الخميس 2024/4/25 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 34.95 مئويـة
فوق المعلق خلطة العطار هل يمضغها الساسة بيسر ؟
فوق المعلق خلطة العطار هل يمضغها الساسة بيسر ؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب الدكتور صباح ناهي
النـص :

للعطارة فنون وحرفة يزاولها مختصون و معنيون بخلط الاوراق والاعشاب ، جربوا استخدام اعشابها وبذورها واوراقها للتشافي في الغالب، وصارت لها وصفات ومعالجين ومجهزين وارباب عمل، ومحلات بيع وشراء ، وعاملين ومتعاملين ، حتى غدت ثقافة يحترفها الكثيرون ويروجون لها و يؤمنون بجدواها، وصار لها امثال تردد. من اشهرها ( لايصلح العطار ما افسد الدهر ) كناية عن هرم الاشياء وشيخوختها

و وصولها لأخر سنوات العمر، وللاسف تضرب وتقاس على الشيوخ رجال ونساء حين يفعل الزمن فعلته ويغير شكل الانسان ولاتفد اذ ذاك العطارة و وصفاتها لاعادة ما أفسد الدهر ، وشاخ وبات خارج الصلاحية،

ومثلها في السياسة والادارات وكل الاشياء التي لها عمر دون ترميم أو تحسين مستمر وتفاعل مع البيئات والاجيال والافكار الجديدة،

قال مرة لي نائب سابق فاسد على رؤوس الاشهاد "الذي لم يرتب اموره لغاية الفين اربعة عشر لن يتمكن في ترتيب اموره بعد "، فالعيون تفتحت والناس تخطت الصدمة والترويع واذا كانوا مفتحين سابقاً باللبن فأنهم اصبحوا مفتحين بالتيزاب، ولعله ليس الاول ولا الاخير الذي ادرك ان الدولة تلد ادوات اصلاحها من الداخل كلما تعرضت للافساد من الخارج ، او بتاثير ارادة الداخل أيضاً ، كما هدمت جدرانها واسيجتها، حين وصل التهديد ليقول زعيمها ذات مرة ( علينا ان نقاتل على أسيجة بغداد بسكاكين المطبخ !؟ )

وكأن الدولة بكل ارثها ورمزيتها عشيرة يصل خصوما الى أسيجة البيوت في عراكها مع اعداءها، دون أن يدرك إنها تملك خمسة خيارات اضافية غير العراك ، كي لايتمكن عدوها من الوصول لاسيجتها المنيعة ، فهناك خيارات : الاغراء باداء دور والمساومة على اداء دور والتفاوض على الدور ، والتلويح بالدور حتى اخر المطاف الاستسلام مقابل ثمن ، كلها تجري عبر اجهزة كفؤة ومحنكة ومدروسة ، ومرنة ،

لكن جيب ليل وخذ عتابه في تقيم ما جرى خلال الخمسين عاما التي مضت ، وهي متداخلة الاسباب ومعلومة النتائج ، فما بني على خطأ ينتج اخطاء، يسمونها في السياسية المدخلات والمخرجات ، وتطبيق الموديل الذي يؤمن به الغرب وهم يقسمون خرائط العالم ويزيلون قوى او يمسحونها ويستحدثون أخرى اكثر استجابة لاهدافهم ، وفاعلية لادواتهم،

نحن بعد الفين وثلاثة غيّر قبلها تماما ً في كل المجالات إلا في بقاء الفقر وفقدان الامن ، فالقرار الذي يتخذ في أي مجال خاضع لقوى دولية نافذة تجد نفسها شريكة وراعية او غير موافقة وفق قناعاتها لانها اشتركت فيما انت عليه ايها السياسي العراقي أو المحسوب ، تجد إنها اشتركت بهدم النظام القديم والغت بل شطبت رموزه ووضعتهم على ورق اللعب ، واستحدثت نظام جديد برموزه الجديدة ووضعتهم على كراسي الحكم '

فهم يدينون لهم اي للغرب بالولاء والامتنان ، كما يتخيلون هم ، واي فعل لايراعي ذلك يكون نكران جميل او تخلي عن اتفاقات ايام المعارضة ومقررات ( قانون تحرير العراق ) التي اتخذها الكونغرس العام 1998، الذي على اساسها تقرر اسقاط النظام السابق ووضعه في خانة الدول المارقة التي تستحق تكسير الرؤوس و استصدار  القرارات الدولية واستخدام مجلس الأمن او في الاخر بالاجتياح العسكري وهذا ماحدث فعلا خلال ثلاثة اسابيع بدأ من اذار 2003 ، تواصل

ثمانية عشر سنة عجاف من الحكم التعددي الفيدرالي ، بدستور اشترك الامريكان أيام الحاكم المدني بول بريمر بوضعه ، وعدوه منجزهم ، صار اساس قاعدة الحكم الذي افرز منطق غير مكتوب وصيغة المحاصصة واشاع التوافقية على تقاسم السلطة التي هي بالاخير كما لخصها رئيس البرلمان الاسبق السيد محمود المشهداني بخلاصة ( انطونا كياننا وأخذوا كياتكم ،) أي اعطونا حصتنا كمكون سني من المناصب والمكاسب على قدر اصواتنا في الانتخابات واخذوا حصتكم أيها الشيعة الاغلبية ، التي ترغبون على وفق الاتفاق ، الذي خلصنا اليه ، وهذا ما يريده البعض أن يستمر لانه يضمن تدفق المنافع بوضع مستريح ويجري السيطرة على الكاك النفطي ، وتقاسم المال العام تحت مسميات ابرزها الميزانيات والرئاسات واللجان وسواها ،

لكن الانتخابات الاخيرة قلبت (خلطة العطار) التوافقية التي يشترك بتجهيز طبختها المنتفعون الى الارتقاء لمنطق جديد ، غير مُجرب وهو تشكيل حكومة غير توافقية ، ينقسم فيها التشكيل السياسي المأزوم بين توافقي يريد ابقاء الحال كما هو عليه وفق صيغة خطوط العرض (شيعة، سنة، اكراد) ، يفصّلون الدولة وحكمها على الاسر الفائزة في البقاء في المشهد السياسي مع بعض التغيرات غير الضرورية او الشكلية ، او يجابهون منطق جديد افرزته تلك الانتخابات بالانشطار طولياً توزع فيه القوى الفائزة بما يسمى الكتلة الاكبر بالمشاركة بين الشيعة والسنة والاكراد ، ينادي به الفائز في الانتخابات السيد مقتدى الصدر وتياره ب 74 مقعداً هم الاغلبية البرلمانية التي تصر على عدم الوقوف بمطب التوافقية ، لتجابه فصائل وجيوش وسلاح خارج مشجب الدولة ، ترفض منطق التمثيل السياسي وفق المعطى الانتخابي لانه يتهددها ويفرض منطق أخر لتسيير الدولة ، واختيار اعضاء الحكومة مع تفاوض مستمر يصطدم باصرار السيد الصدر وتياره على الموديل السابق فاشل وقاد العراق للانهيار ولو انه ضمن اثراء السياسيين المحاصصين الذين لن يتخلوا عن مكاسبهم المليارية ، ولن يعودوا الى بيوتهم بعد ان تعودوا العيش في القصور ، وما تمنحهم خلطة(خلطة العطار ) من مكاسب تكاد تكون خيالية ، لكنهم مازالوا يراهنون على خلط الاوراق من جديد وانتزاع مكاسب الخضراء التي لم تكن يوماً حتى في الاحلام!

المشـاهدات 618   تاريخ الإضافـة 30/11/2021   رقم المحتوى 12908
أضف تقييـم