السبت 2024/4/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 24.95 مئويـة
سعدي يونس بحري الى متى يخسر الوطن ابنائه المبدعين ؟
سعدي يونس بحري الى متى يخسر الوطن ابنائه المبدعين ؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الانصاري
النـص :

لو اردنا ان نحصي كم المبدعين في العراق الذين طالهم التهميش  واهملت مشاريعهم  الفنية والثقافية والعلمية  الراقية اولئك الذين  نذروا  حياتهم  وانفقوا  سنين اعمارهم  للفن والابداع الذي  تعلموه من خلال الممارسة وكذلك  الدراسة داخل الوطن وخارجه  لتطوير مواهبهم واكتساب الخبرات العالمية بل ان الكثير منهم قد تعرضوا للاجحاف والمضايقة  والاقصاء والمتابعة والضغوط من قبل السلطات مما اجبروا على مغادرة الوطن قسرا او هم اختاروا الهجرة بحثا عن  افاق تلبي بعض مطامحهم وتمنحهم حرية لتنفيذ افكارهم وانجاز مشاريعهم الانسانية والابداعية

ولعل الفنان الدكتور سعدي يونس بحري واحدا من هؤلاء المبدعين الذين درسوا الفن في فرنسا وعاد الى الوطن حاملا شهادة الدكتوراه ليصبح استاذا في اكاديمية الفنون أبان عقد السبعينات والثمانينات  محاولا تقديم خبراته التي استمدها من باريس مدينة النور والتنوير ،  فالى جانب وظيفته الجامعية كانت موهبته التمثيلية حاضرة في الكثير من الاعمال الفنية التي قام بتجسيد ادوارها سواء في السينما او المسرح والاذاعة والتلفزيون فمن ينسى ادواره في فيلم الظامئون واعماله الرائعة في المسرح مثل يوميات مجنون للكاتب الروسي غوغول وملحمة كلكامش التي برع في اسلوب تقديمها من خلال قيامه بتجسيد جميع شخصياتها واعادة كتابتها  لاكثر من مرة بطريقة مسرحية اخاذة مكنته ان يتنقل بها في كثير من مسارح العالم  كما استطاع الفنان سعدي يونس ان يبرع ايضا في ما يسمى بمسرح الشارع   وهو نمط مسرحي  عرفته فرنسا ارتبط بجمهور الطبقات الكادحة والتعبير عن قضاياها وكفاحها واصبح له مهرجانات مهمة مثل افنيون الذي تأسس عام ١٩٤٧ ولا يزال وكذلك مهرجان ادنبرة في انكلترا وقد  حاول  الفنان سعدي ان ينقل هذا الاتجاه المسرحي الى العراق فبادر ذاتيا  لانتاج عدة مسرحيات في هذا  المنحى منها  الاستعراض الكبير ، الدربونة، بنادق الام جيرار للكاتب والمخرج الالماني برتولد برخت وحكاية الفلاح عبد المطيع للكاتب المصري سيد حافظ وقد جال بمسرحياته هذه معظم محافظات العراق وقدمها في اماكن مختلفة كالمقاهي والمصانع والحدائق والساحات العامة  اجتذبت الالاف من الجمهور الذي اعجب بها وصفق لممثليها. لقد تحمل الفنان سعدي يونس على عاتقه هذا النشاط وكان يحاول بقدراته الذاتية وفريقه المعدود ان يضىء بافكاره مساحات الوطن لكنه بعد جهود مصنية شعر بالاحباط نتيجة عدم الاهتمام من قبل المعنيين في الشأن الثقافي وانشغالهم بمجالات اخرى من شأنها تقديم المديح وتلميع صورة السلطة وتشديد الرقابة على الاعمال الثورية الناقدة لذلك قرر الفنان يونس مغادرة الوطن  عائدا الى فرنسا مرة اخرى كي يتنفس عبق الحرية ويمارس عطائه الثر  الذي مايزال من خلاله يضيف الجديد لرصيده الابداعي عبر مختلف النشاطات السينمائية والمسرحية والتمثيلية ولعل اخر اعماله هو مشاركته مع الكاتبة و المخرجة الفرنسية  كارولينا جويلا في مسرحية أخوة” التي حملت اسم FRATERNITÉ بالفرنسية وهو عرض يقدم فكرة فلسفية وانسانية خلال ازمة عامة وظفت المخرجة  عدد من فناني العالم ليجسد كل منهم ملمحا انثربولوجيا عن وطنه بلغته الاصل في توليفه فنية متداخلة و رائعة مازال العرض يقدم  ضمن جولات منتظمة في مسارح العالم الشهيرة منذ العام الماضي وحتى الان

ان تناسي مثل هكذا فنانين عراقيين في مختلف نواحي الابداع يعد خسارة كبيرة للوطن ومن هنا نناشد المعنيين في وزارة الثقافة والتعليم العالي ونقابة الفنانيين الى ضرورة الانتباة والاهتمام بالكفاءات العراقية المبدعة اسوة بالدول التي تحترم مواهب وطاقات شعبها وتمنحهم الكثير من الدعم والرعاية والتكريم

وهذا جزء بسيط من المسؤولية الوطنية لمن يريد للعراق البناء والتطور والنهوض ونعتقد ان الوطن اليوم بحاجة ماسة لاصحاب العقول والمواهب والكفاءات المبدعة لكي يساهموا في ترميم هذا الخراب الذي طاله  وما يزال والاسباب باتت واضحة ومعروفة .

المشـاهدات 1263   تاريخ الإضافـة 26/08/2022   رقم المحتوى 15217
أضف تقييـم