الخميس 2024/5/2 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
الموت فكرة عظيمة، وحقيقة موجعة
الموت فكرة عظيمة، وحقيقة موجعة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب احمد كاظم ثامر
النـص :

كل الثقافات والديانات السماوية وغير السماوية تمتلك الخوف من الموت حتى وان كانت بدرجات متفاوتة، حتى الملاحدة لديهم ذات الخوف من الموت وما بعد الموت بشكل فطري ولا واعي، اغلب الأديان تصر على وجود حياة بعد الممات، وما الحياة في نظرهم الا مرحلة قصيرة ونقطة عبور الى الحياة الأبدية، حياة الآخرة، حتى الفراعنة قبل خمسة آلاف سنة كان لديهم ذات الفكرة عن الموت وما بعده، حيث أمن الفراعنة أن هناك حياة بعد الموت، وهي حياة أبدية، فكانوا يدفنون الزيجات والجواري والخدم مع من يموت من ملوكهم كي يكونوا معهم في حياتهم الثانية، وكذلك الحضارة اليونانية  كانت لديهم ذات الفكرة، أروين رود يقول : ( ما من شيء كان مقيتاً بالنسبة للإغريق كالموت)كذلك الملحد المادي لديه ذات الخوف من الموت، لانه يعتقد ان لا شيء هناك الا الفناء بعد الموت، وهذا يعتمد على فكرة ان الحياة صنعت نفسها بنفسها وهذا محال و لا يمكن تصديقه، ما علينا بكل هذا، ما نريد معرفته هو لماذا فكرة الموت تعتبر عظيمة لكل الحضارات؟ تخيل معي ان الحياة ابدية وخالدة، ما الذي سيدفع البشر للعمل؟  من سيعمل على تخليد اسمه؟    ‏ ‏ما الذي سيدفعنا للحركة لو لا وجود خط نهاية نخاف منه؟  ‏لو لا الموت لضاعت البشرية في حلقة مفرغة من التسويف لا نهاية لها،  ‏ ‏وجود نقطة ينتهي فيها كل شي يدفعنا لتقديم كل ما لدينا من طاقة و جهد لانفسنا بشكل مباشر وللبشرية بشكل غير مباشر،   ‏لو لا الموت لن نجد غاية للمنافسة، ولا غاية للفوز في اي شيء، ستكون الحياة بليدة، مقيتة ومملة، تخيل اننا ننهض كل يوم والى الأبد في حلقة واحدة من الأحداث وليس هناك ما يدفعنا الى عمل اي شيء!   ‏كل المفكرين والعظماء كان لديهم خوف خاص من الموت وهذا ما دفعهم لإخراج كل ما لديهم من ابداع وإعجاز،   ‏ ‏فكرة الخوف من الموت ضرورية وصحية لحياتنا اليومية، تجعلنا نعيد الحسابات كل مرة، ونعيد مخططاتنا بعد كل فترة، ونهتم لكل يوم يمر دون فائدة، فكرة الموت تجعلنا نبحث عن الطريق الصحيح، للعيش بافضل الطرق الممكنة،   ‏هل نحن مستعدين للموت الان؟ اسأل نفسك،   ‏ان كانت الإجابة لا، فهذا يعني وجود مشكلة ما ، الاجابة لا، تعني ليس هناك رضا عن النفس.  ‏ ‏هل تعرف موعد موتك؟  ‏ ‏اجابتك بالتأكيد ستكون لا،   ‏اذن كيف لنا ان نضع تاريخ محدد لكي نتوب فيها، والتوبة هنا لا اقصدها بالمعنى الديني فقط، بل اقصد التوبة عن كل شيء مضر وسيء، واقصدها بصورتها العامة، فبعض الأحيان ننسى اننا قد نموت في اي لحظة فنضع تاريخ لنتوب فيه، لنقرر فيه اننا بعد هذا التاريخ سنعود الى الطريق الصحيح، ‏وسنهتم بصحتنا وانفسنا وسنهتم بالاهل والاصحاب، سنهتم بحياتنا لنجعلها افضل حياة ممكنة صحية وسعيدة، سنعيش كما يريد لنا خالقنا، سنعيش سعداء لنموت سعداء، فالعيش كما يجب وكما يريد الله منا هو الخلاص من الخوف من الموت، وهو الخلاص من كل خوف وهو الملاذ كي نستعد لحياتنا الاخرى بكل شوق، كل مرة نسأل انفسنا ان كنا مستعدين للموت، وأن كانت الإجابة لا ،فهنا علينا ان نسأل ونفتش عما يجعل الاجابة لا،  فيمكن ان تكون تقصير تجاه النفس او الاهل او الخالق، الاستعداد لحياتنا الأبدية يجب ان يكون استعداد فكري وعملي، اي اننا علينا ان نملك افكار صحيحة عن الحياة ونطرد الأفكار الخاطئة، وان يكون كل همنا هو رضا الله، فرضا النفس والناس لا يكفي لحياة سعيدة، ولن نصل للسعادة أن تملكتنا الرغبة في ارضا النفس والناس فقط،  وكما قال محمد عبد الرحيم الزيني في كتابه حقيقة الموت بين الفلسفة والدين، اننا ننسى الموت ونتذكره فقط عندما يقترب من دائرة معارفنا، علينا اذن ان نتذكره دائما كي يكون لنا جرس انذار ليحذرنا دائما عندما ننجرف ونتوه في فوضى الحياة.  والان أسأل نفسك مرة أخرى، هل تخاف من الموت؟

المشـاهدات 779   تاريخ الإضافـة 30/10/2021   رقم المحتوى 12469
أضف تقييـم