لقد تحدثتُ عن اللحوم المستوردة من مناشئ مجهولة وغير رصينة , والمعروضة في الأجواء الملوثة وتحت أشعة الشمس , أكثر من مرة .. وسلّطت مُعظم وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة الضوء على هذه الظاهرة غير الصحية , إلا إنها ما زالت شاخصة وبشكل يتحدى سلطة القانون وشعارات وزارتي الصحة والبيئة وجهاز التقييس والسيطرة النوعية وإنذاراتها (( الإعلامية )) الرنانة , وتحذيراتها التي تقضي بعدم ترويج أو تناول الأغذية المُعلّبة والمغشوشة واللحوم المجمدة إلا بعد التأكد من صلاحيتها للاستهلاك البشري وعدم نفاذ التواريخ أو تزويرها , وتؤكد على عدم طرحها في العراء مكشوفة تحت أشعة الشمس والغبار وقرب مصادر التلوث وبؤر النفايات والحشرات .. ولكنها مجرد ( حبر على ورق ) ..

وتتكرر هذه الحشرجات والنداءات التحذيرية عبر معظم الوسائل الإعلامية , حتى لا يكاد يمر يوم إلا وتطالعنا فيه بعض الصحف المحلية والفضائيات وحتى بعض صفحات ( التواصل الاجتماعي ) بإنذارات الوزارتين المعنيتين - الصحة والبيئة - ولكنها مجرد ( إنذارات وتحذيرات فاشوشية ) لا تأثير لها على أرض الواقع .. ولم تحد ولو نسبيا من تدفق الكميات الكبيرة من اللحوم المجمدة والمعلبات الغذائية المغشوشة والمنثورة بشكل عشوائي ومقزز أمام المحال والأكشاك وعلى الأرصفة المحاذية لمخازن ومحال الباعة غير المحصنين , وبدون خشية من رقيب أو حسيب ؟؟

فهل تمكنت الأجهزة الرقابية ( المقيمة ) في المنافذ الحدودية والكمركية أن تحول دون تسلل ( الشاحنات المعبأة بهذه اللحوم المجمدة والمعلبات الفاسدة ) وهي في الغالب محروسة بحمايات بعض المتحاصصين في السلطة , أو مدعومة - بعطايا وسخاء - التاجر المورد و ( هداياه ) التي يغدق بها على بعض          ( الرقباء ) المتواجدين في المنافذ المشرعة ونقاط السيطرة غير المحصنة ؟!

لقد بُحّت الأصوات , ولكن ( هل يسمع الصُّم ) هذه النداءات والاستغاثات ؟؟

إن كل شيء يوحي بأن الإنسان العراقي - بعد الاحتلال والسقوط - أصبح حقلاً للتجارب , ومصدراً لتصريف كل ما هو مغشوش ورديء .. فهل من مستجيب لهذه النداءات المحذرة من تدفق اللحوم المجهولة المصدر والمعلبات المغشوشة وغير الصالحة للاستهلاك ؟