الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 22.95 مئويـة
في الهواء الطلق ملحمة عاشوراء
في الهواء الطلق ملحمة عاشوراء
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علي عزيز السيد جاسم
النـص :

لن ادخل بمقدمات وشروحات عن ملحمة عاشوراء لانها باتت معروفة لدى عامة الناس ، لكن سأدون بعض الملاحظات العامة بشأنها واتطرق بشكل عام عن السلوكيات المنحرفة التي الصقت بها تحت مسميات (شعائر) ابتعدت كل البعد عن رسائل ونهج آل بيت الرسول.

في كتابه الموسوم (الاغتراب في حياة وشعر الشريف الرضي) لمؤلفه المفكر الشهيد عزيز السيد جاسم ، الذي انجز مستندا على 132 مصدر خلال محرم عام 1985 وطبع عدة طبعات في العراق وبيروت نقتطف التالي :

(لقد جرى قتل أهل بيت الرسول بأيدي أناس كانوا يدًّعون الاسلام ، وهذا ما اعطى للمأساة بعداً فجائعياً لم يتكرر في التاريخ).

ويضيف (فلم يروِ أحد في جميع مراحل التاريخ ان بشراً يقتلون أهل بيت نبيهم ، وبأسم خلافة الدين (!) إلا في مناسبة واحدة هي ملحمة عاشوراء).

وكان النبي يقول : (استوصوا باهل بيتي خيرا ، فاني اخاصمكم عنهم غداً ،ومن أكن خصمه أخصمه ، ومن أخصمه دخل النار).

لكنه في المقتطف التالي يختصر القضية الكبرى في التفاتة ينفرد بها ولم يتجرأ احد التطرق اليها بهذا الشكل الصريح :

(لقد كانت احداث عاشوراء اكبر من خيانة ((نبي)) ، لانها كانت محاولة لإمحاء ذرية النبي ، لكن الله احبط مساعي الظالمين ، فجعل البلاء الذي مر به أهل البيت قوة للدين ، ونصرة لأفكار الشهداء الخالدين).طبعة دار الاندلس البيروتية ص 14.

 

وقد بينت صحف التاريخ الاسلامي ان اهل البيت على امتدادهم كانوا أوعية علم ومعرفة ربانية ، وكانوا زهاداً عابدين قانتين ، شغلتهم مناجاة الله عن المطامع الدنيوية الرخيصة. لقد شغلهم نشر العدل ، العدل الذي لا ينشأ إلا من القاع الاجتماعي ، والبساطة ، والتواضع ، ورفض الثراء والجاه والغرور الزائف.

مما زاد ويزيد في زهد العارفين القانتين والائمة الاعلام الطهورين ، تفاقم الفساد والاحتيال والغدر ، وهدر الاخلاق ، وسيادة منطق القوة والقهر والابتزاز والارشاء ، وكل المباذل التي تهوي بالمجتمع الى الحضيض.

فكلما تزداد كفة الميزان ميلان لصالح الفساد ، فان العلماء يزدادون زهداً واحتماءً بالدين والقيم الروحية.

ان مظاهر الفساد والانحلال و كثرة العادات الدخيلة والشذوذ والمجون والخلاعة التي اريد الترويج لها ونشرها تحت مسميات التطور والحداثة ، وغير ذلك من المؤثرات التي اجتمعت مع وجود الفقر والفساد الاخلاقي بجانب وجود الثراء الفاحش خلقت اجواء وبيئة لتنامي المؤثرات المنافية للدين الاسلامي وللتقاليد العربية والاسلامية في وقتنا الحاضر.

وفي هذه الايام نشهد العادات الدخيلة على الملحمة الحسينية في العراق ، بعد ان تحولت العديد من السرادق الى مهنة للتكسب غير المشروع ، لا علاقة لها بالملحمة الحسينية سوى ببضع قصائد ، والباقي بصراخ وعويل اصوات غير مفهومة غالباً بسبب رفع صوت مكبرات الصوت بصرف النظر عن احترام الجار والاخرين سواء اطفال ام شيوخ وعجائز او حتى قرب المستشفيات..

هذه الظاهرة التجارية التي جاءت بها بعض الاحزاب لاغراض الكسب الجماهيري وشراء الذمم وكسب القادرين على المتاجرة حين الطلب ولا سيما الانتخابات على الابواب.

الكثير من الناس باتوا ينزعجون من المخلفات التي تنتج عن ما يسمى بالشعائر (طبعا هناك شعائر حسينية اعتدنا على اقامتها منذ عقود من دون ان نسيء للاخرين) لكن نتحدث عن ما الصق بها ، وما يترتب عليها من قطع الطرق والتاثيرات الجانبية ، كأنما الملحمة الحسينية وكلمة الحق والعدل ، وعدم تنازل الامام عليه السلام عنهما ورفضه لقول كلمة واحدة (بايعت) لينجو واهله من الجريمة المدوية ، تحولت الى مناسبة طعام واكل وشرب بالمجان ومنافسة بين هذا الطرف وذاك واي منهما الاقدر على رفع مكبرات الصوت.

لم اسمع احدهم يتحدث (داخل سرادق الفوضى والطعام واللطم) في محاضرة هادئة للناس عن الشهداء الذين ضحوا مع الامام ومنهم : العباس ، وجعفر ، وعثمان ، ومحمد ، وأبو بكر (اولاد الامام علي بن ابي طالب) ، وعلي ، وعبد الله (ولدا الحسين) ، وابو بكر ، وعبد الله ، والقاسم (اولاد الامام الحسن) ، وعون الاكبر ، ومحمد (ولدا عبد الله بن جعفر) وجعفر ، وعبد الرحمن ، وعبد الله ، ومسلم (اولاد عقيل بن ابي طالب) وعبد الله بن مسلم بن عقيل ، ومحمد بن ابي سعيد بن عقيل.

 ايضا ممكن ان نستخلص من الملحمة ان البقاء والخلود للموقف الشجاع ، وللكلمة الصادقة ، ولعدم التخاذل والانصياع للباطل مهما علت قدرته وسطوته ، ومهما ازدادت حدة الجوع والعطش ، وان كل الممارسات التي يقوم بها الانسان مصيرها الزوال لا محال من مال وسلطة وجاه ومطامع دنيوية ، ومن تهافت وقتل وغدر ونفاق ووشاية وتشويه واذلال وكل السلوكيات التي يبيحها البعض لنفسهم على مستوى اشخاص ام مجموعات منظمة ما هي الا نذالات صغيرة زائلة تدفع بالقائمين عليها بالتفاهة والخسران امام حقيقة الموت.

فالبقاء للقضية والفكر الانساني والدين القيم الذي يعظم حرمة الانسان وحقه في العيش الكريم ، والموت لما سواه.

وبهذه المعاينة البسيطة والسريعة ممكن ان نعرف من هم الذين يسيرون على نهج آل البيت ومم هم الادعياء المنافقون المتاجرون باسم الدين والمذهب.

المشـاهدات 510   تاريخ الإضافـة 16/08/2021   رقم المحتوى 11884
أضف تقييـم