراكز  والجمعيات الثقافية المتواجدة بالمهجر   التي تكافح وتسعى لايصال صورة زاهية للثقافة العربية وقد حقق المنتدى العربي الاوربي خطوات رائعة في هذا التوجه الجاد. يفوق ما تقوم به الكثير من السفارات والمراكز الثقافية العربية التي تخصص لها  ميزانيات كبيرة لكن فعلها. جد صئبل بل يكاد ان يكون معدوما  لعل اخر انجازات المنتدى هو اقامة الملتقى الاول للنص المسرحي وبضمنه محورا اساسيا حول تقنيات الكتابة الجديدة للخطاب المسرحي الذي اشرفت على تنسيقه وادارته وقد تضمن محاور  عديدة شارك بها نخبة من المثقفين والمبدعين والاساتذة المختصين من بلدان عربية مختلفة    الى جانب الحضور من المتابعين عبر  الشبكة الالكترونية وتعد هذه الفعالية اضخم تظاهرة ثقافية اهتمت بهذا الموضوع واستقطبت جمهورا واسعا ومتابعة اعلامية مركزة وقد اختتم الملتقى اعماله امس بندوة عن كيفية توظيف الموسيقى في العمل الدرامي. شارك فيها الفنان العراقي نصير شمة والشاعرة المصرية فاطمة ناعوت، والمنتدى اضافة الى نشاطه الثقافي المستمر فهو يصدر مجلة دورية حملت اسم ايفكت تغطي مجمل النشاطات وتتابع الابداع العربي اينما يكون ، واننا في الوقت الذي نحيي فيه جهود ادارة المنتدى وكل المبدعين الذين يساهمون في نشاطاته  نأمل ان تنتبه الجهات الثقافية الرسمية العربية سواء المتواجدة منها  في اوربا  او في البلدان العربية الى  ربط الصلات والتعاون مع هذه المراكز لمزيد من النشاط المشترك وانجاز الكثير من الفعاليات الابداعية لنشر الثقافة العربية الاصيلة وتأكيد الصورة الجديدة للانسان العربي وابداعه المميز  على مر العصور .