الجمعة 2024/3/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 15.95 مئويـة
الغزل بالمذكر انحراف جديد في الشّعر العربيّ
الغزل بالمذكر انحراف جديد في الشّعر العربيّ
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب م.م. مالك الغشامي
النـص :

لم يكتف الشّعراء في العصر العباسي بالغزل الماجن فحسب, بل تعدّوا ذلك فظهر ما يعرف بالتغزل بالمذكر، ويعدُّ أبو نؤاس أول من ابتدع هذا اللّون من ألوان الغزل, فإذا ما ذكر التغزل بالمذكر فلا بدّ أن يُذكر أبو نواس، وقد اتّفق الكثير من الباحثين أنَّ هذا اللون من ألوان الغزل لم يكن معروفًا في الجاهلية والإسلام وعصر بني أمية, إذ هو من آثار الحضارة العباسية.اعتمد أبو نؤاس على التغزل في الغلمان في مطالع الكثير من قصائده عوضًا عن الوقوف على الأطلال، ومخاطبة النساء، وتابعه في ذلك الكثير من الشعراء, ولم يكن أبو نؤاس يتغزل بالغلمان والصّبيان فحسب, بل ويفضلهم على النّساء , إلى الحدّ الذي تراه في بعض أشعاره يبدي اشمئزازه من المرأة ويغالي في ذمّها وتعداد عيوبها , والإعراض عنها, فيقول ساخرًا من إحداهن :

 

وقالتْ تزوّجني على مهرِ درهمٍ              لقلتُ اذهبي عنِّي فمهرُكِ غالِ

 

وقد استطاع أبو نواس أن ينقل أوصاف المرأة إلى الغلمان, فلولا استخدامه ضمير المذكر، لا يمكن التعرف على المتغزل فيه, فهو يرى في حب الغلام لذّة، فقد فاضت أشعاره بالغلمان بمعاني الشّكوى والحزن واللّوعة من المحبوب, فنظم الكثير من القصائد التي تغزّل فيها بغلام له أسماه رحمة. ومن الباحثين من عزا هذا الانحراف والمجون عند أبي نؤاس إلى الأزمة النفسيّة التي عاشها أزاء سيرة أمه, فقد كانت نشأته في كنف والدة منحرفة مستهترة , فكأنّما أتخذ من المجون والفسق وسيلة للهروب من أزمته, فقد كان شديد النّفور من الزّواج, ويرجح بعض الباحثين أنّ سبب ميل أبي نواس إلى الغزل بالمذكر إلى الصدّ والبين الذي كان يلقاه جارية أحبها كانت تسمى جنان ، كتب فيها أرق شعره, وكان غزله فيها عفيف لا فحش فيه, إلّا انها أعرضت عنه, وكلّما أرسل لها بغزلياته , أرسلت  له بسبابها. استمر أبو نؤاس في السّعي وراء اللّذات والمجون والخوض في بحور المنكر, وقرع أبواب المحرمات, فنال منها أوفر حظٍّ , فهو لا يرتكب الأثم فحسب بل يجاهر به مخالفًا الشّريعة والأخلاق, ويـــــــــــــــروى أنَّ بعض أهله عذلوه على سيرته وطلبوا منه التوبة, وعرضوا عليه الزواج من امرأة من أهل بيته, لعلّها أن تقصر عن بعض ما هو فيه , فرفض مرارًا , فما زالوا به حتى زوجوه من جارية جميلة من أهل بيته, فلما دخل بها أعرض عنها, وخرج إلى غلمان كانوا يأتونه, فجمعهم فألبسهم الأزر المعصفرة , وخلا معهم يومه , فلما أمسى طلّقها.

 

المشـاهدات 633   تاريخ الإضافـة 20/10/2021   رقم المحتوى 12382
أضف تقييـم