السبت 2024/4/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
التجاذبات السياسية .. وعمل الحكومة البطيء
التجاذبات السياسية .. وعمل الحكومة البطيء
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منال الحسن
النـص :

وأنا أعيش بعيدة عن وطني , ينتابني ألمٌ لا إراديٌّ حين أشاهد بلداناً أخرى لا تمتلك جزءاً بسيطاً من الثروات والخيرات التي تتوفر في عراقنا الحبيب , لكنها تبني وتعمّر وتؤسس وتصنع حياة سعيدة آمنة مطمئنة لمواطنيها , وتوفر لهم كل وسائل الراحة , كما إنها تبني ركائز دولة لها قوتها وهيبتها ونفوذها الذي يساهم المواطن بتعزيزه من خلال تفاعله مع حكومته التي يثق بها وبقدرتها على حمايته وتمثيله خير تمثيل على الأصعدة كافة .

وما يزيدني ألماً هو مشاهدتي لبعض البرامج الحوارية من قنوات عراقية عديدة يتحدث فيها بعض المسؤولين عن ملف الخدمات تحديدا , وكأنهم " خارج التغطية " أو أنهم فعلا لا يعرفون مهامهم الحقيقية , ومما أدهشني حقا , هو سؤال المحاور لضيفه المسؤول في أمانة بغداد عن شارع الرشيد الذي تحوّل إلى خرائب ومكبات للنفايات ومنطقة للركام والمباني المهملة , يجيب المسؤول بثقة " وقحة " إننا نحرص على تراث شارع الرشيد الذي يمثل تاريخا ممتد الجذور لذلك لا نتدخل في تصاميمه وأشكاله !!! وهو يبرر إهمالاً لا غبار على تشخيصه , ولا يمكن أن يفسّر هذا التفسير الساذج الذي لا ينطلي على وعي أبسط مواطن , أما السؤال الآخر الذي يطرحه المحاور على ضيفه المسؤول في الأمانة , هو ألا تسافر إلى بلدان أخرى وتشاهد الإعمار والتطور الذي حصل فيها في حين نحن نتراجع , ألا يمثل لك هذا التراجع شيئا , وأنا من جانبي أضيف على سؤال المحاور ألا يشعرك بوخزة في الضمير ؟

لتأتي الإجابة أكثر سذاجة , وأشد لؤماً , لا أجدني مضطرة لنقلها , كي لا أزيد من آلامي وآلام القارئ العزيز , الذي ابتلي بهذا النموذج , وبنماذج أخرى من أمثاله ...

هذا على صعيد الخدمات أما الملفات الأخرى فحدّث ولا حرج , فالفساد ينخر كل شيء , وسوء الإدارة تتمثل في كل مفصل من مفاصل البلاد , وكل الحكومات التي جاءت بعد سقوط الحكم الديكتاتوري البغيض , تختلق أعذارا وتبريرات , مع أنفاق المليارات التي لا يحصل منها المواطن إلا على مزيد من الأزمات وسوء الخدمات والويلات التي ظلت تلاحقه , وتجعله مع  كل الأسف كارها لوطنه , لأنه مبتلى بطبقة سياسية همها المكاسب والهيمنة والعبث بالمال العام , حتى وصل الأمر إلى حكومة مصطفى الكاظمي , التي ظلت مشلولة أيضا , وحققت شيئا واحدا مما وعدت به , وهو إجراء انتخابات مبكرة , لكنها مثيرة للجدل , بل خلقت فتنة لا أظنها تنتهي بسهولة , أو تصل بالبلد إلى برّ الأمان المنشود والمرجوّ من نتائج الانتخابات ...

إن التجاذبات السياسية التي ازدادت وتيرتها بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات , ستؤدي – كما أتوقع ويتوقع المراقبون – إلى حلول توافقية تتم على حساب مصلحة أبناء الشعب الذي تحمّل ويتحمّل , ما دام هؤلاء على رأس السلطة وما داموا  ممسكين بزمام الأمور بالقوة والنفوذ , ولا يمكن أن يتنازلوا عن مواقعهم ومكاسبهم حتى لو وصل الخراب إلى أقصاه وحتى لو احترقت البلاد كلها , فالمهم نفوذهم وما حققوه من قوة ومال كله سحت حرام , لأنهم أوجدوا الفقر والعوز , وجعلوا العراق في قعر دول العالم , بينما ما لديه   من ثروات وقدرات وإمكانات وكفاءات يجعله في قمة الدول المتقدمة , لو تصدّت لقيادته طبقة وطنية نزيهة تفضّل الصالح العام على المصالح الفردية والفئوية الضيقة .

ولكن مع الأسف لا يريد هؤلاء الرحيل عن مواقع أغرقوها بالفشل , وقد اعترفوا هم بفشلهم , ومع هذا يصرّون ويقاتلون بكل ما يملكون من قوة  من أجل البقاء وانتاج المزيد من التخلف والدمار الذي وجدوا أنه يضمن لهم المزيد من الاستهتار بقوت الشعب ومقدراته ومستقبل أبنائه , وإن شاء الله لا يهنؤون به ويكون لعنة عليهم .

المشـاهدات 404   تاريخ الإضافـة 19/11/2021   رقم المحتوى 12781
أضف تقييـم