العاصمة بغداد كانت احد اهم معالم النهضة العصرية العربية التي حدثت اثر الحرب العالمية الأولى وتاسيس الدولة العراقية الحديثة بعد التخلص من الاحتلال العثماني الذي درسنا عنه في مادة التاريخ ما مفاده ان جميع الشعوب العربية التي عاشت محنته لقرون كانت تعاني الثالوث المميت ( الفقر والجهل والمرض ) . ومع ان البريطانيين دخلوا العراق محتلين بذريعة الحرب بموجب تقسيمات وخرائط سايكس بيكو الا ان العهد الملكي شهد تحسينات على نوع الحكم والبنية التحتية وكذا حال الفرد وتطورات اجتماعية جمة .. جعلت من العراق قبلة لبقية اشقائه العرب ..وقد استمر التطور  في العهد الملكي والجمهوري ، بمعزل عن تقييمنا لنوعية والية العمل والنظام السياسي الا ان المؤسسات بنيت وعملت بانتظام يعتد به لدرجة ان اغلب المنجزات الحضارية المهمة في العاصمة ما زالت بالخدمة وتعد من اجمل ما في بغداد مثل ( معرض بغداد الدولي ومطار بغداد وحديقة الزوراء وجامعة بغداد .. ) كلها تاسست قبل 2003 وما زالت هي الاجمل والأكثر خدمة وتعد متنفسا للعراقيين كمشاريع ثبت مردودها الاستراتيجي برغم تبدل الأنظمة والتغيرات الإقليمية والدولية واثارها على  العراق .بعد 2003 الكثير من المساحات تم السيطرة عليها حزبيا وجماعاتيا وان ظلت عائديتها الى الدولة شكلا الا انها تدار بالمفهوم الحزبي والكثير من الاراض وزعت وقطعت وفقا لهذا المفهوم وافيد منها أصحاب السيطرة والقوة .. من هنا فان خوف شديد يعتري قلوب الوطنيين على معالم بغداد الاجمل من ان تسرق او يسيطر عليها لحساب خارج سيطرة الدولة مما يتيح تمييعها و تقطيع اوصالها او تشويه معالمها تمهيدا لتسقيطها والسيطرة عليها ثم توزيعها توافقيا كما فعلوا ببستان وحديقة كبيرة في جانب الكرخ تاسست منذ العهد القاسمي وكانت متنفسا لاهالي الكرخ لكنهم اقتطعوها ووزعوها بين موظفيهم للأسف الشديد مما زاد خناق المنطقة والضيق على انفاس الأهالي . اليوم نسمع اخبار او بالونات اختبار هنا وهناك تطلق على خجل ووجل او بناء على اجندة نفسية إعلامية غاية المهنية كانها تهيء الراي العام للسيطرة على حديقة الزوراء وتقسيمها وتوزيعها حزبيا تحت يافطة الاستثمار كما حدث مع مطار المثنى وغيره من اساسيات الدولة التي لم يمسها ويتجاوز عليها من قبل أي نظام سابق ..وللعلم فان حديقة الزوراء التي تاسست منذ اكثر من نصف قرن أصبحت من اهم معالم وتراثيات ومنافذ العراق والشرق الأوسط السياحي بل انها متنفس اهل بغداد وضيوفها من بقية المحافظات القريبة والبعيدة سيما في ظل عقم البناء الذي شل الدولة بسبب الحروب والحصار والإرهاب والجدل السياسي والفساد المستشري ... وغيره مما يجعلنا نتمسك حد الموت بالحفاظ على المنجزات الحضارية سيما حديقة الزوراء وما تحتويه من كنوز تحفوية سوف لن تستطيع أي حكومة قادمة في ظل التوافقات والتقسيمات والمحاصصة ان تنبي مثلها اطلاقا ..