في الهواء الطلق ثقافة التبعية واعداء الداخل |
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب علي عزيز السيد جاسم |
النـص : سر قوة المجتمعات يكمن بموروثها التاريخي ومجموع القيم والعادات والشرائع والقوانين المتوارثة والتمسك بالثوابت المبدأية والاخلاقية وما تربت عليه تلك المجتمعات بدءاً من الاسرة ووصولا بالمدارس والجامعات و التعاملات العامة التي تنتقل بديهيا من جيل الى اخر بحكم التعلم والاقتداء بالاب و الام والمعلم وصاحب العمل والى غير ذلك. وترتبط منظومة السيطرة على تعليم الجيل وثقافته بالمحيط العام ومؤثراته الفاعلة الاخرى من وسائل الاتصال المتاحة بين المرسل والمتلقي ، ولما كانت الحكومات الدكتاتورية القمعية قد انتهجت طريقة الكبت والتضييق وحصر وسائل التواصل والتصال الرسمية وغير الرسمية بيدها ، فقد استطاعت ان تخلق ثقافة ووعي معين يرتبط بنهجها السلطوي وبالتالي باتت العديد من ابجديات تلك الحكومات الدكتاتورية متوارثة لاجيال لاحقة حتى بعد زوال مسبباتها اي زوال تلك الحكومات و ادواتها الاتصالية البدائية. بعد غزو العراق في 2003 تغيرت المعادلات من تضييق وخناق الى انفلات وانحلال وهتك لجميع القيم و الاعراف ، ومن الفقر المدقع الى الثروة المهولة والغنى الفاحش ، ومن السيطرة على الحشمة الى عدم القدرة على مسك ادوات نشر الفاحشة ، ومن التدين الحقيقي الى الاصطناع وتشويه صورة الدين وسمعته ، ومن العلم والمعرفة الراسخة الى التسطيح المعرفي والعلمي والثقافي ، ومن الثقافة المكتنزة المعتمدة على مصادر الكتب الزاخرة الى ثقافة التلقين التشويهي الالهائي عبر ما يسمى بشبكات التواصل الاجتماعي التي هي في حقيقتها ادوات لتفليش التواصل الاجتماعي وخلق ثقافة هزيلة متبخرة لا تفيد بمعلومة بقدر ما تسهم ببث السموم المعلوماتية ولا بأس بدس العسل في السم للخداع وتسهيل الاقناع ومن ثم تحقيق الادمان والاتباع وبالتالي قيادة تفكير الطبقة الاعم في المجتمع والتأثير على الجمهور المنقاد الذي يبحث عمن يلبي رغباته السطحية وشروده عن التفكير المعمق في مواضيع مقدرات البلد ومستقبله وصرفه الى الانشغال بالامور الوقتية والبحث عن الترفيه السخيف غير الهادف ، وذلك ما يترجم ظهور شخصيات من الشباب التافه وممن الصق بهم تسميات لا يمتون لها بصفة من اعلاميات واعلاميين و مشاهير لديهم عشرات الآلاف من المتابعين بين ليلة وضحاها بينما غيب وعتم على كل ما يمت للفكروالثقافة والوعي الحقيقي بصلة. لا يوجد شيء مفاجئة او مصادفة ، ولا يوجد شيء يدخل عنوة ويتوغل بين صفوف المجتمع اذا لم يكن يحمل مسوغات تمريره ودخوله واذا لم تكن هناك دراسات مسبقة قرأت المزاجيات وكيفية التأثير على الطبقات المجتمعية وكيفية ضربها ثقافيا وتحويلها الى مجتمعات متأثرة منقادة عبر وسائل التواصل التي لم تجد من يقف بوجهها وكشف زيفها لانها تحمل مبررات قوتها و مستندة الى بحوث ودراسات اكسبتها مسبقاً القوة والقدرة على المناورة والحجة في المناقشة لدرجة انها استطاعت ان توكل لها الملايين من المحامين من الغافلين الذين تمت السيطرة على اذهانهم فضلا عن الجيوش المعدة مسبقاً للدفاع عن تلك الوسائل التي حُولت الى مفسدة في ظل ضعف البدائل وعدم قدرتها على المنافسة هي ادوات لتهشيم المجتمع العراقي وبدأت تأتي أُكلها بمساندة مجموعة كبيرة من وسائل الاعلام الهدامة التي تقف امامها وسائل اعلامفقيرة من حيث الدعم والتمويل ومن حيث المنهجية والمهنية. شخصيات كبيرة متورطة في هذا المشروع الصهيوني الامريكي قبضت وتقبض ملايين الدولارات ، مقابل ان تبيع كل شيء من اجل تحطيم العراق وجعله بلدا ضعيفا منقادا وتابعاً ومكبلا بمديونيات مهولة كفيلة بضربه ضربة قاضية لا تقام لها قائمة في المستقبل المظلم.لكن الآمال والرهان يبقى قائماً للوقوف بوجه اعداء العراق من داخله قبل ان يكون التحدي مع الاعداء من خراجه ، الرهان يبقى قائماً على طريق التحرر الذي لا يعبد الا بدماء الاحرار. |
المشـاهدات 556 تاريخ الإضافـة 25/04/2022 رقم المحتوى 14217 |