التظاهر او الاحتجاج احد اهم اساليب النظم الديمقراطية للتغيير وهو مكفول دستورياً في هذا السياق واسمى تحقيق غاياته يتمثل باستجابة منظومة الحكم لمطالب المتظاهرين والمحتجين ليكتمل بذلك النهج والممارسة الديمقراطية في ابهى صورها.

وهذا لن يحدث الا في الدول الديمقراطية الحقيقية التي يؤمن الجميع فيها بصدقية عالية بآلياتها ومحتواها ومضامينها من دون الشعور بالغلبة او الهزيمة من اي الاطراف بل بقبول ايجابي بالمخرجات التي تصدر عن الممارسة الديمقراطية ولا اقصد هنا فقط العملية الانتخابية لوحدها لانها فقرة من فقرات عدة في ذات مسار طويل ، يحتاج فيه المشاركون اختباراً لارادتهم التي يفترض ان تتوفر لها الاجواء الآمنة والمناسبة مع ايجاد وسائل ضبط ايقاع قانونية وذاتية لكي لا يشط البعض عند شعوره بعدم وجود الرقيب ويلجأ لما قد يعد خرقاً او انتهاكاً يحاسب عليه القانون.

اما في مجتمعاتنا فالموضوع يختلف جذرياً ولهذا من الاسباب ما يمكن الاعتماد عليه وتسويغ الانتهاكات المتعددة في ديمقراطيتنا وبمقدمتها عدم ايمان القوى المشاركة في النظام بالديمقراطية وما قبولها لها الا اسقاط فرض تجنباً لخروجها من السلطة ، ولهذا تتعاطى مع النهج الديمقراطي بكثير من الازدواجية لتحولها الى انتقائية فجة تسقط عليها ما ينفع ويتطابق مع مصالحها وتحارب وتقف بالضد مع اي من وسائلها اذا شعرت انها تهدد وجودها.

واذا ما اردنا ان نتجاوز هذه المعضلة لتحقيق مسارات ديمقراطية ناجعة يجب ان يتوفر الايمان المطلق بالديمقراطية كحل لمشكلة تداول السلطة سلمياً وحماية النظام من التجاوزات والتغول عليه من قبل اصحاب الطموحات غير المشروعة من المشتغلين في اطار النظام لكنهم متمردون سراً كلما سنحت لهم فرصة اقتنصوها لتحقيق مآرب لا تمت للمصلحة الوطنية بصلة لكنها تعكس طموحاتٍ واطماعاً ضيقة قد لا تكون مشروعة لاقانونياً ولادستورياً.