الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 19.95 مئويـة
تونس .. هل تغتنم فعل المراجعة وفرصة التغيير ؟
تونس .. هل تغتنم فعل المراجعة وفرصة التغيير ؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د.حسين الانصاري
النـص :

 يبقى حلم الانسان العربي هو نيل الحرية والعيش بكرامة والحصول على حقوقه المشروعة التي اقرتها الدساتير والاديان واللوائح الدولية والانسانية ومنذ عهود الاستقلال توالت على البلدان العربية  حكومات مختلفة التوجهات واساليب الحكم وطرق الوصول الى السلطة رغم وجود ما يسمى بالممارسة الديمقراطية الانتخابية  والدساتير والقوانين ولكن البعض من الاحزاب حاول الهيمنة والتلاعب والتحريف  ووصلوا الى سدة الحكم مستغلين طرق متنوعة منها خداع الجماهير تارة بالوعود  ومرة بالرشا  والتزوير وثالثة باستخدام  العنف والتخلص من المنافسين بمختلف الوسائل ، لذلك غالبا ما تأتي النتائج خلاف التوقعات وتونس كانت من بين البلدان التي اشتعل فيها لهيب التغيير  بعد ان شعر الشعب بهذه الضرورة  نتيجة ما احاط بهم من استبداد وخنق الحريات والاستيلاء على المال العام مما ادى الى تردي الاوضاع العامة وكان ابد من ثورة عارمة  وفعلا تم ذلك بعد احداث عديدة واحتجاجات تصاعدت في اواخر شهر ديسمبر  2010 وما تبعها من دعم في المدن الاخرى اذ نزل الالاف من التونسيين الى الشوارع والساحات رافضين الواقع المتردي من انتشار البطالة وغياب العدالة الاجتماعية وازدياد الفقر امام قمع وجشع وفساد السلطة  ونهب المال العام من قبل المتنفذين ومن يحيطون  باصحاب القرار  وهكذا اتسعت حدود الاحتجاج وعمت ارجاء البلاد وامام هذا الضغط المتصاعد  نجحت باجبار الرئيس زين العابدين بن علي  في التنحي عن السلطة وزوال هيمنة الحزب الدستوري وبهذا حققت جانبا مهما من اهدافها في تغيير النظام ومحاولة اعادة الاوضاع لمسارها وبما  يجعل المواطن التونسي  يشعر بوجوده وحقوقه وكرامته وقد نالت الثورة التونسية صدى عالميا واصبحت ايقونة لثورات قادمة بشعاراتها واساليبها وآمالها ، ولكن بعد ذلك حدثت المفارقات والتجاذبات والصراعات فقد تم انفتح الافق وجاءت المبادرات وتشكيل عشرات الاحزاب التي تطمح ان تكون في قيادة البلاد وفي خضم هذه السنوات استطاعت حركة النهضة وبمختلف وسائلها ان تفوز  بالانتخابات وتصبح الكتلة الاكبر في البرلمان التونسي وتفرض وجودها في استلام السلطة  لسنين طويلة بعد ان اعتمدت على عقد تفاهمات من الاحزاب التي تراها ناشطة في المشهد السياسي بغية تحييدها وكسبها وعبر مسيرة سنوات لم يحصل المواطن التونسي على ما كان ينتظره رغم تبدل الحكومات وتغيير الوجوه لكن خيوط اللعبة السياسية فقط ظلت تحركها اصابع النهضة التي فصلت المطالب الاقتصادية عن السياسية والاجتماعية   ورغم الطروحات الديمقراطية التي  تقال ولا تطبق شعر المواطن بغياب العدالة  وان حقوقه قد تراجعت بل ان  الحكومات لم تلب ابسط مطالب الناس. من هنا  اخذت الامور مسارا اخر يسنده التشكيك والنقد

ودعوات التغيير ورفض الواقع وسط  محاولات النهضة وتابعيها  بمعالجة الامور هامشيا لتجاوز الازمات المستمرة التي اخذت تفرض سطوتها على حياة المواطن . هنا لم يعد امام مطالب الشعب ودور  الرئيس قيس سعيد  الا كسر حالة الصمت والمواجهة الحقيقية  والتصدي لما يجري في البلاد  فأقدم على  اقالة رئيس الحكومة وجمد عمل البرلمان وفقا للفقرة الثالثة من المادة الثمانين من الدستور ، وتحمل على عاتقه كل ردود الفعل وما نجم عنه بعد ان ادرك ان الشعب قد رحب بهذا القرار  الجريء الذي يحسب للرئيس  حيث قام بخلخلة المشهد السياسي الكلي واعلنها صراحة ان هناك من يسعى للتخريب والفساد من رموز الحكومة والبرلمان والجميع بلا حصانه ودون سفر وتحت طائلة التحقيق والحساب ان اثبتت التهم من قبل القضاء ، ان نتائج هذا الفعل الذي اسماه البعض انقلابا وتجاوزا على الديمقراطية والدستور والانفراد بالسلطة لابد  ان يقابله  فعل حقيقي  وخارطة طريق  واضحة بالتغيير واعادة النظر بكل ما حصل من اخفاقات وتجاوزات على القوانين  والابتعاد عن حاجات المجتمع وها قد دخلت تونس حالة من الترقب والانتظار لما سيحدث والجميع يترقب اعلان رئيس للحكومة المقبلة ولكن يتطلب ذلك اجراءات فعلية بالتغيير الحقيقي والذي سرعان ما تنعكس نتائجه على الشارع والمواطن التونسي الذي تعتبر ارادته هي الداعم الحقيقي. في هذه المراجعة والتغيير المرتقب والعودة للتطبيق الفعلي  في مسار الديمقراطية والدستور وترسيخ حقوق الانسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص وهو ما عرفت به تونس عن غيرها من البلدان العربية وضرورة المعالجات السريعة للازمات الاقتصادية والصحية وتقديم انجازات ملموسة  للمواطن  تنسجم مع متطلبات الواقع وحاجات المجتمع التونسي ، فهل  سيتم اغتنام هذه الفرصة لتحقيق تعديل المسار السياسي والحكومي ويكون تغييرا جوهريا لمستقبل البلاد.

 

المشـاهدات 484   تاريخ الإضافـة 28/08/2021   رقم المحتوى 11970
أضف تقييـم