الثلاثاء 2024/4/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 26.95 مئويـة
عيد أخر لذكرى صحافتنا العراقية
عيد أخر لذكرى صحافتنا العراقية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب الدكتور صباح ناهي
النـص :

عند الاستذكار اشياء كثيرة من قبيل  (حتى )، وكثيرة من ( ليت ) وقليل من (ربما )، حين تحاول ترتيب اوراق الحديث عن تاريخ طويل ، كتاريخ الصحافة العراقية ، في الخامس عشر من حزيران 1869 ، ياله من عمر مديد والمهنة تمضي وتتطور منذ المصلح مدحت باشا مؤسس اول جريدة عراقية ( الزوراء ) الذي اسهم في صياغة تاريج حديث ، وقتها للدولة العراقية بولاياتها الثلاث ، بغداد والموصل والبصرة ،

  وكان رائدا ً في ادخال الصحافة الى البلاد الغارقة وقتها ، في سبات طويل ليوقضها بالزوراء اول جريدة عراقية ، مأخوذا ً من اسم أخر للعاصمة العراقية بغداد ، وكان يدرك الوالي المبدع المصلح  مدحت باشا قيمة ودلالة ان يكون حاكمها ، وهي رغم نكباتها منذ السقوط الاول في 1258 على يد المغول توالى عليها عتاة المحتلين الذين استباحوها فانكفأ اهلها بما يشبه الكيتوات في قبائل وحارات يزرعون ويعملون ليأكلوا حتى تستمر حياتهم على الكفاف ، رغم العوز والعزلة ، ويجمعون الغلة ليقتسموها مع الولاة والطغاة ليدرأوا شرورهم ويكسبوا ودهم وكفاهم شر القتال غير القادرين عليه في حقب مسميات دول بدأت من المغول والتتار ودولة الخروفين الابيض والاسود والسلاجقة والبويهيين نزولا للصراع الفارسي العثماني ، ودويلات المدن المنزوية في العتمة من التاريخ ، حتى مجئ الوالي مدحت باشا العثماني المصلح الذي رتب اوضاع بغداد لتستعيد مجدها ولاية ودولة ، فاصلح دواوينها وقوانينها، ونظم ري الانهر وامر بكريها واهتم بالفلاحة والزراعة والبستنه ليعيد للناس بعضاً من حياتهم الضائعة،

   وعلى هامش كل ذلك وغيره الكثير انشأ اول صحيفة عراقية سماها الزوراء ، واستجلب مطبعة حجرية وصار الناس تتلقف اوامر الحكومة وتقرأ تعديل وسن القوانين ، وتنتبه الى عصر ورقي جديد يتمثل بالصحافة ، رافقها انتعاش الحياة ونمو  المدن التي استعادت بعضا من ذاكرتها المعطوبة ،

الصحافة الورقية كانت اول إشعار للناس بأن عصرا ً جديد بدأ في العراق وان عالما ً أخر مقبل يتشكل ، بارادة ووعي والي مصلح تأثر بعصر التنوير الفكتوري والحريات الفرنسية وقوانين العالم الجديد ،، التي بدات تشّرع ليسير العالم في ركب الحرية ، و العجلة التي تدور ، وهو يدرك عن وعي ان صناع العجلة والكتابة هم العراقيون لا غيرهم لكن فرسهم كتبت على يد الطغاة والولاة الذين تعاقبوا على حكم العراق منذ اامغول ، وكانوا لايعرفون سوى الاستيلاء على ثروات البلد ونهب خزائنه ،

فالصحافة اليوم مديونة لذلك المصلح الفذ الذي اوقظ ذاكرة الشعب وطرق ابواب التحضر ، وكان نواة بناء الحضارة الحديثة في العراق ، يستحق ان ينُصب له تمثال في إحدى شوارع بغداد ليدرك الناس قيمة مؤس عصر التنوير العراقي ، مدحت باشا ، مؤسس صحيفة الزوراء ، اول صحفنا العراقية وثاني صحيفة في تاريخ الشرق الاوسط بعد (الوقائع المصرية )1828 ، أي بعد واحد واربعين سنة، ورحلة طويلة لصحافتنا استمرت ما يزيد عن قرن ونصف ، من العمل الصحفي الذي اسهم بايقاظ النائمين وحقق تمنيات الحالمين ، واربك سلطات الولاة والطغاة ، حتى صارت الصحافة سلطة نفخر بها ونفاخر باننا كنا روادا ً فيها ، وتربعنا على عرش الاوائل ممن اسسوا فيما بعد صحافات اذاعية وتلفزيونية ، وصارت لنا جامعات لتدريسها وتحويلها من الهواية للاحتراف ، نحن اليوم مقبلين على تحديات واسعة في حريات المجتمع التي تدافع عنها الصحافة ،وتكفل العمل الديمقراطي الذي يمّكن الشعب من قيادة نفسه ويدير حياته في عصر التداول الحر للسلطة ،واستقلال السلطات ، ووقف نزيف الفساد ،ودعم السلطة القضائية لتحقيق العدالة .

المشـاهدات 389   تاريخ الإضافـة 14/06/2022   رقم المحتوى 14649
أضف تقييـم