الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 21.95 مئويـة
شارع المتنبي روح كل مثقف عراقي وعربي
شارع المتنبي روح كل مثقف عراقي وعربي
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبد الأمير كاظم الجوراني
النـص :

شارع المتنبي شارع التاريخ والثقافة العربية والإسلامية, ومعلم من معالم بغداد العروبة والإسلام والتحضّر, وقد بزغ نوره في عالم الوجود العلمي والإنساني والسياسي والحضاري منذ عشرات السنين تاركاً خلفه مئات السنين من الظلام والاحتلال التتاري والعثماني والصفوي... وغيره, فهذا الشارع التاريخي العتيد له دور كبير في الحياة العلمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ليس على مستوى بغداد التي تحتضنه فحسب, وإنما على مستوى العراق, بل العالم العربي أجمع, فبغداد منذ تأسيسها وحتى مروراً بسنوات الظلام كانت على مرّ الدهور والعصور مركز إشعاع وتنوير لكل البلدان العربية, تجذب إليها كل طلاب العلم والمعرفة والحضارة والتمدّن والرقي. فبغداد منذ تأسيسها على يد العباسيين كانت السباقة على جميع الحواضر في تشييد مراكز العلم والمعرفة كالمدارس والجامعات العلمية, وحتى جوامعها لم تكن تخلو من الحلقات العلمية, ومنذ ذلك الحين أضحت بغداد قبلة عاشقي العلم والمعرفة والحضارة والتقدّم, ورغم ما مرَّ بها من ويلات ومآسي ومحن لكن جذوة نارها بقيت وقّادة تنير الدرب لكل عشاق العلم والمعرفة وإلى يومنا هذا. وكان من نتاج هذه الجذوة شارع المتنبي, الذي كان وما زال أحد مظاهر العلم والثقافة والأدب والفن في عاصمتنا الحبيبة.هذا الشارع الذي تَسَمّى باسم أعظم شعراء الأمة العربية ماضياً وحاضراً, وهو أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي الكوفي, ولقبه (المتنبي). فقد استحق هذا الشاعر المكانة الرفيعة التي وصل إليها في أثناء حياته وبعد مماته, فلم يُرَ شاعراً في وقته ومن بعده يجيد الشعر كما أجاده هو, لذا فقد استحقَّ أيضاً أنْ يكون سميّه أحد شوارع مدينة العلم والأدب والثقافة والحضارة, وأعتقد أنَّ هذا هو أقل ما يمكن أن يُمنح من استحقاق لهذا الشاعر العراقي العربي الكبير.لذلك نرى اليوم وعلى الرغم من تعاقب الحكومات والجمهوريات والأحداث السياسية العراقية (بحلْوها ومرّها), فلم يستطع أحد أن ينتزع اسم المتنبي من هذا الشارع, أو يحاول أن يغيّره حسب ما تُمليه عليه توجهاته وأهدافه وسياساته, فالجبل العملاق الأشم لا يمكن أن تزحزحه أي ريح مهما كانت عاتية وقوية, بل بالعكس نرى اليوم (وكما في كل مرّة) هذا الشارع يحتفظ ببريقه ولمعانه الأبدي رغم مرور المحن الجديدة عليه, من احتلال أمريكي ظاهري إلى احتلال إيراني خفي, فهذان الاحتلالان حاولا ويحاولا وبشتى الطرق والوسائل طمس معالم بغداد العروبة والإسلام, لكنهما لم ولن يفلحا, فما يسرّ ويبهر هو أنه إذا مررت اليوم بأروقة هذا الشارع تجده وكأنه خلية نحل تعجّ بالحركة, وليست كأيّ حركة!! بل حركة تبادل العلم والمعرفة بين البائعين والمشترين.. فترى رجالاً ونساءً وشيباً وشباباً ومن مختلف أنحاء العراق والبلاد العربية, كلٌّ يبحث بشغف عن ضالّته المنشودة من الكتب القديمة والحديثة.. ناهيك عمّا يزيّن الشارع من تجمّعات ووقفات أدبية وثقافية لإلقاء المواضيع الثقافية والأدبية والعلمية.. وجمهورٌ محتشد يتطلع وينصت إليهم بشغف ورغبة.. وإذا ما تطلعتَ شمالاً أو يميناً في الشارع فإنك تجد المكتبات والمطابع العامرة بما لذَّ وطاب من الكتب بمختلف مجالات العلوم.. ولا ننسى المقهى العتيق (مقهى الشابندر) التاريخي, ملتقى الأدباء والكُتّاب والمفكرين والشعراء والفنانين, فإذا دخلتهُ تُفاجأ بالنقاشات والمواضيع والحلقات الثقافية التي تُعقد في هذا المقهى الجميل. أدام الله تعالى هذا المَعلَم التاريخي والثقافي والعلمي في عاصمتنا الحبيبة بغداد.

المشـاهدات 482   تاريخ الإضافـة 15/09/2021   رقم المحتوى 12132
أضف تقييـم