الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 25.95 مئويـة
كيف تصنع الجماهير
كيف تصنع الجماهير
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. سامر ناهض خضوري
النـص :

تتشكل الجماهير من الناحية النفسية- السايكولوجية عن طريق التعبئة او التحريض لمجموعة من الافراد ازاء قضية او حدث معين.. من قبل نخب تمتلك موهبة التأثير من خلال ما تحمله من ذهنية وكارزمة تساعدها على ذلك.. ليترتب على ذلك.. اثر على سلوك او تصرف معين من قبل ذلك المجموع اتجاه ذلك الحدث بالرفض او القبول.. وعادة ما تكون تلك التعبئة من خلال اعتماد اساليب حماسية وانفعالية متطرفة اتجاه ذلك الحدث.. الذي قد يتعلق بشن الحروب او القيام بالثورات او الانقلابات او التظاهرات او تأييد سياسة معينة، ولكن ليس بالضرورة ان يكون هذا الجمهور المعبئ يحمل كل افراده نفس الهدف والتوجه والمستوى العلمي والثقافي.. ولكن عملية التلقين التي يتعرض لها تخلق في داخله نوعاً من الهيجان العاطفي المسؤول عن تكوين هذا الجمهور.. وفي العادة يتشكل هذا الجمهور لفترات مؤقتة كون افراده لا تجمعهم روابط مشتركة سوى التعبئة لذلك الحدث.. ومتى ما زال او انجز يزول ذلك التجمع، ويطلق على ذلك.. بالجمهور الموجه الذي يلغي من خلاله الشخصية الفردية.. وما تحمله من افكار ومبادئ حتى وان كانت علمية.. الا انها تذوب وتصنع بدلها شخصية الجمهور المعبئ.. الذي يقوم على تضيق كل الارادات الفردية وتجمعها تحت مرمى الاندفاع نحو ذلك الحدث الذي جاءت من اجله التعبئة والتحريض.. بسبب ما يحمله ذلك الجمهور من قوة وحماسة كبيرة تزيل كل اثار الشخصية الفردية، ومن خلال الالغاء للشخصية الفردية يكون من السهل التلاعب والتوجيه بذلك الجمهور.. وهذا ما تَقدم عليه النخب سواء أكانت سياسية ام اقتصادية ام اجتماعية.. لتنفيذ سياساتهم، ولا سيما بعد ان اصبح للجمهور الدور الكبير في تقرير الشؤون العامة.. لكن لا يمكن ان تتم تلك العملية بسهولة دون معرفة نفسيات ذلك الجمهور.. ومركز اهتمامه التي تحددها البيئة الاجتماعية له.. ولا سيما المتعلقة بموروثات العادات والتقليد لتلك المجتمعات، وذلك لصياغة سياساتهم وبرامجهم.. وبما يتناسب مع اهتمامات ذلك المجتمع في سبيل تحقيق تلك السياسة، ويرى الكثير من الباحثين والمتخصصين في مجال علم النفس ان عملية تشكيل الجمهور وتوجيهة من قبل النخب.. يجب ان تكون في اطار اللاعقلانية.. بمعنى التوجه الى العواطف بدل العقول.. ومتى ما توجهة تلك النخب نحو العقول في توجيه الجماهير سوف تكون حضوض نجاح سياساتهم ضعيفة للغاية، وذلك لان الرأي الجمعي للجمهور لا يمكن تفعيله وشد حماسه الا من خلال التوجه الى المشاعر الروحية لا العقلية.. والاحرى الاتجاه نحو الطابع الغيبي المستند على الايمان بالشئ الذي لا يمكن تحسسه مادياً سوى نفسياً او روحياً.. وهذا يعد افضل والوسائل لتوجيه الجمهور، فعندما نركز على الشعارات والخطابات التي يطلقها القادة والرموز على جماهيرها نجدها تتجه بشكل اساسي الى العواطف وليس الى العقول.. وهو ما يجعلها في اطار اللاعقلانية وتجد رواجاً لها.. فبعضها تتجه الى الحرية المطلقة.. وبعضها ترتبط بقضايا دينية تتعلق بالعالم الاخر، وان هذا الامر لا ينحصر على مجتمع دون اخر ولا على نظام سياسي دون اخر.. فهو معمول به في الانظمة الاستبدادية والديمقراطية، ففي الاول نجد ان قادة تلك الدول يتوجهون الى جماهيرهم بلغة حماسية تعبر عن قوة الدولة وضرورة حماية الوطن من خلال اصطناع صورة لعدو.. يريد بالبلد الهلاك والسيطرة عليه وان الخلاص منه يكمن في الالتفاف حوله ومساندته من اجل ردئ ذلك العدو.. وغيرها من الامثلة على ذلك، اما في الانظمة الاديمقراطية فنلاحظ عمليه توجيه الجماهير من خلال الحملات الانتخابية وما يقوم بها المرشحين من خطابات ووعود لا يمكن تحقيقها على ارض الواقع سوى التأثير في العواطف من اجل التصويت لهم، وما لوحظ بشكل جلي في انتخابات عام (2021) في العراق عندما اخذت الحملات مأخذ كبير في عملية توجيه الجماهير من خلال الاستناد على بعض القضايا التي لا ترجو ايصالها الى العقول بل الى العواطف بعضها تتعلق بثقافات دينية وطائفية وقومية.. وبعضها وعود لا يمكن تحقيقها على ارض الواقع سوى يتم استغلالها من اجل التصويت لهم، وبعضها عبرت عن واقع جديد مغاير عن ذلك.. ولكن في حقيقة الامر يوجد هناك الكثير من التحديات امام تلك الامنيات، وهكذا تتم توجيه الجماهير.وبذلك فان عملية صناعة الجماهيير من قبل النخب.. تعتمد بشكل اساسي على الجوانب النفسية.. حتى وان كانت تلك النخب لا تعلم بذلك.. الا ان الملاحظ من خلال خطاباتهم وشعاراتهم التعبوية والتحريضية فانها تحاكي العواطن والمشاعر عند الجمهور التي لها مساس بالجانب النفسي.. في سبيل تشكيل رأي جماهيري حول السياسة التي تريد تنفيذها.

المشـاهدات 560   تاريخ الإضافـة 19/10/2021   رقم المحتوى 12377
أضف تقييـم