الثلاثاء 2024/4/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 26.95 مئويـة
النواب المتمرد الاخير
النواب المتمرد الاخير
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علاء الخطيب
النـص :

مالم تكن متمرداً فلن تكون قادراً على  فهم معنى الثورة، فماذا لو تكون شاعراً متمرداً ؟؟

 تخيل لو انك تعيش مهادناً ، هل ستشعر بالظلم. ستجلس في بيتك وانت تحتسي كأسك بنشوة، و تصوغ الكلمات حسب مَنْ  يملأ لك الكأس.

التمرد صفة لا يمتلكها الا الثوار ، واصحاب المواقف العظيمة ، التمرد شجاعة متناهية للوقوف بوجه التسلط والاستبداد.

يجيب  الشاعر الروسي بوريس باسترناك  عن سؤال " ماذا يعني ان تكون شاعراً"

يقول : " إنه يعني فهما ً للأمور بتعمق ٍ كامل وتسليحا ً لذاتك بالرقة والحساسية وأن يعيش المبدأ في دمائك ويغتسل في عروقك"

مظفر النواب كان مفعماً بالحساسية، شجاعاً في النقد، صريحاً في انتقاء المفردة ، وعين نافذه لكل ماهو جمال وظلم في ان واحد .

  فحينما يكتب " حن و آنه حن "  باحساس مرهف يكتب " قمم قمم "

 حالة التمرد لدى النواب حالة مثمرة منتجة . هو ليس متمرداً عادياً ، بل كان منتجاً في تمرده ، فقد انتزع الكلمات من طابعها السكوني الى ديناميكيتها الحركية.

فقد وظَّف المفردة النقدية وجعلها مفردة متمردة متداولة.

مظفر كان صادقاً في تمرده، رقيقاً في حبه لوطنه، عشق الثورة والثوار دون شروط، وفهم ان الثورة ليست مكاسب ومغانم وانما تضحية وفداء من اجل قضية اسمى من كل مباهج الدنيا  فيقول في قصيدته : " الوقوف بين السماوات ورأس الحسين "  " تعلّمتُ منكَ ثباتي وقوّةَ حزني وحيداً

فكم كنتَ يومَ الطفوفِ وحيداً

ولم يكُ أشمخُ منكَ وأنتَ تدوسُ عليكَ الخيولْ" .

 اراد ان يقول  ان النصر ليس مادياً ، فالنواب ربما لم ينتصر مادياً ولم يكن. كشعراء البلاط الاخيرين ، لكنه انتصر  معنوياً وحفر في وجدان العرب والعراقيين اخاديد من الحب له.

كما ان لدى النواب مفهوم وحدة الظلم الذي لا يتجزأ فالحسين   وفلسطين والعراق وكل البقاع التي تتعرض للظلم  قضية واحدة في رأيه ، فيعود في نفس القصيدة آنفة الذكر فيقول :

 

"لستُ أبكي

فإنّكَ تأبى بكاءَ الرجالِ

ولكنّها ذرفتني أمام الضريحِ عيوني

يُطافُ برأسِكَ فوق الرماحِ

ورأس فلسطين أيضاً يُطافُ به في بلاد العروبةِ

يا للمروءةِ والعبقرية بالجُبن

أما العراقُ فيُنسى

لأن ضريحَكَ عاصمةُ الله فيه

وجودُ بنيه أقلُّ من الجودِ بالروحِ

جودٌ خجولْ"

 

 فبين المنافي والغربة والسجون رحلة طويلة عاش فيها مظفر بشغف، دون ملل ، حتى في ايامه الاخيرة كان يعشق الارض ويعشق الانسان ، عاش متمرداً. ومات متمرداً ، وسيبقى ايقونة الشاعر  المتمرد الثائر العاشق .

 

المشـاهدات 429   تاريخ الإضافـة 23/05/2022   رقم المحتوى 14405
أضف تقييـم