النـص : لاعجب أن تتفرّس الذات... ذاتها في عقول و عيون وسلوكيات الأخرين ، طمعاً كان أم نيلاً في مراتب إستحقاق و تذكير ببعض خلاصة وجود عام و خاص ، لم تكن " بيروت " كما عهدنا وتأكدّنا طوال معرفتنا بها ... لذا تضاعف ألم تمّزق انسجة شديد نال و - لم يزل - من ركبة رجليّ اليمنى ، مع آل اإيه حال " أنثى العواصم "، بل و " ست دنيا " كما كان يصفها " نزار قباني" ، رحلتي الأخيرة لها كانت بدعوة و لوامس حَثّ من لدن الكبير " د.عبدالحسين شعبان" الذي أتحف طبعة مجموعتي" حين تنكر الموج ...القوارب" - طبعة ببروت - بمقدمة جاءت بثراء كشف ، وسخاء قدح لما حوت من تهاليل شعر و تعليل شجن ، وكيف شاء أن تلتقي نصوصها تؤاماً مع إفتنان حبي لبيروت ،هل كنت سأسلي نفسي بنسق ذلك الإمتنان " النجفيّ" الخالص الذي خصّني به ، وهو الحصيف الباحث و المفكر الفذ عن كل ما يُذكي من لمعان نار و جمرات مواقد جلي خواص جوهر الحقيقة ، الذي أدمن البحث فيه وعنه ، و لم يترّدد و لو بعمر ربع لحظة واحدة ، كان قد تملّكها حال بلغوه سن العشق والتشبث بشغف التمرّد الحاني و اليقظ في ذات بناء تلك الذات التي منها ينتهل " شعبان " و يُغدق ُ دون أدنى ملمح انتظار أيّ مبغى و مسعى سوى ما شاء جُبٍل عليه وسار نحو قرابة عقود ستة ، في مدار شخصيّة نادرة التفرّد و الإعتداد ، و إستحالة فصل سلوكه العام ، عن ما تعَّلم و شبّ في بيئة بيته ، كما لا يمكن فصل اللهب عن النار ، أًعتدتُ التلفت و الإحتماء – طوعاً - بعبارة " نيتشه" الراميّة ابلقول؛" ما قيمة فضيلتي ان ام تجعل مني انسانا عاطفيا" كلما أغوتني فكرة تقيم شخص ما أكنُ له الُحبّ وعياً ، و أجدني مُرّهقاً جرّاء البحث في إيجاد مفردات بأردية توصيفات تساير المنطق أكثر ممّا تبغيه العواطف و نبل الأحاسيس ، الأيام العشرة التي قضيُّتها في بيروت اندحارالعملة وشحة الكهرباء و إنعدامها في الكثير من الأحياء ، وتعكرات مزاج الحياة فيها عموما ، إلأ في حدود ما أعتاد اللبناني على معاندة أعتى الظروف ، وأقساها وحثيث سعيه وحقيقة تَعوّده على العيش مرّفهاً، كريماً ، كانت تتجهه صوب قدرة تحملي وطاة الألم المبرح في ركبيتي إثر التواء مفاجىء طالها قبل يوم واحد من سفري ، لتوقيع مجموعتي الشعريّة في خميس الخامس من آب اللهاب ،وقبلها موعد مراسم الإحتفاء بها" اي المجموعة" في أثنين الثاني من ذات الشهر ، وفق باكورة انشطة و فعاليات " صالون15 الأدبي" الذي تجرأت على تاسيسه الروح المرفرفة ، والسانحة والمحلقة في فضاءات ومديات الثقافة والادب و محافل الفنّ الشاعرة والاعلامية" نوال الحوار"، تراوحت خطوات العشرة الأيام ما بين خوافي حُزنٍ مكبوس في غلائل و غلالات روحي و إعتلالات ألم لا يُحتمّل ، ومابين دواعي فرح عارم تكلّل على أقصاه في مساء إفتتاح ذلك الصالون بتلك الأمسية التي أمتدّت ليلا ً مطرزا بنجوم وتخوم من حضر، وأضاف بُعداً إبداعياً في معنى أ ن تكون الحياة ؛ حياةً ، وكيف علينا مسك تلابيبها ، بالشعر وعزف موسيقى بسعة إتساع أسماعنا ، تملًياّ بفتنة و جمال كل من هال يحيط بنا برغم ما بات يسكنها من خراب... خراب لا محال زائل ...!
في الرحلة أيام مرحٍ أخرى ... سيأتي بوحها في مقام و مقال آخر .
Hasanhameed2000@yahoo.com
|