بمجرد ان تراجعت مفوضية الانتخابات عن قراراتها الاولية باعلان النتائج بعد رسائل التهديد والوعيد التي اطلقتها الكتل والاحزاب السياسية ذات الاجنحة العسكرية الخاسرة في الانتخابات تكون قد اقرت ضمناً انها أذعنت للضغوط وان ما يحدث من تغيير في النتائج المعلنة سيتهم بالتلاعب والتزوير.

لم تكن المفوضية موفقة في خطواتها ، فهي سارت بحسب ما رسمته الكوادر الوسطية التي تتحكم بادارتها جراء حداثة الخبرة والمسؤولية مما اوقعها في شرك التخبط والارتباك على الرغم من تأكيداتها المستمرة على جاهزيتها واستعدادها واجراء اكثر من عملية محاكاة وصفتها بالناجحة ، حتى  جاءت الاخطاء لتشمل ابسط عمليات الجمع التي لم ينتبه اليها القائمون على اعداد الجداول ، فعلى مستوى عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت ادرجت رقماً يناقض الرقم الذي سبق وان اعلنته ، وبمجموع الاصوات التي تم الادلاء بها كان اكثر من حاصل الجمع لكل صوت حصل عليه كل مرشح بمليونين ومائة الف صوت لتضع المواطن في حيرة وهو يرى مجزرة الارقام غير المسيطر عليها ، لتعود وتطلق نسبة مشاركة غير مقنعة مع اعلانها مطابقة النتائج في المحطات الكترونياً ويدوياً بنسبة مائة بالمائة ، لكن ذلك لم يدم طويلاً فبعد ان جوبهت النتائج بعاصفة رفض واستهجان واثبتت المطابقات الشخصية للمرشحين ان ما جاء بالاشرطة الورقية الخاصة بتوثيق ما حصلوا عليه من اصوات فارق كبير عما ذكرته بيانات المفوضية ، وثارت ثائرة الاحزاب والكتل الكبيرة الخاسرة ولوح بعضها بتهديدات علنية ، عادت المفوضية لتستذكر ان هناك اكثر من ثلاثة الاف محطة انتخابية محجورة تشكل ستة بالمائة من العدد الكلي للمحطات لم يتم احتساب اصواتها وانها عزلت اكثر من ثمانية الاف محطة اخرى كعينات لغرض العد اليدوي ، لنكتشف انه وبمجرد الشروع بالعد اليدوي بتغيير ملحوظ في عدد المقاعد قد يرضي البعض ويغضب البعض الاخر.

ومع هذه الاحداث والقرارات الملتبسة تكون العملية الانتخابية قد اصيبت بمقتل بنزاهتها واستقلاليتها ناهيك عن السمعة التي ستترتب على سلوك المفوضية وعدم قدرتها على التماسك والحياد والحزم بوجه التهديدات ، ويعاد بذلك سيناريو اسوأ مما حدث في الانتخابات الماضية.