"آيتر" ITER اختصار للمفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي الذي تعمل عليه منذ اكثر من عشر  سنوات سبع كتل ودول عالمية متقدمة هي الاتحاد الاوربي واليابان وروسيا والصين وكوريا الجنوبية والهند والولايات المتحدة الامريكية. هذا المفاعل يشتغل بآلية الاندماج النووي وليس بالانشطار، وبالرغم من انني لست فيزياويا غير أن الانشطار النووي الذي تعمل به محطات الطاقة النووية العالمية الحالية لانتاج الكهرباء ينطوي في ثناياه على اخطار تلويثية كبرى احدثت كوارث تاريخية عديدة ولعل من ابرزها فاجعة تشيرنوبيل 1986 في الاتحاد السوفييتي المنهار وتحديدا بأوكرانيا وماتزال هذه المدينة مهجورة حتى الان من البشر والنبات والطير ، وفاجعة فوكوشيما اليابانية 2011 ،ذلك ان الانشطار النووي يحصل من خلال فلق ذرة اليورانيوم الثقيل وبدوره تحدث سلسلة تفاعلات غير مسيطر عليها مع انبعاث اشعاعات قاتلة للحياة اضافة الى تسببها بالسرطانات للناجين منها. غير ان الاندماج النووي يحصل بفعل دمج نوى ذرات الهيدروجين مكونة الهيليوم الثقيل وبلا انبعاثات كربونية او اشعاعات سامة . الا ان عملية الدمج بالرغم من انها مغرية تماما لتوليد الطاقة النظيفة المستدامة للبيئة والانسان والواعدة بتكوين فيض لاناضب من الطاقة المتجددة تواجهه عقبات تقنية معقدة جدا ابرزها ضرورة تحويل غاز الهيدروجين الى الحالة الرابعة للمادة وهي البلازما التي لايمكن السيطرة عليها بالطرق التقنية المعروفة اضافة الى لزوم رفع درجة حرارتها الى ملايين الدرجات المئوية التي تصهر جميع انواع المواد والفلزات والسبائك المعروفة على المعمورة اذ انه يحاكى تفاعلات الشمس الاندماجية الدائمة الاشتعال لذا فإن مفاعل آيتر ITER  يسعى في تكوينه وتركيبته الى تطبيق التقنية الروسية المبتكرة خلال ثمانينيات القرن الماضي "مفاعل توكماك" ويبني علي اسسه واسلوبيته وعلى تجارب مفاعل جيت JET الاختباري التجريبي مع التطويرات التقنية وتحديثاتها العظيمة بإدخال الروبوتات الفائقة التطور والذكاء الصناعي والنظم والسيطرة عن بعد لغرض التحكّم بالبلازما بالمجالات الكهرومغناطيسية الرهيبة تحت ضغوط عملاقة لاتخطر على بال . مفاعل الدمج المتقدم عالميا يبنى حاليا ومنذ سنوات باحدى المدن الفرنسية باشتراك وتمويل استثنائي دولي ومن المتوقع ان يكلف اكثر من 15 خمسة عشر مليار يورو ، وينتظر ان تكون مدخلاته من الطاقة الكهربائية اللازمة لرفع درجات الحرارة الى المستوى الطاقي للبلازما بما يقدر بخمسين ميغاوات فيما ستكون مخرجاته اكثر بعشر مرات من مدخلاته اي بما يساوي 500 ميغاوات وهو يعني حصول على كفاءة مميزة بانتاج الطاقة الكهربائية الحرارية الدائمة المتسلسلة . البيانات المستقاة من الاتحاد الاوربي وشركائه بأن مفاعل الاندماج آيتر ITER سيشتغل بطاقته التخطيطية بعد عشر سنوات الى خمس عشرة سنة ان لم يحصل أي عامل طاريء وإن سارت الامور بالسياقات المعهودة في اطار المخطط والتخصيصات المالية والاطر الادارية اللازمة . المهم ان التجارب الجنينية الاولى لمفاعل توكماك وجيت وآيتر سارت في طريقها الاولي المبشر بالنجاح . لكن المهم لنا نحن الدول (النامية) المتفرجة!! على مشهد السباق الطاقوي الكهروحراري العالمي من حقنا ان نتساءل العديد من التساؤلات الحيوية ابرزها ماذا سيحصل للبترول ولاسعار برميل البترول بعد اجتياز حاجز الطاقة المدمجة من قبل دول آيتر ITER  ومفاعلها المستدام ؟ وماذا سيحصل لمستقبل اجيالنا اذا ما هبطت تلك الاسعار الى مادون كلف الاستخراج والتوزيع؟ وكيف سيفكر ولاة الامر من المشرعين والحكومات بمستقبل الابناء والاحفاد من اجيالنا المستقبلية ؟ ترى هل سيفكرون باستراتيجية جادة لتأسيس الصناديق السيادية الكافية لإعالة هؤلاء الابناء واشباع الجياع ورعايتهم وتنشئتهم بما يليق بالتنشئة الانسانية الحرة الكريمة ؟ مرة اخرى نتساءل : هل من اهتمام جاد بالمستقبل في ظل مثل هذه السيناريوهات المرعبة لنا والمفرحة لهم ..نعم مفرحة لهم كشعوب سارت بطريق التطوير والتقدم العلمي والتقني من اوسع الابواب باتجاه مستقبل واعد . ومقلقة بل مرعبة لنا لانها مفتوحة على سيناريوهات لايمكن تصورها من المآسي والمزيد من التدهور والأزمات المغلقة!!