غرباء أوطانهم .. ---------------------------------- وهن والم وشظف عيش لا يطاق تلك هي سمات الصورة ومعالم المشهد في مخيمات النازحين في كركوك وخلف عنوان معاناتهم تقبع تفاصيل مؤلمة لا تنتهي فمن الترهيب والعوز والظنك وتفشي الاوبئة مروراً بكل معوقات الرحلة المحفوفة بالموت المحدق على طول طريقها وصولاً الى المخيمات التي تحط الرحلة رحالها في محطة استغاثة لا استرحة .النازحون من قضاء الحويجة والنواحي والقرى التابعة لها رووا لنا قصصاً لا تخطر على البال ووصفوا لنا قصة رحلة النزوح المحفوفة بالمخاطر بما لا يمكن للكلمات ان تختزله يقول nbspمحمد صالح نازح من الحويجة : عشنا اصعب اعوام اعمارنا تحت سيطرة داعش الظلامي الذي جائنا في البداية يرتدي قناع المخلص واذكر حينها انهم _اي الدواعش_ كانوا يتوزعون على الطرقات الرئيسية ويوزعون الحلوى الجكليت على الاطفال اثناء مرور السيارات التي تقلهم وكانوا nbspيعلنون بأنهم جائوا لتخليص الاهالي من ظلم الجائرين من صناع القرار الحكومي والقابعين على السلطة لكنهم سرعان ما نزعوا ذلك القناع وظهروا بوجههم الحقيقي المدجى بالسواد وسرعان ما بدأوا بسياسات الترهيب بعد فترة قصيرة من الترغيب يستدرك : اتذكر انني قد تم احتجازي في غياهب سجونهم تحت امرة ما يطلقون علىة انفسهم بالحسبة لمدة خمسة ايام ذقت فيها شتى انواع العذاب فقط لاني دخنت سيجارة ورأني احدهم حينها بعدها قررت فوراً ان اهرب من المدينة انا وعائلتي وظل هذا الهاجس يراودني طول فترة بقائي يقول صالح ثم يؤكد بأنه بقي هناك فقط لانه كان لا يريد المغادرة دون حسم موضوع ممتلكاته وارضه الزراعية التي تعتبر المصدر الوحيد لرزقه ولمعيشته وعائلته الوحيدة عوضاً على ان تكاليف رحلة النزوح كانت باهضة وخطرها كبير جداً.ابرز المصادر المطلعة اكدت على ان تكلفة الرحلة للهرب من بطش داعش واللجوء الى النزوح عنه تكلف الشخص الواحد قرابة 600 الى 1000 دولار امريكي اغلبها تذهب الى دليل الرحلة وربانها المهربجي او المعبرجي والذي يقوم بعد جمع الاعداد اللازمة واستيفاء المبالغ منهم عن طريق وسيط بتحديد ساعة الصفر ومن ثم قيادة الرحلة في طريق يعرفه هو وحده و يحفظه جغرافيته عن ظهر قلب .مريم عواد نازحة من الحويجة تقول : بعد ان ذقنا الامرين على يد الخفافيش الداعشية قررنا الهروب والنزوح في رحلة صدقاً nbspلا نعرف مصيرها ولا مصيرنا فيها فبعنا كل ما نملك حتى نصف طعامنا من اجل اكمال مبلغ المعبرجي وسرنا في الليل الى نقطة اللقاء وهناك وجدناه ينتظرنا مع عوائل اخرى تستعد للهرب فسرنا خلفه وهو يكلمنا بلغة الاشارة ويخفي وجهه بلثام مثخن وفي الطريق وبعد ساعات طويلة من السير المكلل بالجوع والعطش واعراض المرض nbspاردنا التوقف للاستراحة لان كبار السن والاطفال انهكو من السير في الطرقات والوديان وبين شقوق الارض والدماء تسيل من اقدامهم جراء جروح لا نعرف اسبابها في الطريق لكن قائد الرحلة رفض بشكل قاطع وهو يشير علينا بسلاحه quot ان من يتوقف سيواجه الموت quot فواصلنا السير مخظبين بالدماء حتى تفاجئنا بالمعبرجي وهو يتلقى اتصال هاتفي سريع اربك تصرفاتهواضافت : طلب منا ان نعود ادراجنا ونلجأ الى وادي ضيق نسير فيه بوجهة اخرى وهنا تحدث لاحدنا بعد صمت مخيف وقال : امامنا مفرزة لداعش كشفوا طريقنا القديم فوضعوا مفرزة امامنا لتقتل كل من يمر هارباً و لذلك سنسلك طريق اخر ابعد قليلاً واثناء الرحلة الطويلة وبينما كنا نوشك على الوصول واذا بصوت انفجار يدوي بقربنا.هنا اكمل خلف عاصي الكلام عن زوجته مريم فقال : انفجرت بالقرب من مجموعة منا عبوة ناسفة ويبدو ان احدنا كان قد داس على لوح طويل شبيه بالمسطرة مخفي في الارض تمتد معه اسلاك دقيقة تصل الى العبوة التي كانت تبعد عنا اكثر من عشرين متراً وبعد انجلاء الغبار الذي احدثه الانفجار بدئنا نتفقد بعضنا البعض حتى وجدنا احد كهلاً منا قد اصيب وفارق الحياة في الوقت الذي اختفى فيه الدليل المهربجي مع اختفاء الغبار واصلنا السير حتى وصلنا مشارف سواتر قوات البيشمركة فصنعنا من ملابسنا البيضاء حصراً رايات علقناها على عصي ورفعناها ملوحين بها لطلب الامان بالاستمرار بالسير حتى وصلنا اليهم فاستقبلونا ونقلونا الى الخطوط الخلفية وهناك تلقينا الاسعافات الاولية وشي من الماء والغذاء .ضابط من قوات البيشمركة فضل عدم ذكر اسمه قال : نحن نستقبل النازحين الهاربين من بطش داعش ضمن مجموعات وعوائل فنؤمن نقلهم الى المناطق الامنة ثم يتم التنسيق مع الجهات الامنية nbspالمعنية التي تقوم بالتحقيق مع الرجال للتأكد من سلامة موقفهم الامني في الوقت الذي تتم عملية نقل النساء والاطفال وكبار السن الى المخيمات بالتنسيق مع دائرة الهجرة والمهجرين .قادر علوان نازح وناشط مدني لفت الى ان المخيمات لا تخلوا من معاناة اهلها وقال : ان نقص الغذاء والدواء والمساعدات الاخرى وحرارة الجو صيفاً وبردته شتائاً عوضاً على التشديدات الامنية على النازحين في المخيمات جعلت منها اشبه بمعتقل جماعي يتم احتجازنا فيه في ظل المعاناة الشديدة ومؤخرا شهدت المخيمات حالات انتحار لنازحين لم يطيقو العيش فيها في حين تعرضت بعض الخيام الى التلف جراء تعاقب الرياح والامطار علها nbspو اخرى احتراقت على رؤوس اصحابها الذين لم يكن ذنبهم سوى انهم اشعلوا النار داخلها nbspليخففوا عنهم برد الشتاء فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.عمار صباح مدير الهجرة والمهجرين في كركوك يقول : ان كركوك استقبلت اعداد هلئلة من النازحين ومن مختلف المحافظات المنكوبة ومن قضاء الحويجة 70 كيلو غرب كركوك وحدها استقبلنا اكثر 25000 عائلة وان طاقة المحافظة nbspتكاد تكون لا تستوعب هذه الاعداد الكبيرة في ظل وجود نازحين من مناطق ومحافظات اخرى تم تحرير مناطقهم ومدنهم ولايزالون في محافظة كركوك nbspولفت الى ان quot المحافظة اسكملت تجهيز مخيم بسعة 2100 خيمة لنازحي الحويجة الذين نتوقع وصولهم ابان معركة تحرير القضاءquot.خلاصة بلسان حالهم : nbspسائرون سارحون وبوجه الارض نمشي هائمون واذا ما حل ليل افترشناها ونمنا والتحفنا بالعراء لنظن الظن سهواquot اننا فيها سنغفى وننم مستترون ثم نحلم ان فينا الخير وافر نحلم الحلم ولا ندري بباجر هل لنا فيه غذاء ؟ هل سيعطونا الدواء ؟ نتسائل ؟ نتفائل ! فنقول : ربما ان لم يصلنا في الصباح سيصل حتماquot الينا في المساء ونتمتم بأزداء حالنا لا لا عزاء سائرون كيف يمكن ان نكون ؟ والمأسي رافقت درب الأتون كيف يمكن ان نكون ؟ والخطى سارت لتغتال خطاها ومشت ترقب درب ليل مظلم بلا عيون سائرون سارحون هائمون هل عرفتم من نكون ؟كيف لا ! دون شك تعرفون اننا من قيل عنا نازحون . ---------------------------------- المواطن الصحف أضيف بواسـطة : addustor المشـاهدات : 722 تاريخ الإضافـة : 24/04/2022 آخـر تحديـث : 25/03/2024 - 13:36 رابط المحتـوى : http://addustor.com/content.php?id=14198 رقم المحتوى : 14198 ---------------------------------- جريدة الدستور Addustor.com