الثلاثاء 2024/4/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 30.95 مئويـة
قراءة متأنية في الحرب العراقية الايرانية
قراءة متأنية في الحرب العراقية الايرانية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.د.عبدالرزاق محمد الدليمي
النـص :

شاهد عيان: في نهاية شهر آب 1980 انتهت فترة معسكر ابطال القادسية الطلابي للعمل الشعبي  الذي اسهم في بناء اعداد كبيرة من البيوت للفلاحين المصريين الذين سيتم توطينهم في تلك المنطقة الزراعية على الطريق المؤدي من بغداد الى محافظة واسط(الكوت)..ومن تقاليد كل معسكرات العمل الشعبي تكرار زيارة الرئيس صدام حسين وتفقده لهذه المعسكرات وبأوقات مختلفة (فجرا وصباحا ومساءا وحتى المبيت في المعسكر)....في يوم الرابع من ايلول 1980 انتقل والدي رحمه الله الى دار حقه ،وكعادة كل العراقيين عملنا بيت عزاء (فاتحة) وفي ليلة اليوم الثاني حضر الى مجلس العزاء اعداد غفيرة ومن ضمنهم رئيس المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة العراق (الاستاذ محمد دبدب) والذي جلس بجانبي وهمس بأذني ان الرئيس صدام حسين طلب لقائنا صباح يوم غد (السادس من ايلول 1980)،فأعتذرت منه ولكنه أصر لان الرئيس كما هو معروف عنه ذاكرته قوية ويعرفنا فردا فردا وسيسأل عني حتما...المهم ذهبنا في صباح يوم السادس من ايلول الى القصر الجمهوري وكان الموعد هو الساعة العاشرة الا ان الرئيس تأخر الى الحادية عشرة والنصف حيث سلم علينا بحرارة مع بعض العبارات التلطيفية والمزاح الخفيف ثم جلس وكل الامور كانت هادئة وتحدث كعادته على علاقة الدولة مع الشعب وكيفية السعي لتقديم كل مايمكن لخدمة العراقيين ومن ضمنها الحاجة للعمل معهم بشكل تدريجي ومدروس لاسيما الفلاحين...وبعد مضي قرابة اربعين دقيقة دخل علينا المرحوم طارق حمدالله رئيس ديوان رئاسة الجمهورية وبعد ان ردد السلام علينا همس بأذن الرئيس ولاني كنت جالس قريب من الرئيس لاحظت تغيير في وجهه ،وبعد خروج رئيس الديوان استمر الرئيس بذات الموضوع وبعد ربع ساعة دخل رئيس الديوان مرة اخرى وهمس بأذنه وتغير لون وجه الرئيس ونحن حقيقة لا نعلم ماذا يجري واستمر الرئيس بالحديث الى نهاية الموضوع حينها قال(رفاق كنت قد خططت ان نتناول وجبة الغداء سوية الا ان الرفيق طارق حمدالله اخبرني ان الايرانيين شنا هجوما على قطعاتنا ويستدعي الأمر ان اذهب الى القيادة العامة لنرى ماذا نفعل) بعدها بدأنا بالسلام عليه ولاني كنت جالس قريب منه فكنت في المجموعة الاخيرة وعندما سلمت علية مسك يدي وقال ماذا بك يارفيق عبدالرزاق وحقيقة لاني منصرف ذهنيا مع الافكار التي تناولها في حديثه عن كيفية التعامل السليم مع ابناء الشعب نسيت وفاة والدي وهنا تدخل الاستاذ محمد دبدب صاحب الذاكرة الحديدية واخبره بأن اليوم الثالث لوفاة والدي وانه اقترح علي المجئ رغم وجود بيت العزاء وظل الرئيس ماسكا يدي اليمنى بيده اليسرى وهو يسلم على بقيتنا ويسمعني كلام التعزية والمواساة على مصابي وبعد ان انتهى من السلام على الجميع سلم علي وحظنني وكرر انه كان يود ان يقضي وقتا اطول معنا.ماوددت  ذكره هنا اني شاهد  على حقيقة أن أيران هي من بدأ العدوان والحرب ،علما ان الدفاعات الجوية العراقية اسقطت طائرتين حربيتين (أف 4 ) امريكتيا الصنع على اطراف بغداد يومي الرابع والسادس من ايلول 1980 وهذا يعزز الحقيقة بان الطرف الايراني بدأ الحرب على العراق في الرابع من ايلول ، بينما باشرت القطعات العراقية بالرد الشامل في 22 ايلول وهو دليل على عدم استجابة العراق للأستفظزازات العدوانثة الأيرانية للفترة من 4-9-1980 ولغاية صباح 22-9-1980مع العلم ان العراق احتفظ بالطيارين الاثنين اللذين اسقطت طائريتهما في يومي 4،6 ايلول حتى 9/4/2003 اي الى يوم الاحتلال الامبريالي الصهيوني للعراق واظن تم تسليم الطياران  الى سلطات طهران ولا احد يعرف مصيرهما سيما وانهما اعتبرا من المتعاونين مع العراق.

 

اسباب الحرب

 

تشير كثير من المعلومات التي افرج عن سريتها لاحقا ان الادارة الامريكية عرضت على شاه ايران محمد رضا بهلوي عام 1973 شن الحرب على العراق الا انه رفض، وهذا ماحوله من حليف يعتمد عليه الى خصم يضر بوجوده المصالح الامريكية الصهيونية ولذلك تحولت أنظارهم الى الخميني (الحليف المعد في فرنسا) الذي تم تهيأته لاستغلال الفوضى التي تم التخطيط لها من قبل مخابرات امريكا وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني.حدث التغيير في إيران عام 1979، ورفع قادة إيران الجدد شعار تصدير الثورة الذي كان يُقلق الدول العربية المحيطة بإيران وفي مقدمتها العراق ودول الخليج وتزايدت المخاوف الإيرانية مع توقيع ميثاق الدفاع العربي في فبراير/شباط 1980، الذي اعتبرته إيران عملا عدائيا يستهدفها ويُجيش دول المنطقة ضدَّها في صراعٍ حدودي تعتبر أنه يجب أن يحافظ على طابعه الثنائي.،ونتيجة للموقف العدائي الذي طبع سياسة نظام الملالي الجديد تأزمت العلاقات السياسية بين العراق وإيران، حيث تبادل البلدان سحب السفراء في مارس/آذار 1980 وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، وشهدت الساحة العراقية أعتداءات متوالية طالت مسؤولين ومواطنين ك،حيث تعرض طارق عزيز نائب رئيس الوزراء وعدد من كبار المسؤولين آنذاك لمحاولة اغتيال واتهمت السلطات العراقية حزب الدعوة المدعوم من ايران بالوقوف وراءها،وفي الرابع من سبتمبر/أيلول 1980، (كما تقدم)اتهمت العراق إيران بقصف البلدات الحدودية العراقية معتبرة ذلك بداية للحرب، فقام الرئيس العراقي صدام حسين في 17 سبتمبر/أيلول بإلغاء اتفاقية عام 1975 مع إيران واعتبار مياه شط العرب كاملة جزءا من المياه الإقليمية العراقية.استمرت الأعمال الحربية بين البلدين إلى 20 آب 1988، رغم دعوات مجلس الأمن لوقف إطلاق النار. انتهت الحرب بقرار مجلس الأمن رقم 598، الذي قَبِلَهُ الطرفان.

 

الكيان الصهيوني على خط الحرب

 

بحسب ما ذكره رونن برجمان، قامت إسرائيل ببيع أسلحة قيمتها 75 مليون دولار أمريكي من مخزون الصناعات العسكرية الإسرائيلية وصناعات الطيران الإسرائيلي ومخزون قوات الدفاع الإسرائيلية، في عمليات سيشل عام 1981. ولقد ضمت المواد 150 مدفع إم 40 المضاد للدبابات مع 24.000 قذيفة لكل مدفع وقطع غيار لمحركات الدبابات والطائرات، وقذائف 106 مم و130 مم و203 مم و175 مم وصواريخ بي جي إم 71 تاو. ولقد تم نقل تلك المواد في بداية الأمر جوًا عبر الخطوط الجوية الأرجنتينية ثم نقلت بحرًا.بحسب ما أوردته تريتا بارسي، كان الدعم الإسرائيلي لإيران عبارةعن: مبيعات الأسلحة إلى إيران التي قدرت إجمالاً بـ 500 مليون دولار أمريكي في الفترة من عام 1981 إلى 1983 وفق ما ذكره معهد جيف للدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب. ولقد تم دفع معظم هذا المبلغ من خلال النفط الإيراني المقدم إلى إسرائيل. "وفقًا لأحمد حيدي، "تاجر الأسلحة الإيراني الذي يعمل لصالح نظام الخميني، 80% من الأسلحة التي اشترتها طهران" بعد شن الحرب مباشرةً أنتجت في إسرائيل. قامت إسرائيل بتسهيل عمليات شحن الأسلحة من الولايات المتحدة إلى إيران في مسألة إيران - كونترا. قيام إسرائيل في السابع من يونيو من عام 1981 بمهاجمة المفاعل أوزيراك النووي العراقي مما أعاق البرنامج النووي العراقي. مع العلم أن أيران قصفت ذات المفاعل عام 1980، ولكنها لم تدمر سوى المنشآت الثانوية  يذكر أن إسرائيل قدمت أيضًا لإيران المدربين والمساعدات غير التسليحية من أجل المجهود الحربي. بحسب مارك فيثيان، تُعزَى جزئيًا حقيقة "أن القوات الجوية الإيرانية يمكنها العمل جيدًا" بعد الهجوم العراقي الأولي و"أنها يمكنها تنفيذ عدد من الغارات فوق بغداد ومهاجمة المواقع الإستراتيجية" إلى قرار إدارة ريجان بالسماح لإسرائيل بتمرير الأسلحة الأمريكية إلى إيران لمنع العراق من تحقيق نصر سريع وسهل." ... لقد وقع تاجر الأسلحة الإسرائيلي ياعكوف نيمرودي ظاهريًا عقدًا مع وزارة الدفاع الوطني الإسرائيلية لبيع أسلحة قيمتها 135,842,000 دولارًا أمريكي، وتشمل الصفقة صواريخ مدفعية وقذائف كوبرهيد وصواريخ هوك. وفي مارس 1982، ذكرت جريدة نيويورك تايمز مستندات تبين أن إسرائيل وردت لطهران ما يقدر بنصف أو أكثر من الأسلحة التي وصلتها خلال الأشهر الثمانية عشر السابقة، وتقدر تلك المبيعات بـ 100 مليون دولار أمريكي على الأقل. وذكرت مجلة بانوراما، الصادرة في ميلان، أن إسرائيل باعت لنظام الخميني 45 ألف قطعة من المسدس الرشاش عوزي وقاذفات الصواريخ الموجهة المضادة للدروع وصواريخ وهاوتزر وقطع غيار للطائرات. وذكرت المجلة أن جزءًا كبيرًا من الغنيمة المتحصلة من منظمة التحرير الفلسطينية أثناء حرب لبنان 1982 قد تم إنهاؤها من طهران".وفقًا لجون بولوخ وهارفي موريس، قام الإسرائيليون بتصميم وتصنيع كتل كبيرة من مادة متعدد الستيرين خفيفة الوزن التي حملتها القوات الإيرانية المعتدية لبناء ممرات فورية مؤقتة عبر المياه العراقية الضحلة الدفاعية في مواجهة البصرة؛ ولقد جعلت إسرائيل الطائرات الإيرانية تستمر في الطيران رغم نقص قطع الغيار، وعَلم المدربون الإسرائيليون القادة الإيرانيين كيفية التعامل مع القوات العراقية.وماصدر من  خطب الزعماء الإيرانيين المعادية لأسرائيل لم يلغي حقيقة تواجد ألف مستشار وفني إسرائيلي ، ولقد كانوا يعيشون في معسكر شديد الحماية والتنظيم شمال طهران، ولقد ظلوا على هذا الحال حتى بعد وقف إطلاق النار.

 .. ذكرت صحيفة إيروسبيس ديلي في شهر أغسطس من عام 1982 أن الدعم الإسرائيلي كان "حاسمًا" في إستمرار تحليق القوات الجوية الإيرانية في مواجهة العراق. كما شملت المبيعات الإسرائيلية قطع غيار للطائرة النفاثة الأمريكية إف 4 فانتوم الثانية. ذكرت نيوزويك أيضًا أنه بعدما هبط أحد المنشقين الإيرانيين بطائرته النفاثة إف 4 فانتوم في المملكة العربية السعودية عام 1984، قرر خبراء المخابرات أن العديد من أجزاء الطائرة قد بيعت أساسًا إلى إسرائيل ثم أعيد تصديرها إلى طهران بما يعد انتهاكًا للقانون الأمريكي.

 

النظام في ايران لم ولن يشكل خطر على الكيان الصهيوني

 

بحسب برجمان، كانت أهداف إسرائيل هي: إعادة خلق بعض النفوذ الذي فقدته في إيران بعد الإطاحة بالشاه عام 1979؛ وزيادة حدة حرب الخليج الأولى وإضعاف العراق الذي يعارض وجود إسرائيل؛ ومنع العراق من هزيمة إيران حيث كانت إسرائيل تخشى انتصار صدام حسين الذي ممكن أن يعرقل إقامة أعمال تجارية في ايران لصناعة السلاح الإسرائيلي. كتبت تريتا بارسي أن إسرائيل أمدت إيران بالسلاح والذخيرة لأنها ترى أن العراق يمثل خطرًا على عملية السلام في الشرق الأوسط. آريل شارون كان يرى أنه من الأهمية بمكان "أن يظل الباب مفتوحًا قليلاً" أمام إمكانية إقامة علاقات جيدة مع إيران في المستقبل. وبحسب ما ذكره ديفيد مينشري من جامعة تل أبيب، خبير كبير في شئون إيران، "على مدار الثمانينيات من القرن العشرين، لم يقل أي شخص في إسرائيل كلمة عن الخطر الإيراني – فهذا التعبير لم يكن لينطق به في اسرائيل" ولقد فسرت بارسي في لقاء مع دياني رهيم أنه رغم الخطب المعادية لإسرائيل التي كانت تعرض على الملأ في إيران، ففي واقع الأمر كانت الدولتان تعتمدان سرًا على دعم بعضهما البعض لمواجهة المعارضة الهائلة من كل من العراق والاتحاد السوفيتي. ويستدل على ذلك بحقيقة استمرار هذه العلاقة رغم زيادة حدة الخطاب نتيجة الثورة الإسلامية في إيران، والذي استمر حتى انهيار الاتحاد السوفيتي وسعي الولايات المتحدة الأمريكية لتدمير القدرات العسكرية  العراقية في حرب الخليج الأولى عام 1991. ورغم أنه أدعى أنه لطالما استخدمت إيران إسرائيل كوسيلة لخلق شعور عربي جامع معادٍ لإسرائيل تتجمع حوله جميع الدول المسلمة في المنطقة بزعامة إيران، بدأت إسرائيل وإيران حقًا اعتبار بعضهما البعض منافسًا إستراتيجيًا بعد تلاشي خطر الاتحاد السوفيتي وبعد ما لم تعد العراق تمثل نقطة اختبار للقوة في المنطقة. رأى الصهاينة أن حرب الخليج تعد فرصةً لضمان سلامة المجتمع اليهودي في إيران الذي يبلغ ععد أفراده من ما يقرب 80 ألف يهودي. والذين كانزوا يعتبرون  أقلية الى جانب الميحيون والزرادشتيون في إيران، والحقيقة أن هؤلاء رغم مظاهر العداء الدعائية لهم ، لم يواجهوا عمومًا اية مشاكل واستطاعوا متابعة حياتهم دون مشكلات. ورغم ذلك فأن أصولية الخميني جعلت الجميع في ورطة. فكان الدعم الظاهري لإيران يضمن سلامة المجتمع اليهودي وسمح لآلاف منهم بالهجرة؛ ولقد ساهم ذلك مساهمةً كبيرة في نجاح إيران في الذود عن حدودها.أن الحرب العدوانية التي شنها نظام الملالي ضد العراق كلفت كلا الطرفين خسائر بشرية واقتصادية: نصف مليون جندي عراقي وإيراني، مع عدد مماثل من المدنيين، يعتقد لقوا حتفهم، وعدد أكبر من الجرحى؛ وهي لم تكن سوى حرب تتنفس فيها أطماع وأهواء النظام الأيراني الذي أستغرقه زهو أنتصاره الأفتراضي على الشاه ليسعى في تحقيق أحلام مريضة لم يترتب عليها سوى الخراب والدمار ولذلك فأن اغلب الباحثين خلصوا الى ان نتائج الحرب اثبتت ان المنهج الذي يتبعه نظام الملالي في طهران عاد بالكوارث على المنطقة منذ وصول خميني على متن طائرة الخطوط الجوية الفرنسية ولحد الان.

 

 

المشـاهدات 495   تاريخ الإضافـة 06/09/2021   رقم المحتوى 12067
أضف تقييـم