النـص : تحسين الأداء يعني وجود مشكلة تحتاج الى حل، وهذا يتطلّب القيام بفعل ما لحل هذه المشكلة أو التّخفيف من حدّتها.أي أنّ الحاجة إلى التّحسن تظهر عندما يكون هناك مشكل في أداء الموارد البشرية، يعني اتخاذ الإجراءات والقيام بالممارسات التي من شأنها تصحيح الأخطاء والانحرافات التي كشفت عنها عملية تقييم الأداء، نلاحظ أن عملية تحسين الأداء هي عملية تصحيحية، أي تؤدّي إلى تدارك الأخطاء، كما أنّها تتطلّب اتخاذ إجراءات معيّنة، والشّيء الجديد في هذه الطرح هو تطرقه للعلاقة بين تجسين الأداء وتقييم الأداء، حيث أنّ عملية التّحسين ترتكز أساسًا على نتائج تقييم أداء الموارد البشرية، ووضع برامج لتدريبها وتنمية كفاءاتها تحت إشراف وتوجيه المسؤولين عن إدارة الموارد البشرية في الجهاز الحكومي، بهدف معالجة النتائج السّلبية التي تمّ اكتشافها عند تقييم أداء الموارد البشرية. تتجه الجهود نحو التنمية الإدارية لقطاعات العمل في الجهاز الحكومي وتعد الموارد البشرية في مختلف المستويات الإدارية ومختلف التخصصات الدعامة الحقيقية التي تستند إليها المنظمات. ويمثل المورد البشرى الأداة الحقيقية لتحقيق أهداف المنظمة. فالموارد البشرية تعد اليوم مصدراً اساسياً للميزة التنافسية المستدامة للمنظمات، لاسيما في مجالات، انتاج المعرفة وتقنياتها ووسائل الاتصال الحديثة، فقد شهدت العقود الثلاثة الاخيرة توجهاً يدعو للتفكير بظاهرة الاستثمار المعرفي لدى العاملين وتنمية الموارد البشرية عالية التأهيل والتمكين بقصد امتلاك رأس المال المعرفي والفكري. فأصبحت وظيفة الموارد البشرية من اهم الوظائف المسؤولة عن تحقيق الم ا ركز التنافسية على المستويين المحلي والقطاعي وضمن النمو والتوسع والابداع وخدمة العملاء. وفي ذات السياق لابد من تحديد الفرق بين تحسين الأداء وتطوير الأداء، يقصد بتحسين الأداء علاج القصور أو الانحراف في مستوى أداء الموارد البشرية الفعلي عن مستوى الأداء المستهدف، لأسباب تتعلّق بعناصر الأداء، وهذا في المدى القصير والمتوسّط، بينما تطوير الأداء يعتني الوصول بمستوى أداء الموارد البشرية إلى مستويات أعلى من تلك المستويات السّابقة، ولو لم يكن هناك قصور في الأداء، وبالتالي التفوق على المنافسين. ومن هذا المنطلق فالتّحسين يعني الإصلاح والصّيانة ولا يستغرق وقتاً طويلاً، بينما التّطوير يستمر لمدة طويلة وتكلفته أكبر مقارنة بالّتحسين. تحسين أداء الموارد البشرية يعني التخلّص من العيوب التي تشوبه، مهما كان مصدرها )الدائرة، العمل أو الموارد البشرية(، وهذا دون الحاجة إلى استثمار كبير في تغير نظم الإنتاج وأساليبه وإمكانياته، فالتّحسين يكون بالاعتماد على الموارد والإمكانيات المتاحة، وبالتًّركيز على علاج المخالفات والأخطاء التي تعيق أداء الموارد البشرية لوظائفها كما ينبغي، بينما تطوير الأداء يكون من خلال اعتماد نظم وأساليب وإمكانيات جديدة بالدوائر الحكومية، فهو بذلك يتطلّب القيام باستثمارات إضافية لتحقيقه. بناءً على ما سبق نستنتج أن تحسين الأداء ضرورة حتمية لتصحيح الخلل في حالة ملاحظة تدني مستوى أداء الموارد البشرية مقارنة بالأداء المستهدف مهما كان مصدره، أي أنه بمثابة إعادة القطار إلى السكة، وهذا بالاعتماد على أقل التكاليف، بينما تطوير الأداء يعتبر خياراً استراتيجيا بالنسبة للمؤسسات، لكونه يستهدف الرقي بأداء مواردها البشرية إلى أعلى المستويات، من خلال تنمية كفاءاتها وتطوير أساليب الإنتاج وظروف العمل، الأمر الذي يحملها تكلفة أكبر، لكنه يعود عليها بنتائج أفضل على المدى البعيد. ولتحسين بيئة عمل الموارد البشرية من المهم اتخاذ خلال الإجراءات التالية: - القيادة الناجحة: يتطلب ذلك تحلي قادة الموارد البشرية بالثقة بالنفس وبالآخرين، والقدرة على التأثير فيهم بما يخدم مصلحة الجهاز الحكومي ومصلحة مواردها البشرية في ذات الوقت. - تمكين الموارد البشرية: نعني به منحها بعض الصّلاحيات للمشاركة في تحمل المسؤولية بالدائرة او المؤسسة الحكومية، وذلك في ظل تعهدها بالاستخدام الفعّال لهذه الصلاحيات. - تنمية كفاءات الموارد البشرية وتدريبها: يعني ذلك توفير بيئة عمل وظروف تمكنها من التزود بالمعارف والكفاءات الضرورية لأداء وظائفها كما ينبغي. - التّحفيز الفعال: يعتبر التّحفيز الفعّال أحد أهم مقومات بيئة العمل، ويعني القدرة على التأثير في دوافع الموارد البشرية وتوجيهها لمصلحة المؤسسة، دون المساس بمصالحها الشخصية. ان التدريب والتطوير يهدف الى التأكد من ان الموا رد البشرية العاملة في الجهاز الحكومي ودوائرها المتعددة الحكومية تمتلك المهارات والقدرات والمعارف الضرورية للتعامل مع متطلبات الوظيفة الحالية والمستقبلية، وزيادة معرفة العاملين وادراكهم بثقافة العمل واجواءه التنافسية لتعزيز جودة المنتج او الخدمة المقدمة للغير، فضلاً عن تشجيعهم على استثمار فرص ومجالات التعلم الذاتي لضمان مرونة اكبر في تنفيذ الاعمال وتلافي الاحتمالات الطارئة، وعليه فالنظرة الحديثة للتدريب تشتمل على ثلاث عناصر هي: التعلم الذاتي للفرد، تنمية القدرات والامكانات، اكتساب المهارات المهنية. والتي تلازم مراحل حياة الفرد العملية لتبدأ من مراحلها المبكرة قبل توليه العمل والتعيين، وتستمر بمرافقته ضمن حياته الوظيفية حتى تركه للعمل، لتأخذ مساراً اخر ضمن نفس التوجه لما بعد احالته على التقاعد في كثير من الاحيان. فالتدريب والتطوير يعد اليوم وسيلة ناجعة وفعالة لجعل الفرد العامل اكثر انسجاماً وتكيفاً مع احتياجات ومتطلبات العمل ومستجداته الداخلية والخارجية. فضلاً عن الدور المهم الذي تلعبه إدارة الموارد البشرية في رفع أداء العاملين فهي التي تقدم العنصر البشري المتخصص المتمتع بالكفاءة الذي يؤثر على المنظمة وأداءها. وبات جليا لنا الدور الذي حققته المنظمات اليابانية وقوتها ونفوذها في الأسواق وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية حيث أصبحت السلع اليابانية تنافس كافة السلع العالمية وأخذت بعض السلع المرتبة الأولى عالميا كل ذلك بسبب وعيها بدور العنصر البشري وأهميته كمحرك أساسي نحو التقدم والنجاح. وكما بيًنا في مقالنا فمن اجل ان يصل الجهاز الحكومي إلى تحقيق أهدافها المنشودة وتصل إلى المكانة التي تستطيع من خلالها منافسة المنظمات الأخرى ومواكبة التغيرات السريعة في البيئة كان عليها الاهتمام بكل ما يخص موردها البشري من ممارسات بهدف تطويرهم ورفع أدائهم، ومن أمثلة تلك الممارسات التخطيط ، تصميم وتحليل الوظائف ، التدريب ، التحفيز ، تقييم الأداء ،تعيين واستقطاب ومشاركة العاملين في صنع القرار. ولا يخفى عنا إن وجود نظام تحفيز فعال يطبق في المؤسسة يعد من أهم مكونات بيئة العمل الناجحة والفعالة، وفي ظل ازدياد حدة المنافسة بين الشركات كان لزاما وضروريا على الشركة أن تمتلك أنظمة إدارية فعالة ومدروسة لتحقق من خلالها التميز والتقدم وتضمن بقائها واستمرارها . وتبرز أهمية وجود نظام حوافز فعال في كونه يساهم بدرجة أساسية في رفع الروح المعنوية للعاملين وينمي لديهم الولاء والحب للمؤسسة او الدائرة الحكومية ويشعرهم بالأمان والاستقرار ويشبع الحاجات المادية والمعنوية لديهم الأمر الذي ينعكس إيجابي على إنتاجية العاملين وجودة المنتجات والخدمات المقدمة ويزيد من قوة المؤسسة سواء على الصعيد المحلي أو العالمي. وينبغي على المختصين وخبراء الموارد البشرية فهم الأوضاع الاقتصادية، والأنماط الوظيفية والتوجهات المستقبلية في مختلف القطاعات، وتفضيلات العملاء، والبيئات التنظيمية والتكنولوجية، وبعد تحليل التحديات التي يواجهها أصحاب المصلحة الرئيسيين واستيعاب توقعاتهم، واعداد دراسة حالة، كإعداد تقريراً شاملاً لتطوير أداء إدارات الموارد البشرية، والتي يجب اعتبارها بمثابة استجابة لتحديات العمل الحقيقية والمستقبلية. وفي ختام مقالنا نوجز أهم الطرق المتعددة لتقييم الأداء الوظيفي في الجهاز الحكومي منها ما هو بسيط ومنها ما هو معقد ومنها ما يمكن استخدامه لغرض واحد ومنها ما هو متعدد الأغراض وفيما يلي نذكر باختصار أهم الطرق التي يمكن استخدامها في تقييم الأداء الوظيفي وهي: - طريقة المقاييس المتدرجة البيانية : تعد هذه الطريقة من أبسط طرق تقييم الأداء، وتقوم على أساس حصر مجموعة من السمات والخصائص المراد تقييمها مثل الجودة والمصداقية ثم تحديد مدى لتقييم كل خاصية بدء من غير مرضية وحتى فائقة. - طريقة الترتيب العام: يقوم الرئيس في هذه الطريقة بترتيب المرؤوسين ترتيباً تنازلياً أو تصاعدياً حسب كفاءة كل منهم، واهم ما يميز هذه الطريقة أنها تتفق مع طبيعة عمل الرئيس إذ انه غالباً ما يقوم بترتيب المرؤوسين عند الإشراف والمتابعة الفعلية لعملهم. - طریقة المقارنات الثنائیة: تقوم هذه الطريقة على ترتيب المرؤوسين اعتماداً على المقارنة الثنائية بين كل فرد وباقي الأفراد للوصول إلى أفضل الموظفين، وتساهم الطريقة في جعل طريقة الترتيب أكثر دقة حيث يتم مقارنة كل فرد بالنسبة لكل خاصية بباقي الأفراد. - طریقة القوائم: وتتم هذه الطريقة بالاعتماد على مجموعة من الجمل توضع في قائمة معينة وهذه الجمل تعبر عن صفات معينة لمستوى أداء الموظف، ويقوم المشرف باختيار الجملة التي تتناسب مع مستوى أداء الموظف. - طريقة التوزيع الإجباري: تتم هذه الطريقة بقيام المشرف بتوزيع مرؤوسيه حسب قدراتهم وكفاءاتهم على شكل منحنى طبيعي حيث تقع النسبة العالية في أي مجموعة كبيرة في الفئة المتوسطة ثم تتدرج التوزيعات بنسب أقل بالتساوي على طرفي المنحنى. - طريقة الاختيار الإجباري: تتم هذه الطريقة على تحديد مجموعة من الصفات الإيجابية والسلبية لأداء وسلوكيات الموظف ويقوم الرئيس بعد ذلك باختيار أي من هذه الصفات التي تنطبق على كل موظف وسميت بهذا الاسم بسبب أن الرئيس مجبر على اختيار عدد محدد من الصفات الموجودة لديه. - طریقة الأحداث الحرجة: وفي هذه الطريقة يقوم الرئيس برصد كافة الأحداث والملاحظات التي توضح كفاءة العامل أو عدم كفاءته ويستخدم الرئيس في هذه الطريقة سجلا تدون فيه كافة الأحداث (إيجابية أو سلبية ) ويستشهد ببعض العوامل عند تقييم مرؤوسيه قليلي القدرة على تحديد المشكلة أو الظاهرة والمبادأة في اتخاذ القرار بالتعاون مع الرؤساء والزملاء. - طريقة الإدارة بالأهداف: تقوم هذه الطريقة على إشراك المرؤوس في تحديد الأهداف التي يجب أن ينجزها في عمله، ويتم ذلك بالتشاور مع رئيسه ، ومن ثم محاسبته وتقييمه على أساس ما يتحقق من هذه الأهداف. ومن أهم ميزات هذه الطريقة أنها تهتم بالأداء في المستقبل وتنمي قدرة الفرد على تحديد أهدافه وتحليلها.
|