الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 32.95 مئويـة
الامام الحسين مصلحا وثائراً
الامام الحسين مصلحا وثائراً
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب ا.د.حسين الزيادي جامعة ذي قار
النـص :

على مشارف أربعينية الامام الحسين(ع) وإحياءً لهذه المناسبة التي تخص كل الاحرار والشرفاء والثائرين، من الضرورة ان نركز على استلهام جوانب الاصلاح،  فالثورة الحسينية هي ثورة إصلاحية بامتياز، ثورة ضد الظلم والفساد والتبعية وسرقة المال العام واستغلال السلطة، لذلك اكتسبت هذه النهضة كل مقومات النجاح والخلود لانها طرحت مشروعا اصلاحياً لإعادة بناء الأمة وفق اسس العدالة والفضيلة ، وهذا ماتمثل به الامام عندما قال ( خرجت لطلب الإصلاح) ، فالإصلاح الذي رفعه الإمام بوصفه شعار وهدف وأكد عليه في خطبه ووصاياه ، كان أحد الأقطاب الذي تدور حوله الثورة، ولو تمعنا في طبيعة الإصلاح الذي نادى به الإمام لوجدناه إصلاحا شاملاً ، ( إصلاح سياسي واجتماعي وأخلاقي وتربوي)، ومااحوجنا الى استلهام تلك المعاني والمفاهيم الاصلاحية في بناء الدولة  .لم تكن ثورة الإمام الحسين ثورة انفعالية، ولا حركة عشوائية، ينقصها الوضوح في الرؤية و القصور في تحديد الأهداف والغايات، بل كانت ثورة واعية لها رؤيتها الواضحة، وأهدافها المحددة، فهي  صرخة و نهضة و ثورة ومدرسة كشف عنها مفجرها في أول بيان من بياناته حين قال: (إني لم أخرج أشرا، ولا بطرا، ولا ظالما، ولا مفسدا، إنما خرجت لطلب الإصلاح) ، وبهذا فالحسين(ع) يمثّل خطّاً ومنهجاً وفلسفةً وتجسيداً حيّاً للقيم الإسلاميّة والإنسانيّة في العزّة والكرامة والمحافظة على استقامة المسيرة ومحاربة الفساد والخيانة والانحراف السياسي والاجتماعي، ومعركة الطف في أبعادها تتجاوز العاطفة والمأساة لتصبح انموذج بأسبابها وتفاصيلها ونتائجها ، ولو اقتصرنا على البعد العاطفي في ترجمة النهضة الحسينية فاننا نفرغ هذه النهضة المباركة من محتواها الفكري واهدافها الحقيقية، لذلك يسعى البعض الى تفعيل الجانب العاطفي على حساب الجانب الفكري والعملي، لانه يشعر ان في مبادئ الثورة الحسينية تهديداً لمصالحه.لقد كانت دروس الطف عميقة بالغة الأثر والتأثير، في التضحية والبطولة والفداء والايثار، فقد وقف الحسين وقفته العظيمة التي حيرت العقول بما فيها من معاني البطولة والتضحية التي لم يحدث التاريخ بمثلها في سبيل العقيدة والمبدأ وحرية ، لتصبح ثورته ذات صبغة إنسانية كبرى بكل معانيها وأبعادها حدثت في عصر معين لكن إشعاعاتها وقيمها ومثلها ومحتواها الإنساني الكبير يشع على كل الامم مادام الظلم والاضطهاد قائمين ، ولابد لنا أن نستحضر قيم تلك الثورة الخالدة في كل لحظة من لحظات هذا الزمن الذي تجبر فيه طواغيت الأرض وازدادوا عتوا وطغياناً وتمادوا في غطرستهم وعنجهيتهم وظلمهم لبني جنسهم، وحين نستحضر قيم تلك الثورة المجيدة وأهدافها النبيلة لننهل من نبعها الثر، وفكرها المتجدد نزداد ثقة وعزيمة بإمكانية الانتصار على معاني الظلم والقمع والفساد والانحراف الفكري وان طال الزمن وبعدت المسافة.ستبقى الثورة الحسينية بكل معانيها السامية مهما كانت الظروف والتحديات التي تعيشها الأمة ، محركا ودافعا نحو الخروج على الممارسات المنحرفة وعلى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية التي تعصف بمفاصل الدولة، وهي فرصة لاستلهام دروسٍ في الحريّة والاباء وفضائل إنسانية سامية في المدرسة الإسلامية، ومواجهة الظلم والفساد من خلال الدعوة إلى الإصلاح الحقيقي تحقيقا للعدل والمساواة بين افراد الامة، فالإمام الحسين عليه السلام علمنا أن الحقوق لا تعطى وانما يجب أن تؤخذ وتسترد بالقوة من الحاكم الظالم حري بنا أن نتعلم من هذه المدرسةٌ الخالدة المليئة بالدروسِ والعبر، لا مجرد أن ندخلها كل عام من باب ونخرج من باب اخر ، فالنهضة الحسينية السامية كنٌ لا نفاذ ولا انتهاءَ له، بل امتداد روحيٌ وأخلاقي وسياسي وثوري رسم معالم الحياةِ اللاحقة وميز بين الحقِ والباطل ، ونحن اليوم بأمس الحاجة لاستلهام الدروس والعبر والثورة على الفاسدين من السياسيين الذين استباحوا كل شيء، فهذه النهضة المباركة غدت في كل مكان وزمان رمزاً ينطلق منه كل من أراد الحياة العزيزة والدفاع عن المستضعفين والمضطهدين، وغدت المثل الأعلى لكل ثائر ينشد الحرية ويطلب الحق ويحارب الفساد فلم تكن ثورة الإمام الحسين علية السلام للمسلمين فقط بل كانت للإنسانية جمعاء ولهذا بقى صداها مؤثرا منذ استشهاده علية السلام في سنة 61 هجرية إلى يومنا هذا كشعلةٍ متوهجةٍ لا تنطفئ ،  ان ما يميز النهضة الحسينية عن سواها هي عناصر القوة والخلود التي تضمنتها وحولتها الى نهضة قل مثيلها في سجل الإنسانية الحافل بالأحداث والمتغيرات وأبرز تلك العناصر : هو شعار طلب الاصلاح،  والاصلاح ضده الفساد، وهنا يتضح امر هام وهو ان الفاسد يقع في عداد اعداء الامام الحسين، فالرئيس الفاسد، والوزير الفاسد، والبرلماني الفاسد، والمدير الفاسد، والاستاذ الفاسد، والضابط الفاسد, …الخ، هؤلاء كلهم دعاة الفساد ويحاربون الاصلاح، مما يجعلهم على النقيض من النهضة الحسينية، ومن علامات اهل النفاق انهم يحاربون الحسين في السر ويذهبون لزيارته في العلن.ومن جانب آخر كشفت ملحمة كربلاء عن سمات القائد الحقيقي وتضحياته حيث قدَّم الحسين عليه السلام أهل بيته وولده وخلص أصحابه وكل مايملكون لتحقيق الهدف الاسمى ، فكانت الثورة رسالة لكل الثائرين والاحرار ليتعلموا منه الايثار والاقدام والوقوف بوحه الظلم والطغيان في كل زمان ومكان.فمن أجل أن نكون مستوعبين لمبادئ الثورة الحسينية علينا أولاً أن نعيد صياغة علاقتنا بالثورة الحسينية ، ففي هذه الثورة من المفاهيم والأسس والمبادئ ما بوسعها أن توحدنا وتنتشلنا من واقعنا الذي يرفل بالتخلف والفساد والفشل وسرقة المال العام والضعف أمام الأعداء إلى واقع جديد نستطيع من خلالها اللحاق بمن سبقنا ، أما إذا اكتفينا بالشعائر ونحينا جانبا كل تلك المبادئ ففي ذلك مظلمة للحسين المصلح الشهيد  ولثورته.بما ان الامام الحسين عليه السلام تجسيد حقيقي لخلق الاسلام ورسالته الخاتمة في نشر العدل والمساواة والحرية في ربوع الارض كذلك فان مظاهر الرفض للظلم والفساد وسراق المال العام هو التجسيد الحقيقي والواقعي لمبادئ الحسين عليه السلام، اذن لنتعلم من ثورة الإمام الحسين الإصلاح والأخلاق والقيم.ان النفاق على اختلاف اشكاله هو العدو الحقيقي للمبادئ الحسينية فالاحزاب والساسة والاعلام المنافق والخونة هم اعداء الامام الحسين، لان الاخير خرج للإصلاح وهؤلاء يعملون بالضد منه، وان تلبسوا بلباس الدين والتقوى، فمن يخدع ويكذب وينافق ويسرق للوصول الى الكرسي او المنصب او لكي يفوز في الانتخابات لايمكن لهذا ان يكون بجانب الامام الحسين فهو العدو الذي يجب البراءة منه ومقاطعته وان ادعى الموالاة.

المشـاهدات 755   تاريخ الإضافـة 03/10/2021   رقم المحتوى 12197
أضف تقييـم