الجمعة 2024/3/29 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 20.95 مئويـة
في يوم التسامح لا تسامح
في يوم التسامح لا تسامح
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد السيد محسن
النـص :

خلال زيارة بابا الفاتيكان الى مدينة اور التاريخية , واكماله الحج الاكبر الذي انتظرته الكنيسة وزعاماتها عشرات السنين , اقترح البابا في خطبة الصلاة ان يخصص العراق يوما للتسامح .

لفت انتباهي احتفال قلة من العراقيين من اصحاب القرار بلا شك , في ذكرى زيارة البابا , واحياء يوم التسامح , هم مشكورون على احيائهم هذا اليوم , بيد ان الحضور المتواضع جدا اخجل اليوم وذكراه , واعطى صورة واضحة على ان لا احترام للتسامح في العراق , والمثير بالامر ان صاحب الدعوة ليوم التسامح هو زعيم ديني والمتفاعلين معه هم من التابعين لاحزاب دينية , وهم جميعا قرأوا ما قاله رسول الانسانية محمد بن عبد الله "ص" : جئتكم بالشريعة السمحاء , هذا يعني ان الدين أوصى بالتسامح قبل ان يوصي به سياسيون ينتمون الى احزاب تابعة الى التدين السياسي.

كان الامل ان ينتبه الاسلاميون "حصرا" الى اهمية هذا اليوم لاستغلال ذكراه في تبييض صفحتهم امام كارهيهم , الذين بدأوا يكثرون وتتزايد اعدادهم كلما اكتشفوا ان التشبث بالدين ما هو الا محاولة للبقاء في مشهد السلطة , وليس هناك عقيدة للسياسي سوى اجادته فن البقاء في السلطة , حيث ان المتدين السياسي هو اكثر من اتهم بالايغال بدم المسلمين وغيرهم , ولاسباب سلطوية وطائفية وغيرها, الامر الذي يدعوه الى ان يدعم اي مناسبة يمكن من خلالها تأسيس وجهة نظر اخرى مغايرة لما تم تأسيسه استنادا الى تصرفاتهم وهم يعتلون سدة القرار في العراق.

كان من الممكن ان يرسل احدهم رسالة طمأنينة الى الصحفيين واصحاب الرأي من العراقيين الذين طالتهم التهديدات , وبسببها خرجوا من بلادهم , وطاردوهم من اصحاب القرار الذين تلهث السنتهم بالتسامح ومبادئه السامية , تلكم كان من الممكن ان تكون رسالة خير من قبل الذين تسنموا السلطة في العراق بعد ان اتهموا بان الدم في زمنهم سال بالابطح ولم تكن سيرتهم حسنة لانهم تشبثوا بقضيتين احداهما لا تشبه الاخرى , الاولى تشبثوا بالدين والفضيلة , وثانيهما تشبثوا بالسلطة واستخدموا كل وسائل الاستحواذ ومنها الكثير ما كان سيئا وعنيفا تلقاه العراقيون بحياتهم ووضعهم الاجتماعي وتغيير جغرافية المكان القسرية التي عانى منها اصحاب الرأي ووجهات النظر المخالفة لاصحاب السلطة.

ان عراق اليوم يحتاج الى احياء يوم للتسامح , وان تكون فيه مبادرات من قبل الذين يتهمون بعدم التسامح , ولكن هؤلاء للأسف لم يصخوا الى ما يعنيه مصداق التسامح , فهو مفهوم يتم استخدامه من قبلهم لحشو كلماتهم المنمقة التي يغلفون بها خطبهم العصماء , ولا تشبه تصرفاتهم , ولو كان في العراق تسامح لما وصلت الامور الى ما الت اليه اليوم .

لو كان في العراق تسامح لما ضج العراقيون من كتمان معاناتهم الى صراخات الشارع وما جرت على بعضهم من حنق السلطة , ومن معها من الاطراف المرقمة , فتم ترجمة الحنق عليهم بالقتل والاغتيالات والتغييب .

لو كان في العراق تسامح لما تشبث العراقيون بماضي الاجرام والدكتاتورية وتمنوا ان يعود بأيامه السوداء ليتخلصوا من حلكة ما وضعهم به من تسنم الحكم من بعده.

لو كان في العراق تسامح لما شاع السلاح المنفلت بين ابناء العم والاخوة , حتى ازدحم قاموس العراقيين بمصطلحات جديدة من قبيل "الدكة" العشائرية وما شابهها .

لو كان في العراق تسامح لما ازدحمت قاعات القضاء العراقي بقضايا ضد صحفيين واصحاب رأي , لقمع حريتهم مستغلين بعض القوانين البالية.

المشـاهدات 450   تاريخ الإضافـة 07/03/2022   رقم المحتوى 13753
أضف تقييـم